المنارة الحدباء في جامع النوري الكبير في الموصل قبل  تفجيرها /إرفع صوتك
المنارة الحدباء في جامع النوري الكبير في الموصل قبل تفجيرها /إرفع صوتك

هذه أبرز المواقع التي دمرها تنظيم داعش في نينوى...

بقلم علي قيس:

هذه أبرز المواقع التي دمرها تنظيم داعش في نينوى:

الجامع النوري ومنارته الحدباء

أقدم تنظيم داعش الأربعاء، 21 حزيران/يونيو، على تفجير منارة الحدباء في مدينة الموصل. وذكرت خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة أنه عند وصول قوات جهاز مكافحة الاٍرهاب لمسافة 50 مترا عن جامع النوري الذي يحتضن المنارة، أقدم مسلحو داعش على تدمير الجامع ومنارته التاريخية.

مدينة نمرود

وهي مدينة أثرية آشورية تقع جنوب شرق الموصل (شمال العراق)، يعود تاريخها للقرن الثالث عشر قبل الميلاد، وعرفت حينها باسم "كلحو"، كانت مرشحة للإدراج على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" للتراث العالمي، وتعرضت للـ"تجريف" في الخامس من آذار/مارس 2015، من قبل التنظيم، مستخدما جرافات وآليات، في ما اعتبرته اليونيسكو "جريمة حرب".

مدينة الحضر

تقع على بعد نحو 80 كم جنوب غرب الموصل (شمال العراق)، ويعود تاريخ تشييدها لبداية القرن الثاني قبل الميلاد. وآثارها، وخاصة المعابد منها، تمزج بين الهندسة الإغريقية والرومانية والزخرفة الشرقية، وهي شاهد على عظمة حضارة المدينة التي صمدت أمام الغزو الروماني في عامي 116 و198 قبل الميلاد بفضل سورها المرتفع والسميك، المعزز بأبراج المراقبة المنصوبة على بواباتها.

لكن ذلك التحصين لم يمنعها من معاول داعش التي دمرت المدينة، في بداية آذار/مارس 2015.

بوابتا "أدد والمشكى" بالإضافة إلى أجزاء من الأسوار التاريخيّة القديمة في نينوى

موقعها حاليا في مركز مدينة الموصل، وأنشأت البوابتان في القرن السابع قبل الميلاد، وتقعان ضمن السور الأثري لمدينة نينوى الأثرية، التي يعود تاريخها إلى 2000 سنة قبل الميلاد، وقام عناصر التنظيم أواسط نيسان/أبريل الماضي بتدميرها، مستخدمين الجرافات.

الثور المجنح عند بوابة نركال

يتكون الثور المجنح من رأس إنسان ذو شعر مجعد ولحية متدلية، وأجنحة نسر وجسم ضخم لثور، ليجمع مزيجا من أقوى المخلوقات وأكثرها قسوة ومرونة، بطول يصل إلى نحو 4.5 أمتار ووزن يصل إلى 30 طنا.

وضع التمثال قرب بوابة نركال (إحدى البوابات العديدة على أسوار مدينة نينوى الأثرية)، ليرمز إلى الروح التي تحمي المدن والقصور، ورمزا لنفوذ الملك الآشوري.

وفي شباط/فبراير 2015، أظهر مقطع فيديو عنصرا في داعش، وهو يحمل آلة قطع كهربائية ويحاول تشويه الثور المجنح، فيما أظهرت لقطات أخرى جرافات للتنظيم تقوم بتدمير بوابة نركال.

متحف الموصل

ثاني أهم المتاحف في العراق بعد المتحف الوطني في بغداد، نشر داعش، في 26 شباط/فبراير 2015، شريطا مصورا يظهر قيام عناصره بتحطيم آثار وتماثيل، بعضها من مدينة النمرود وأخرى من مدينة الحضر الأثريتين، وتظهر اللقطات التي بثتها مواقع موالية للتنظيم، تدمير نحو 90 قطعة وتمثالا، غالبيتها قطع أثرية أصلية.

