جانب من القصور الرئاسية في تكريت -أرشيف
جانب من القصور الرئاسية في تكريت -أرشيف

صلاح الدين - هشام الجبوري:

لا يختلف إثنان على أن الأزمات الجديدة التي بدأت تعصف بالمجتمع العراقي بعد العام 2003 ألقت بظلالها على جميع مفاصل الحياة.

المخدرات واحدة من تلك المعضلات التي أصبح التصدي لها أمرا ضروريا بعد انتشار هذه الظاهرة بين شريحة واسعة من الشباب الأمر الذي ينذر بكارثة تهدد المجتمع، حتى في مناطق لم يعرف انها تعاملت مع قضية المخدرات وعلى نحو واسع من قبل، كمحافظة صلاح الدين.

للقضاء كلمة

القاضي حسين الخزرجي، في محكمة قضاء مدينة بلد جنوبي محافظة صلاح الدين، كشف عن "حالات عدة تتعلق بمكافحة المخدرات تم فيها إصدار أحكام بدائية، وستحال إلى المحاكم المختصة للنظر في التهم الموجهة إليها، فيما لا تزال حالات أخرى تحت التحقيق، وستحاول أوراق المتهمين فيها إلى المحاكم بغية نيلهم الجزاء العادل، لاسيما بعد اعترافهم بتعاطي المخدرات وترويجها".

الخزرجي أوضح لموقع (إرفع صوتك) أن المخدرات "ظاهرة جديدة وطارئة على مجتمع محافظة صلاح الدين"، مشددا على ضرورة إتباع إجراءات صارمة من قبل الجهات الأمنية بغية الحد من انتشارها وتخليص المجتمع منها فضلا عن دور مهم يمكن للمؤسسات الدينية والنخب المجتمعية أن تلعبه عبر "الوقوف مع الجهات المعنية للقضاء على هذا الجسم الدخيل في المجتمع العراقي".

بالرياضة نكافح المخدرات

هذا ما يقترحه الكابتن أياد عباس المدرب في مركز شباب بلد، الذي أشار إلى أن "ابتعاد الشباب عن ممارسة الفعاليات والأنشطة الرياضية دفعهم للوقوع في شرك هذه الآفات التي تميت الجسد والروح والتي تبدأ من التدخين وتنتهي بتعاطي أخطر انواع المخدرات فتكا".

ويشدد عباس على تفعيل دور المؤسسة الرياضية التي تسهم بشكل كبير في إبعاد الشباب عن كل ما يلحق بهم الضرر، ومنها المخدرات بكافة أشكالها.

جهود إستخباراتية

الضابط في استخبارات مديرية شرطة قضاء بلد، والذي رفض الكشف عن اسمه، تحدث لموقعنا عن "جهود كبيرة تبذل من قبل شعبة الاستخبارات لمراقبة كافة العناصر التي تتعاطى بالمخدرات في المدينة وتتاجر بها، بعد أن تم القبض على حالات كثيرة بالجرم المشهود، فيما هناك مساع أخرى تبذل من جميع المؤسسات الأمنية هدفها التعرف على المروجين لهذه السموم التي فتكت بالشباب".

الرقابة الصحية

من جهتها تنوه دائرة صحة محافظة صلاح الدين إلى وجود أنواع عدة من الأدوية يستخدمها المدمنون تعويضا عن المخدرات، بعد أن وجدوا ضالتهم فيها.

وبيّن موظفون في الدائرة لموقع (إرفع صوتك) أن الدائرة شددت على ضرورة توخي الحذر من بيع الأدوية من دون وصفة طبية، وهو ما يقع فيه أغلب الصيادلة وتحديدا في بعض الأدوية لا سيما العلاجات التي تستخدم للأمراض النفسية.

متعاطو مخدرات يتحدثون...

يكشف، بشار تحسين، وهو اسم مستعار لشاب لم يكمل ربيعه العشرين، بدايته مع تعاطي المخدرات التي كانت قبل أكثر من عام، عندما تعرّف على أصدقاء جدد في أحد المقاهي.

كان الشباب يضعون بعض الحبوب المخدرة في المياه المستخدمة في (النرجيلة)، لكن الأمر لم يقتصر عن هذا الحد بعد أن أصبح مفعول تلك الحبوب غير مؤثر في "عملية فقدان الإحساس بالحياة" على حد وصفه.

وعن الطريقة الثانية، قال بشار إن مجموعة الأصدقاء بدأت بتعاطي حبوب (الكبسلة) والتي هي عبارة عن حبوب تستخدم للأمراض النفسية والعصبية والتي يوفرها ويوزعها مروجون محددون.

وعن كيفية تخلصه من الإدمان، ذكر بشار إنه كان يسهر كثيرا خارج البيت حتى شك الأهل في أمره بعد ان تراجعت درجاته في الإمتحانات، مما أدى الى رسوبه في امتحانات مرحلة البكالوريا (الصف السادس الثانوي)، حتى عرف الأهل بحاله، ليتم تدارك الأمر قبل فوات الأوان حين قرروا منعه من الخروج من المنزل فضلا عن عرضه على الأطباء المختصين حتى تمكن من الرجوع إلى حالته الطبيعية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.