علم العراق وعلم كردستان العراق يرفعان في كركوك/وكالة الصحافة الفرنسية
علم العراق وعلم كردستان العراق يرفعان في كركوك/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

في وقت تنشغل فيه القوات العراقية بمعارك شرسة لتطهير الموصل من داعش، رفع مجلس المحافظة في كركوك العلم الكردي إلى جانب العلم العراقي على المباني الحكومية بناء على تصويت الأسبوع الماضي، متجاهلاً قرار البرلمان العراقي الذي دعا إلى إبطال ذلك.

صوّت المجلس أيضاً على قرار إجراء استفتاء لتقرير المصير بالاستناد إلى المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، ليعيد طرح "صراع الهويات القومية والطائفية بين مكونات الشعب العراقي"، كما يلفت إلى ذلك سياسيون ومراقبون.

مطالب كردية متواصلة

يقول الأكراد في كركوك إنهم مستاؤون من معاملة الحكومة العراقية الاتحادية بعد خلافات كبرى حول ملف النفط في المدينة. فقد سيطرت قوة عسكرية كردية مطلع شهر آذار/مارس على شركة "نفط الشمال" وأوقفت التصدير لعدة أسباب منها: تنبيه بغداد بضرورة العدول عن المضي قدماً بتنفيذ مذكرة تبحث تصدير نفط كركوك إلى إيران، ودعت الحكومة الاتحادية إلى إنشاء مصفاة في المدينة ودفع مستحقات كركوك من النفط حسب وعود سابقة للحكومة.

ويشرح المحلل السياسي الكردي محمد الفيلي لموقع (إرفع صوتك) أن سبب طرح إثارة قضية الانفصال الآن "هو الحماية التي وفرتها قوات البشمركة، فمنعت داعش من السيطرة على المدينة في وقت انسحبت فيه القوات العراقية تماماً من المدينة سنة 2014. فاعتبروا أن هذا هو بمثابة استحقاق لهم للمطالبة بالانفصال والانضمام إلى كردستان".

ويلفت الفيلي إلى أن رفع العلم الكردستاني يتماشى مع ما جاء في الدستور الذي نص على أن كركوك هي "منطقة متنازع عليها مما يسمح برفع العلمين".

وفي إشارة لمصالح القوى الإقليمية ومواقفها حيال دولة كردية مستقلة، يقول إن كلاً من إيران وتركيا (التي تستورد نفط كركوك عبر ميناء جيهان)، تحذوان حذو الحكومة العراقية في رفض قيام دولة كردية مستقلة وذلك لأن "إنضمام كركوك إلى الإقليم يعني تشكيل قوة نفطية كبرى تسهل الانفصال وهذا قد يحفز الكرد في إيران وتركيا على المطالبة بالانفصال أيضاً". 

سبب الامتعاض الحكومي 

ويوضح النائب التركماني حسن توران سبب رفض البرلمان العراقي لقرار مجلس محافظة كركوك حول إجراء استفتاء بشأن الإنضمام إلى إقليم كردستان، قائلا لموقع (إرفع صوتك) إن "المادة 140 تحدثت عن ثلاث مراحل هي التطبيع والاحصاء والاستفتاء. ولا يجوز الانتقال من مرحلة إلى أخرى دون الانتهاء من المرحلة التي سبقتها. فنحن لم ننتهِ من التطبيع ولا الإحصاء، وبالتالي القفز إلى الاستفتاء هو مخالفة دستورية واضحة".

ويشرح توران ما ينص عليه قانون انتخاب مجالس المحافظات قائلاً إن المادة 23 من قانون 36 لسنة 2008 والفقرة الخامسة منه نصت بصراحة أن وضع كركوك الدستوري والإداري سيبقى على ما هو عليه لحين إجراء انتخابات محلية وحيث أنه لم تجر انتخابات محلية في كركوك منذ عام 2005 لن تنظر الحكومة في طلب مجلس المحافظة.

ويتابع أن "هذه الخطوات التصعيدية من قبل مجلس المحافظة لن تفيد التعايش السلمي في كركوك".

تناغم مجتمعي؟

ويعيش في كركوك "موزاييك مجتمعي" لمواطنين من خلفيات متنوعة؛ ففيها العرب من سنة وشيعة وتركمان وأكراد إلى جانب المسيحيين والصابئة مندائيين.

ويقول فراس الحمداني، وهو إعلامي وصحافي مستقل من كركوك، لموقع (إرفع صوتك) حول علاقات الناس في المدينة إنها "شراكة حقيقة بعيداً عن تغليب المصالح الفئوية لطرف على حساب طرف آخر".

"هناك علاقات وأواصر تاريخية قديمة بين مختلف المكونات وطدتها علاقات التزاوج والمبادلات التجارية. ما مصير هذه العوائل في ظل هذه النزاعات؟ افتراق الزوجين؟ أو توقف التجارة والأعمال بين الناس؟". 

ويتابع "الجميع هنا يرفضون ما يضر بالتعايش السلمي. لكن السياسيين يبحثون عن هذه الأمور من أجل دعايات انتخابية وذلك بأن يعزفوا على وتر المكوّن ليكسبوا فيها أصواتاً".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.