بقلم خالد الغالي:
عندما دخل تنظيم داعش إلى مدينة الموصل وباقي مناطق في محافظة نينوى، في حزيران/يونيو 2014، تعرضت الأقليات الدينية في المحافظة لاضطهاد شديد. ورغم أن الأنظار اتجهت إلى الطائفة الأيزيدية، التي وصفت الأمم المتحدة ما تعرضت له بجريمة حرب، إلا أن باقي الطوائف لم يكن حظها أقل سوءا من الأيزيديين. إحدى هذه الطوائف هي الشبك.
من أين جاء الشبك؟
يستقر الشبك، بغالبيتهم، في سهل نينوى بين إقليم كردستان ومدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال العراق). ويعتبر هذا السهل الموطن التاريخي لمعظم الأقليات في العراق: الآشوريون، الكلدان، الأيزيديون، اليهود (قبل رحيلهم)، الكاكائيون، الشبك، وغيرهم.
تميزت الكتابات القديمة، خاصة في بداية القرن العشرين، بالاختلاف الشديد في أصل الشبك. فهناك من اعتبرهم كيانا كرديا، وهناك من اعتبرهم تركمانا، وهناك من رآهم حتى عربا. وامتد هذا الاختلاف إلى عقيدتهم، فنجدهم عند عدد من الباحثين أصحاب ديانة خاصة، وعند آخرين خليطا بين الأيزيدية والزرادشتية والمسيحية واليهودية، وعند آخرين فرقة باطنية ضمن "العلي إلهية" (تؤمن بألوهية علي بن أبي طالب) لها كتبها المقدسة وطقوسها الدينية المختلفة تماما عن باقي المسلمين. وعزز هذا الالتباس التعامل الحكومي الرسمي معهم، فمرة يتم إحصاؤهم كعرب ومرة يصنفون مع الأيزيدية، ما أضفى على الشبك فضولا وغرائبية غير واقعية. غير أن الكتابات الأكاديمية تسير في الوقت الراهن إلى اعتبارهم أكرادا.
يعزو المؤرخ العراقي رشيد الخيون في كتابه "الأديان والمذاهب بالعراق" هذا الالتباس إلى عدم دقة الكتابات الأولى التي اهتمت بالطائفة، والتي رسمت -نتيجة الاعتماد المفرط عليها من قبل الباحثين اللاحقين- للشبك كيانا خاصا. "وكل ما في الأمر أن قبيلة الشبك الكردية، التي منها الشيعة والسنة، كبقية الكيانات القبلية لا يميزها عن بقية المسلمين مقال ديني أو طقس خاص"، يؤكد المؤرخ العراقي.
سنة وشيعة
يعتبر الشبك إذن حسب بعض الباحثين أكرادا في الغالب مع وجود عشائر تنسب نفسها إلى أصل عربي. وهناك أيضا من يعتبرهم إثنية مستقلة. يتحدث جزء منهم لهجة كردية باجلانية، إحدى فروع الكورانية، وبعضهم لهجة قريبة من الهورامية. وتدخل هذه اللهجات كلها ضمن اللغة الكردية.
وكبقية المسلمين، ينقسم الشبك إلى سنة وشيعة. سنة على المذهب الشافعي وشيعة على المذهب الجعفري الإثني عشري.
يقول رشيد الخيون "يهتم الشيعة منهم بمناسبة عاشوراء ويلبسون السواد، ويزرون العتبات المقدسة بالنجف وكربلاء والكاظمية وسامراء".
أما السنة، فمذهبهم شافعي مثل باقي العشائر الكردية مع تأثير محدود للمذهب الحنفي صاحب السيادة في مدينة الموصل.
لا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد الشبك. وقدرهم إحصاء سنة 1977 بـ80 ألفا، أما إحصاء سنة 1997، وهو آخر تعداد شامل في العراق، فلم يأت على ذكر التفصيلات العرقية.
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365