مصادر مختلفة:
قدمت مدينة النجف في تاريخها المعاصر، للعراق والعرب والعالم الإسلامي، رموزا كبيرة في شتى مجالات المعرفة الدينية والدنيوية وصولا إلى الآداب والفنون. وبعد أن عرضنا لبعض رموز مدينة الموصل في تاريخها المعاصر، ها نحن ننتقل إلى مكان جوهري آخر في العراق، هو النجف الأشرف الذي ترك عبر أبنائه النابغين بصمات عميقة ليس في مجاله المحدد وحسب بل وصولا إلى آفاق واسعة تعبر العراق إلى الفضاء العربي والإسلامي.
ومن أعلام النجف في تاريخها المعاصر:
محمد سعيد الحبوبي 1849- 1915
فقيهٌ أديب وشاعر وسياسي ثائر، ولد فى النجف عام 1849، درس القرآن والعربية والأدب والفقه والأصول. كما صاحب المفكر المجدد جمال الدين الأفغانى لأربع سنوات فى دراساته.
اشترك فى معارك التصدي للاحتلال البريطاني في البصرة وقاد جيشا من المتطوعين عام 1914.
مرض بعد هزيمة المتطوعين العراقيين فمات في النجف منتصف حزيران 1915 ودفن في الصحن الحيدري.
عبد الكريم الجزائري 1872- 1962
ولد في النجف وهو من اللامعين أدباً وفقهاً ويعتبر من طليعة المراجع الدينيين العاملين في السياسة أوائل القرن الماضي حتى وفاته 1962، حين نصح الزعيم عبد الكريم قاسم بالابتعاد عن الشيوعيين ونشاطهم الذي اعتبره ضارا بالأمة والدين.
تحرك الشيخ الجزائري خلال العامين 1914-1915 ضد الغزو البريطاني لجنوب العراق ووسطه، فقاد المتطوعين في ضواحي البصرة، ليتحول بعد فشل المقاومة المسلحة إلى العمل السياسي الذي أثمر في الموافقة على تنصيب فيصل الاول ملكاً على العراق 1921، وظل محافظا على مواقفه المنادية بالابتعاد عن بريطانيا.
لعب إلى جانب المرجع الديني السيد محسن الحكيم في إصدار فتوى ضد النفوذ الشيوعي في العراق وهو ما صار لاحقا أساسا اعتمد عليه البعثيون في تنفيذ انقلاب شباط/فبراير 1963 ضد حكم قاسم المدعوم من الشيوعيين.
محمد رضا الشبيبي 1889-1965
ولد في النجف عام 1889 وتلقّی علومه الأولى في مدارسها الدينية. فدرس علوم العربية والمنطق والفقه والأدب على علماء عصره، ثم تحول إلى الثقافة الحديثة فدرس الفلسفة وغيرها من العلوم، حتّی احتلّ مکانة مرموقة بين علماء عصره، وجاب كثيرًا من البلاد العربية منها: سورية والحجاز ومصر.
شغل مناصب سياسية ومواقع علمية وثقافية، فكان رئيساً للمجمع العلمي العراقي، ورئيساً لمجلس الأعيان (1935) ومجلس النوّاب (1944)، ووزيرا للمعارف مرات عدة (1924-1948). وكان عضوًا في المجمع العلمي العربي بدمشق، والمجمع اللغوي في القاهرة، ونادي القلم العراقي.
محمد مهدي الجواهري 1899- 1997
شاعر العراق والعرب الأكبر، ويعتبره الدارسون آخر شاعر كبير في الشعر العربي الكلاسيكي.
ولد في النجف، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علمائها، أراد لابنه أن يكون عالماً دينيا، لذلك ألبسه الجبة والعمامة وهو في العاشرة.
عاش وعائلته كل تحولات العراق المعاصر منذ الحكم الملكي حين قتل شقيقه جعفر في وثبة العام 1948 حتى نظام صدام حسين، الذي عارضه الجواهري فاختار دمشق مستقرا، بعد إقامة طويلة في العاصمة التشيكية براغ التي وصلها بعد خلافه مع أول حاكم في العهد الجمهوري، الزعيم عبد الكريم قاسم.
أحمد الصافي النجفي 1897 - 1977
ولد في مدينة النجف وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسورية ولبنان وتنحدر أصوله من أسرة علمية دينية. وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس على يد الأساتذة المرموقين في النجف.
شارك في ثورة النجف ضد الاحتلال البريطاني ولاحقا في أحداث العراق البارزة خلال عقدي عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، لينته به المطاف بالهرب إلى إيران حين عمل مدرسا للأدب العربي في المدارس الثانوية في طهران.
عاد إلى العراق بعد ثماني سنوات قضاها في إيران، لكن صحته تدهورت فنصحه الأطباء بالسفر لسورية أو لبنان. وأمضى بينهما 46 عاما انتهت فعليا حين أصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في بيروت أوائل 1976 أعيد بعدها إلى بغداد ويرحل فيها عن 80 عاما.