هيكل نابو

جزء من قصر آشور ناصربال الثاني في مدينة النمرود (جنوب شرق الموصل)، أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2000، وأظهرت صور القمر الصناعي التي التقطت، يوم 3 حزيران/يونيو 2016، الأضرار الكبيرة التي تعرض لها هيكل نابو، عقب الدمار الشامل في قصر ناصربال، بالإضافة إلى التماثيل التي تعود للفترة الآشورية الحديثة، التي سببتها الجرافات والمتفجرات حيث دمرت الموقع يوم 11 نيسان/أبريل من العام ذاته.

مدينة آشور

واحدة من المواقع المسجلة على لائحة التراث العالمي، تقع في قضاء الشرقاط بمحافظة صلاح الدين، أعلنت وزارة السياحة والآثار العراقية في نهاية آيار/ مايو 2015، قيام عناصر تنظيم داعش بنسف وتدمير معالم هذه المدينة.

قلعة باشطابيا

هي بقايا من قلعة أثرية تعود إلى العهد الأتابكي في القرن الثاني عشر الميلادي، وتقع وسط مدينة الموصل، قام التنظيم بتدميرها بشكل كامل في مطلع نيسان/أبريل 2015.

مرقد النبي يونس

من أبرز المعالم الدينية في مدينة الموصل، ويقع في وسطها، قام تنظيم داعش، في 24 تموز/يوليو 2014، بتفجيره بشكل كامل أمام جمع من الناس، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر عملية التفجير.

مكتبة الموصل

من بين أهم المكتبات في العراق، تضم الآلاف من الكتب والمخطوطات النادرة، قام تنظيم داعش بحرقها، في شباط/فبراير 2015، ووصفت "اليونسكو" حرق الكتب كمرحلة جديدة في عملية "تطهير ثقافي"، يقوم بها التنظيم.

قلعة تلعفر

تقع على بعد 70 كم، شمال غرب مدينة الموصل، بناها العثمانيون كقاعدة عسكرية في القرن السادس عشر، قام عناصر تنظيم داعش، في كانون الثاني/يناير 2015، بتدمير جدران القلعة تلعفر، حسب ما أظهرت مقاطع مصورة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

بدوي يرعى جماله في المناطق الصحراوية بين الأنبار وكربلاء عام في فبراير 2015 (صورة تعبيرية).
بدوي يرعى جماله في المناطق الصحراوية بين الأنبار وكربلاء عام في فبراير 2015 (صورة تعبيرية).

ترك كريم العتيبي حياة التنقل وتربية الإبل في بادية السماوة (مركز محافظة المثنى) جنوبي العراق، واستقر على بعد كيلومترات في مركز المدينة. مع ذلك فإن إرث أجداده البدوي ما يزال واضحاً في لهجته وزيه العربي الذي يرفض التخلي عنهما.

قبل مائة عام كان أجداد العتيبي يشدّون رحالهم ويتجهون صوب البادية دون أن تقف الحدود عقبة أمام مساعيهم نحو البحث عن العشب والماء، قبل أن يعودوا أدراجهم مع بداية موسم الأمطار في العراق، وفقا للعتيبي الذي تحدث لـ "ارفع صوتك".

ويضيف أن "البادية على وسعها بدأت تضيق بنا، فالجفاف ضرب المنطقة، أما من يعبر الحدود بين العراق والسعودية والكويت، فيلقى القبض عليه ويقدم تعهداً يقضي بعدم تكرار التجاوز، بعد أن كان أجدادنا يتنقلون بحرية بين هذه البلدان".

