الدمار في أيمن الموصل/إرفع صوتك
يصل الدمار في البنية التحتية في الموصل إلى 80 في المئة/إرفع صوتك

بقلم خالد الغالي:

لم يتبق على عودة مدينة الموصل (شمال) إلى أحضان الدولة العراقية الكثير. لكن ثاني أكبر مدينة عراقية دفعت الثمن غاليا من أجل التحرير: نسبة الدمار في الأحياء السكنية تجاوزت 60 في المئة، بينما بلغت في البنى التحتية نحو 80 في المئة.

كل شيء مدمر: المطار، ومحطة السكك الحديدية، والجامعة، والطرق، والجسور، ومحطات الطاقة والمياه، ومراكز الاتصالات والمنشآت الحكومية، إضافة إلى الآلاف من المنازل والدور السكنية والمجمعات. ثلاث سنوات من سيطرة داعش على الموصل، ثم ما خلفته عمليات التحرير، كانت كافية لتحويل المدينة إلى خراب.

يقدر المسؤولون العراقيون أن إعادة إعمار الموصل ستستغرق ما لا يقل عن خمس سنوات، وستتطلب مليارات الدولارات، وهو ما يشكل تحديا حقيقيا في وقت تعاني فيه الحكومة من عجز شديد في الموازنة.

100 مليار

تقدر وزارة التخطيط العراقية أن إعادة إعمار المناطق المحررة في العراق بأكمله ستحتاج لنحو 100 مليار دولار. ووضعت الوزارة خطة لإعادة الاستقرار والإعمار تمتد على 10 أعوام، وتشمل مرحلتين: الأولى من 2018 إلى 2022 والثانية من إلى 2023 إلى 2028

وستحتاج محافظة نينوى وحدها إلى 11 مليار دولار، وفق ما أدلى به مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي لشبكة رووداو المحلية. سيكون نصيب مركز المحافظة، أي مدينة الموصل، 6 مليارات دولار منها.

ووفق تصريحات لنائب رئيس مجلس محافظة نينوى نور الدين قبلان لوكالة رويترز، سيتم إعمار الموصل على الشكل التالي: خلال الشهور الستة الأولى، ستركز السلطات المحلية على استعادة الأمن والمياه والكهرباء والوقود وعلى إعادة النازحين. ثم ستكون هناك فترة عامين لإعادة الإعمار والبدء في عملية المصالحة، يليها 30 شهرا تركز على جذب الاستثمارات وتطوير الاقتصاد.

لكن قبلان وباقي أعضاء مجلس المحافظة، ورغم أنهم شرعوا في وضع خطط بناء الموصل، إلا أنهم لا يعرفون من أين سيأتي التمويل.

أين المال؟

أقرّ البرلمان العراقي موازنة عام 2017 بإيرادات تبلغ 79 تريليون دينار عراقي (حوالي 68 مليار دولار) ونفقات تبلغ 100 تريليون دينار عراقي، أي بعجر يصل إلى 21 تريليون (نحو 18 مليار دولار).

ورغم أن الكثير من نفقات الحرب، التي كانت تستهلك 30 في المئة من موازنة العراق، يمكنها تحويلها مستقبلا نحو أغراض إعادة الإعمار، إلا أن هذا يبقى ضئيلا بالمقارنة مع حجم الدمار، خاصة في مدينة كبيرة مثل الموصل.

يقول نور الدين قبلان في تصريحه لرويترز "ما خصص لمحافظة نينوى في 2017 كان 48 مليار دينار عراقي وهناك أربعة مليارات بمسألة البترودولار (عوائد النفط)، يعني مجموعها كان 52 مليار دينار عراقي، (وهو ما) لا يتجاوز 40 مليون دولار".

ويضيف نائب رئيس مجلس المحافظة "في 2014 كان التخصيص لمحافظة نينوى 730 مليار دينار. بالتالي ونحن في 2017 وبعد هذا الدمار والخراب الذي حصل يأتي لدينا 52 مليار دينار يعني فرق شاسع. وبالتالي فإن الدعم هو قليل جدا قياسا للدمار.. قياسا لحجم المحافظة".

في ظل هذه الظروف يبدو حل وحيد أمام العراق: الاقتراض من الخارج. وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لموقع (إرفع صوتك) في تصريحات سابقة: "العراق عاجز في الفترة الراهنة على التمويل الذاتي لكافة احتياجاته، ولذلك فهو يسعى للاقتراض من جهات مانحة دولية".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.