مهدي المخزومي 1910-1994
هو من أشهر علماء اللغة العربية في القرن العشرين، ولد في النجف وعمل في حوزتها الدينية قبل أن يختلف معها عام 1935 لينتقل إلى المعرفة الحديثة ويصبح معلما، ويعين في مدرسة "سوق الشيوخ الابتدائية" في لواء المنتفق (الناصرية جنوب العراق). وكان الأدب هاجسه، فانتسب إلى الرابطة الأدبية في النجف، التي كانت تهدف إلى بث الروح القومية، وخدمة اللغة العربية وآدابها.
وفي عام 1938، التحق بالبعثة الأدبية إلى مصر، ودرس العربية على كبار الأساتذة هناك أمثال: طه حسين وأحمد أمين وأمين الخولي وإبراهيم مصطفى وغيرهم.
في عام 1943م عاد إلى العراق، وعين مدرسا لمادة الأدب العربي ثم يعود في 1947 عاد إلى جامعة فؤاد الأول بمصر لإتمام دراسته العليا الماجستير فالدكتوراه.
في عام 1953م يعود إلى وطنه، ويعين مدرسا في كلية الآداب والعلوم في بغداد. ثم عهدت إليه عمادة كلية الآداب والعلوم في جامعة بغداد ليجد نفسه عام 1963 خارج البلاد فعهدت إليه رئاسة قسم اللغة العربية في كلية آداب جامعة الرياض.
وفي عام 1968م عاد إلى وطنه، ليدرس في آداب بغداد، وكلية أصول الدين، وكلية الفقه وتعهد إليه رئاسة قسم اللغة العربية في كلية الآداب، جامعة بغداد مطلع السبعينيات. ليظل أستاذا في علوم اللغة حتى رحيله عام 1993م وسط حلقة من طلبته ليدفن في مقبرة العائلة في وادي السلام بالنجف.
أحمد الوائلي 1928-2003
ولد الشيخ أحمد الوائلي في النجف وجمع الدراستين الحوزوية والأكاديمية. فبعد أن أنهى تعليمه النظامي في سنة 1952، حصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وذلك بعد أن التحق بكلية الفقه التي تخرج منها سنة 1962، ثم حصل على شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية 1969، ثم شهادة الدكتوراه من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة 1972.
بعد سيطرة صدام على حكم العراق سنة 1979م اضطر الشيخ الوائلي للهجرة خارج العراق وقضى 23 سنة من عمره متنقلا ما بين سورية وإيران ودول الخليج وأوروبا، وعارضا لقضايا فكرية وسياسية ودينية ضمن ما وصف بأسلوبه الخاص في استثمار العزاء الحسيني للتنوير الفكري والاجتماعي.
ثم عاد إلى العراق بعد سقوط نظام صدام سنة 2003 ليرحل في بغداد ويحظى بتشييع مهيب شارك فيه مئات الآلاف.
حسين الرضي (سلام عادل ) 1922 - 1963
سلام عادل، الإسم الحركي لحسين أحمد الرضي المولود في النجف لأب هو رجل دين سعى إلى ان يكون ولده على نهجه، لكن الإبن راح إلى مسار مغاير، حتى أصبح زعيما للحزب الشيوعي العراقي للفترة ما بين 1956 ولغاية 1963 حين قتله البعثيون بعد تعذيب رهيب طال معه الآلاف في انقلاب شباط/فبراير الدموي سنة 1963.
ولد في النجف وتخرج من دار المعلمين الابتدائية ببغداد سنة 1943، وعيّن معلّما في الديوانية سنة 1944 حيث انتظم في صفوف الحزب، ليفصل من عمله عام 1946 وليعمل مفتش باصات عمومية ويفصل مرة أخرى، ليعود إلى التعليم في مدرسة خاصة، ومن ثم يفصل ليتفرغ للعمل الحزبي براتب قدره ستة دنانير.
اعتقل في العام 1949، وحُكم عليه بثلاث سنوات في سجن "نقرة السلمان" تلتها سنتان إقامة جبرية في الرمادي.
المطرب ياس خضر 1938-
هو ابن عميد المنبر الحسيني والشاعر خضر القزويني. ولد في النجف ليبدأ رحلته مطربا في أواخر ستينيات القرن الماضي، ليشكل بعد سنوات مع الملحن طالب القرة غولي ثنائيا شكل مرحلة "الأغنية السبعينية" التي توصف بأنها الأنضج في الغناء العراقي المعاصر، ومن عملهما المشترك تبرز أغنيتا "البنفسج" و"روحي" وهما من شعر مظفر النواب، الذي غنى له ياس خضر أيضا "الريل وحمد" اعتمادا على لحن محمد جواد أموري. وتظل أغنيات "إعزاز" و"المكير" و"على شط الفرات" التي أداها بصوته، علامة على سيرة غنائية فريدة.
غنّى ياس خضر للوطن وتحولات الحكم فيه، وهاجر إلى دمشق بعد الحرب الطائفية في بلاده، ليعود إلى أربيل ويصبح أقرب إلى الإقامة الدائمة في إقليم كردستان.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659