سفينة الصحراء وموجات الجفاف المتتالية في العراق.. عن أهمية الجمال في حياة البدو
"ليس حليب النوق وحده هو ما يجنيه البدوي من فائدته، فهو طوق نجاته في بحور الرمال العظيمة، ومصدر مأكله ومشربه وملبسه. فاللحم للغذاء والفراء للاستدفاء، والجلد لصناعة بعض الحاجيات، ومن وبره يصنع بيت شعره وخيمته، ويستخدم بعره كوقود بعد تيبسه، وبوله للتنظيف وكدواء ومادة لغسيل الشعر وقتل القمل"

وفقا لثائر الصوفي وهو أستاذ التاريخ المتقاعد في جامعة الموصل، فإن "حياة البدو تغيرت بشكل كبير، فلم يبق لديهم بادية نقية تتضمن قيما وتقاليد وطريقة عيش بالأسلوب الذي كانت عليه. البداية كانت مع محاولات التوطين الكثيرة للبدو خلال العهد العثماني، ثم مع احتلال الإنكليز للعراق، وأخيراً مع حكم عبد الكريم قاسم -أول رئيس وزراء عراقي في النظام الجمهوري- ومشروع الإصلاح الزراعي".

حينها كما يوضح الصوفي "منحت عشائر البدو الأراضي وحفر الآبار بهدف استقرارهم. كثير منهم وجد في حياة الاستقرار أسلوب حياة أفضل، مع توفر أرباح من الزراعة".

أما اليوم، فيتعرض مجتمع البدو في العراق إلى أسوأ حقبة في تاريخه لأسباب اقتصادية وسياسية وبيئية متنوعة. ويعاني أغلب البدو من الفقر والفاقة التي تسيطر على أغلب جوانب حياتهم" كما تقول دراسة بعنوان "التراث الثقافي اللامادي لبدو العراق" للباحث صلاح الجبوري.

 

أعدادهم في تناقص

 

وجود البدو في العراق ليس حديثاً، كما يشير أستاذ التاريخ في جامعة الموصل عامر الجميلي، بل أنه "قديم ومتجذر، وهناك وثائق تشير لوجودهم قبل خمسة قرون".

يقول الجميلي لـ"ارفع صوتك" إن "أهم قبيلتين بدويتين في المنطقة، هما شمر وعنزة، واستقرتا في مناطق واسعة من بوادي العراق الثلاث وهي الجزيرة والمثنى والأنبار، ضمن المناطق الحدودية مع سوريا والسعودية".

ويضيف أن "أعدادهم بدأت بالتناقص مع أول دعوة للتحديث والتحضر، التي اضطلع بها الشيخ عجيل الياور شيخ مشايخ شمر، أوائل القرن العشرين".

أما حالياً "فيصعب حصر تعدادهم السكاني" كما يقول أستاذ التاريخ ثائر الصوفي بسبب "ذوبان أغلب العشائر في النسيج الاجتماعي بالمناطق الحضرية والريفية".

نسبة البدو العراقيين تطرق إليها الباحث هاشم نعمة في دراسة بعنوان "نمو سكان المناطق الحضرية في العراق وآثاره الاجتماعية والاقتصادية".

وأشار فيها إلى أن "الارتقاء الاجتماعي السريع والعاصف في فترة وجيزة لا تزيد على بضعة عقود، أدى إلى اختفاء البدو تقريباً، فقد هبطت نسبتهم، من 35% من إجمالي السكان في القرن التاسع عشر، إلى 4% في عام 1957، ثم إلى 1% في ثمانينيات القرن العشرين. والآن من المرجح أن نسبتهم أقل من ذلك".

في المقابل أشارت دراسة الباحث صلاح الجبوري "التراث الثقافي اللامادي لبدو العراق" إلى "وجود 150 - 170 ألفا من البدو في العراق حالياً".

وفقا لكريم العتيبي، فإن بدو العراق ينقسمون اليوم إلى نوعين، الأول منهما، هو الذي استمر في تربية الإبل والعناية بها والتنقل مسافات طويلة إلى حيث الماء والعشب على طول البادية، أما الثاني فتحول إلى رعاية المواشي (الأغنام والماعز)، ولا تتطلب العناية بها التنقل لمسافات طويلة.

وأشار إلى أن "طبيعة العناية بالإبل والمواشي، اختلفت بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، فأصبحنا نستخدم السيارات لنقلها وجلب المياه، ونصطحب معنا مولدات كهربائية ونشتري العلف، هذا كله أدى إلى زيادة التكاليف وقلة الأرباح، وبالتالي أصبح من الصعب الحفاظ على طرق العيش القديمة".

