الموصل - بقلم متين أمين:
رغم معاناتهن من حالات نفسية متعددة، إلا أن كثيرا من نساء الموصل يخترن التكتم لأسباب اجتماعية. فالكثيرات منهن تعرضن للعنف الجسدي أو الضرر النفسي بسبب داعش لكن القليل منهن زُرن حتى الآن المراكز المختصة بالعلاج النفسي في المخيمات.
هدى محمد، امرأة موصلية (30 عاما) نزحت قبل نحو أسبوعين من حي الإصلاح في الجانب الأيمن (الغربي) للمدينة وهي حاليا في مخيم حسن شام شرق الموصل. توضح هدى لموقع (إرفع صوتك) حالتها بالقول "أشعر بضيق في التنفس والحزن ولا أستطيع النوم".
أعدموا شقيقها
وتسرد هدى الأسباب التي أدت إلى اضطراب وضعها النفسي، مستذكرة اعتقال تنظيم داعش لأخيها قبل نحو عام بتهمة التخابر مع القوات الأمنية العراقية. "حاولنا إطلاق سراحه بشتى السبل لكن بلا جدوى".
وتضيف هدى أن التنظيم لاحقاً أعدم أخاها الوحيد بطريقة وحشية جدا، حيث وضعوه مقيد اليدين والرجلين في سيارته بمنطقة نائية غرب الموصل وأطلقوا على السيارة قذيفة (آر بي جي). "لم نعلم بإعدامه إلا بعدما نشر التنظيم إصدارا مرئيا يُظهر فيه طريقة الإعدام بعد شهور من تنفيذه الحكم عليه".
"لست مجنونة"
سراب جلال، نازحة موصلية أخرى شاهدناها أثناء تجولنا في مخيم حسن شام 2، حيث حملت ابنها، البالغ من العمر عاما وستة أشهر، من ياقة قميصه ورمته بقوة على الأرض وهي تتكلم مع نفسها.
عندما اقتربنا منها، روت حكايتها قائلة "تطلقت من زوجي بسبب الأزمة الاقتصادية التي حلت بنا في الموصل بسبب داعش. أنا أكره اليوم الذي تزوجت فيه".
خوف عائلة سراب من أن تُختطف من قبل مسلحي التنظيم في الموصل دفعهم إلى تزويجها قبل ثلاث سنوات وهي بعمر 14 عاما. وتشير سراب إلى أنها تعاني من نوبات عصبية تنتابها يوميا حتى أنها تحاول أن تُبرد غضبها من خلال ضرب طفلها والصراخ عليه. لكنها رغم كل هذا تشدد بالقول "أنا لست مجنونة كي أذهب إلى الطبيب النفسي".
العنف الأسري
ورغم نجاتهن من سيطرة داعش وتحررهن من قوانينه القاسية التي فرضها على المدينة لأكثر من عامين ونصف، إلا أن مشاكل الموصليات لم تنته بعد. فأكثرهن وبسبب الظروف المعيشية الصعبة يعانين من مشاكل زوجية يتعرضن بسببها إلى العنف الأسري.
هالة الموصلي، وهو الاسم الذي اختارته لنفسها، تعرضت للضرب من قبل زوجها. وقالت لموقع (إرفع صوتك) "زوجي فقد عمله وهو عاطل ولا يمتلك أي مصدر مالي. نعيش فقط على المساعدات في المخيم، ينهال علي زوجي بالضرب المبرح دائما"، لكنها تخشى من عرض مشكلتها على المختصين في المخيم لأن ذلك سيغضب زوجها.
مركز لتشخيص الحالات
افتتحت منظمة المسلة (منظمة مجتمع المدني عراقية)، مع بداية بدء موجات النزوح من الموصل في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، مركزا لتشخيص الحالات النفسية للنازحات ومن ثم تحويلهن إلى منظمة أطباء بلا حدود لمعالجتهن.
تقول الباحثة الاجتماعية في منظمة المسلة، نبأ عبد الحميد، لموقع (إرفع صوتك) إن المركز يستقبل يوميا ما بين سبع إلى ثماني نساء حيث يعرضن حالاتهن النفسية.
"استقبلنا خلال الأشهر الأربعة الماضي نحو 500 امرأة وفتاة تراوحت أعمارهن ما بين 14-50 عاما حتى الآن وعالجنا منها 10 حالات فقط. النساء هنا في مخيم حسن شام يعانين من الفقر والحرمان من كل شيء وهذا يُتعب حالتهن النفسية، وكذلك نستقبل نساء تعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن".
وتمضي نبأ بالقول إن النساء اللاتي يزرن المركز لا يتحدثن عما أصابهن في الموصل من أول زيارة بل يروين قصصهن بعد أن تتكون لديهن الثقة بالأخصائيين في المركز. "نحن نقدم لهن الدعم والتوعية التي يفتقدنها"، قالت نبأ مبينة أن غالبية النساء النازحات يخشين من الحديث عن حالاتهن النفسية كي لا يُطلق المجتمع عليهن لقب "المجنونة".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659