معمل الإسمنت في موقع بادوش/وكالة الصحافة الفرنسية
معمل الإسمنت في موقع بادوش/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

تميّزت مدينة الموصل العراقية بأنها مركز لمصانع حيوية لها أهمية اقتصادية عالية. لكن الإنتاج في غالبية هذه المصانع والمشروعات المرافقة لها، تعطّل بسبب تدهور الوضع الأمني الذي تفاقم مع ظهور التنظيمات الإرهابية بعد العام 2003 كالقاعدة ثم داعش في العام 2014 وتأثيراتها المباشرة على مسار الحياة في كل المجالات ومنها الاقتصادية. 

وفي حال النية بإعادة تلك المصانع والمشروعات إلى العمل، فهذا يعني الحاجة للكثير من الدعم المالي والكوادر المتخصصة.

مصانع متوفقة حتى بعد التحرير

ويقول نور الدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى لموقع (إرفع صوتك) إن "مصانع مدينة الموصل بجانبيها الأيمن والأيسر متوقفة عن العمل تماماً في الوقت الحالي باستثناء مشروع الطاقة الكهربائية في القيّارة والذي يعمل 20 بالمئة من طاقته".

ومن أهم المصانع المتعطلة في الموصل:

1- شركة السمنت الشمالية: تمّ إنشاؤها عام 1956 وذلك في ثلاثة مواقع وهي: بادوش وحمام العليل وسنجار.

وكان لصناعة الإسمنت مكانة مرموقة خلال فترة الثمانينيات، إذ كان العراق يصدر 300 ألف طن من الإسمنت سنويا حسب موقع وزارة الصناعة والمعادن العراقية. كما حصلت الشركة على شهادة إدارة الجودة (الأيزو) في عام 2011 ثناء على نوعية المنتج.

لكن إنتاج الإسمنت بدأ بالانخفاض منذ 2012 بسبب القطع الممنهج للتيار الكهربائي والذي أدى إلى تقليص الطاقة الإنتاجية إلى ثمان ساعات مما أدى إلى ارتفاع أسعار الإسمنت بنسبة 50 في المئة.

وتضررت المصانع كلياً بسبب سيطرة داعش عليها منذ 2014، حيث قام المتطرفون بسرقة محتوياتها وتهريب الإسمنت الموجود فيها إلى أماكن أخرى.

2- شركة المدينة السياحية في سد الموصل: وهي شركة خاصة تأسست سنة 1990 لإدارة المرافق السياحية في بحيرة السد الواقع حوالي 40 كم شمال مدينة الموصل.

وتوقف هذا المشروع بشكل كامل بعد 2003 بسبب تعطل السياحة وقيام نازحين عراقيين بإشغال الدور السياحية وتحويلها إلى سكن شخصي. لكن منذ 2009 استعادت الشركة نشاطها بإعادة تأهيل الدور السياحية، وكانوا بانتظار رحيل المزيد من النازحين لتأهيل المنازل التي شغلوها سياحياً.

وتوقف هذا النشاط تماماً مع ظهور داعش والذي سيطر على هذه المنطقة المتاخمة لسد الموصل في شهر حزيران عام 2014، لكنها تحررت بعد نحو شهرين من قبل قوات البشمركة والعشائر الموصلية وبإسناد من الطيران العراقي. 

يقول مجاهد الجبوري، سكرتير مجلس إدارة الشركة لموقع (إرفع صوتك) "تضررت المدينة السياحة لكن بنسبة قليلة بسبب الحرب. وبعد تحريرها المنطقة من داعش تم إعادة كادر الشركة وإعادة تأهيل معظم الدور السياحية وحاليا تعمل المدينة بشكل طبيعي ويشغل دورها نازحون ومستأجرون".

3- معمل السكر والخميرة: تعتبر صناعة السكر والخميرة من أقدم صناعات المدينة حيث تم افتتاح هذا المعمل في 1958 من قبل الملك فيصل الثاني. وبعد أن سيطر داعش على الموصل، قام عناصر التنظيم بإعدام مديرة المعمل رمياً بالرصاص خلال عام 2015 في معسكر الغزلاني.

ويشير موقع وزارة الصناعة والمعادن إلى تخصيص مبلغ 30 مليار دينار لإعادة تأهيل المعمل في الفترة الممتدة بين الأعوام (2013-2017) حسب تصريح مديره، نعمة يونس مجيد. وتحرر المعمل خلال شهر شباط/فبراير 2017.

4- مصنع الغزل والنسيج: من أقدم المصانع في الموصل. تأسّس عام 1954 ويقع في الجانب الأيمن من المدينة. وله فرعان: واحد للألبسة الجاهزة وآخر للنسيج.

ويقول خليل إبراهيم خليل مدير إعلام الألبسة الجاهزة في الموصل لموقع (إرفع صوتك) إن المصنع تعرض "إلى نهب محتوياته ودمر أحد فرعيه الكائن في ناحية برطلة بالكامل ونزح غالبية عماله من الجانب الأيمن إلى مناطق أخرى".

خطط مستقبلية

ويوضح خليل أن الضرر لا يقتصر على المستهلكين فقط وإنما على العمال الذين لم يحصلوا على رواتبهم لفترة طويلة. لكن الأمور بدأت تتغير نحو الأفضل حيث تم صرف أربع وجبات لرواتب العمال، حسب خليل.

ويوضح نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، قبلان، أنه "هناك خطط استراتيجية يجري التصويت عليها الآن في مجلسنا لإعادة المؤسسات الخدمية والإنتاجية إلى العمل مع إعطاء الأولوية لمشروعات المياه والكهرباء".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.