طلاب عراقيون يستعدون للذهاب إلى مدرسة في مخيم للاجئين/وكالة الصحافة الفرنسية
طلاب عراقيون يستعدون للذهاب إلى مدرسة في مخيم للاجئين/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

يفتقر أكثر من ثلاثة ملايين طفل عراقي في سن الدراسة إلى التعليم. وهذا يهدد مستقبل هذا البلد وهو بأمس الحاجة إلى كوادر مؤهلة تساهم في بنائه بعيداً عن ويلات الحروب.

وفي ظل التقشف والتحديات الاقتصادية التي يمر بها العراق، قامت الدولة العراقية بخفض الإنفاق على التعليم بنسبة 15 في المئة في العام 2015-2016 مقارنة مع مخصصات التعليم في 2013-2014.

 وكنتيجة يتعرض قطاع التعليم إلى خسائر كثيرة يوضحها تقرير أطلقته وزارة التربية بعنوان "كلفة ومنافع التعليم في العراق" بدعم من اليونيسف. ومن أبرز مسببات هذه الخسائر بحسب التقرير، هي:

-الرسوب: تنتشر حالات الرسوب في مختلف المراحل التعليمية ولكن أكثرها في المرحلة الثانوية وتصل إلى ربع عدد الطلاب.

-عدم جاهزية المباني: مباني المدارس العراقية تحتاج إلى صيانة ليتعلم الطلاب فيها ضمن ظروف صحية. ويقدر أن مدرسة واحدة من أصل مدرستين بحاجة إلى أعمال تصليح وصيانة.

-التسرب: يتسرب الطلاب من كافة المراحل التعليمية وهذا يسبب خسائر اقتصادية تصل إلى 940 مليون دولار أميركي في السنة الواحدة. مع ملاحظة أن معدلات التسرب هي أعلى عند الإناث مقارنة بالذكور (يزيد عدد البنين 24 في المئة في المرحلة المتوسطة عن الإناث و20 في المئة في المرحلة الثانوية).

الفقر: للحالة الاقتصادية تأثير مباشر على تعليم الطلاب، حيث يضطر طلاب المدارس إلى ترك صفوفهم للعمل وكسب رزق يساعد ذويهم على الحياة.

ففي المرحلة الابتدائية مثلاً يترك طالب واحد بين خمسة طلاب المدرسة قبل إتمام المرحلة الابتدائية، كما يقدر أن خُمس عدد المراهقين من الأسر الفقيرة لم يذهبوا إلى المدرسة بتاتاً. كما يفوق عدد الأطفال الذي يعانون من الفقر في العراق (50 في المئة) بالمقارنة مع أقرانهم في إقليم كردستان العراقي.

-النزوح: تعاني نحو 40 في المئة من الأسر النازحة من الفقر. ونحو نصف الأطفال النازحين في العراق هم خارج المدرسة. أما الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تضررت بشدة جراء أعمال العنف في العراق، فأكثر من 90 في المئة منهم لا يرتادون المدرسة.

ماذا يقول العراقيون؟

يعرب العراقيون من طلاب وأساتذة عن رغبتهم بتحسين ومواصلة تعليمهم النظامي أسوة بغيرهم في الدول العربية آملين من الحكومة والمنظمات الدولية الداعمة لها إيجاد حلول عملية لمشكلات التعليم. ويرى البعض أن خسارتهم للمدرسة يعني خسارتهم لمستقبلهم.

يقول محمد (13 عاماً) من مخيم ديبكة في الموصل "سنشعر بالحزن حقا إذا تم إغلاق المدرسة هنا. لأن المدرسة بالنسبة لنا هي بيتنا الثاني". وتقول نسرين (12 عاماً) من القيارة (جنوب الموصل) "المدرسة هي الأم، فهي تعلمنا كل شيء".

ويرى المدرسون العراقيون أيضاً أن عدم تطوير القطاع التعليمي سوف يسبب خسائر جسيمة. تقول فادية وهي مدرسة أطفال فرت من الموصل منذ 2014 بسبب داعش وتعمل في إحدى المراكز التعليمية في مخيم حسن شام "بدون المدرسة لن يصبح لدينا أطباء أو مدرسين أو معلمين".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.