ويقول إن "جلب المياه بالسيارات، غير مجد للبدوي مربي الإبل، ولا يمكنه البقاء في المنطقة عندما يبذر الفلاحون الحنطة والشعير، لذلك يبقى بحاجة للدخول إلى عمق البادية من أجل حيواناته".

 

"الحروب" و "المناخ"

 

أسباب التراجع في أعداد البدو وحجم ما يمتلكونه من جمال ومواش لها أسباب عديدة، فالحروب لعبت كما يروي كريم العتيبي لـ "ارفع صوتك" طدوراً في تقليص قدرة البدو في التنقل مع حيواناتهم".

ويقول إن "أكبر المخاوف بدأت مع مخلفات الحرب التي كانت تنفجر على البدو فيتكبدون خسائر بشرية وتموت حيواناتهم، فاضطروا إلى تغيير طرقهم ومناطق رعيهم مع كل حرب جديدة يخوضها العراق".

يقول أستاذ التاريخ ثائر الصوفي إن "أوضاع البدو المالية تدهورت مع حلول الألفية الجديدة، حين بدأت كميات الأمطار المتساقطة بالتراجع، ومعها أصبحت الأراضي جرداء والعشب يقل يوماً بعد يوم".

ويضيف أن "بادية الجزيرة التي كانت تسمى بسلة العراق الغذائية، لم تعد كذلك بسبب الجفاف، وبالتالي ازدادت البطالة وتخلى الكثير من البدو عن حيواناتهم وسكنوا القرى وساد الفقر بينهم. اضطر بعضهم إلى العمل في التهريب والبعض الآخر انتمى للجماعات الإرهابية في سبيل البقاء حياً".

ويتابع الصوفي: "ذلك الانتماء لم يكن واسعاً، وانتهى سريعاً مع سيطرة الدولة على المناطق التي اجتاحتها تلك الجماعات، فيما تقلصت عمليات التهريب بعد أن عززت السلطات الأمنية مسكها للحدود".

 

"العادات والتقاليد"

 

لا تتعلق التغيرات التي طرأت على المجتمع البدوي في العراق على تعدادهم السكاني فحسب، بل تأثرت أيضا الكثير من "العادات والتقاليد" وطرق العيش التي كانت سائدة.

أهمها بيوت الشَعر التي كانت واحدة من أهم أنواع التراث الإنساني للبدو، فلم يعد هؤلاء ممن يعيشون في القرى والمدن يسكنون فيها.

يقول محمد ناصر الذي ترك حياة البداوة وتوجه للوظيفة الحكومية في المدن: "يبني البدو بيوتاً من الطوب للعيش، أما البدو من مربي الإبل فلديهم بيت قائم ثابت تعيش فيه العائلة في أيام توفر العشب بالقرب من المدن، وفي رحلة الصيف إلى عمق البادية يصطحبون نصف أفراد العائلة للرعي وهناك يستخدمون بيوت الشعر".

ويضيف: "حتى بيوت الشعر تغيرت، فسابقا كانت تصنع من شعر الماعز المقاوم للظروف الجوية، الذي يمنع تسرب الماء في الشتاء ويسمح بدخول الهواء في الصيف. أما حالياً فتتوفر المواد والأقمشة في الأسواق، وقليلاً ما يتم نسج بيت الشعر من قبل البدويات".

ويتابع ناصر: "في السابق، من النادر أن نجد بدوياً يتدرج في الدراسة، لما تتطلبه من استقرار مكاني، أما حالياً، فبفضل الاستقرار في القرى والمدن دخل أبناء البدو إلى المدارس وتخرجوا من الجامعات وتدرجوا في السلم الوظيفي. كثير منهم يفضل الانتساب للقوات الأمنية لما توفره من رواتب مستقرة ومجزية".

ويشير إلى أن "الكثير من تقاليد الحياة البدوية تأثرت، فالصيد الذي كان أجدادنا يتباهون به خلال جلسات السمر في المصايف حين تدور دلال القهوة بين الحاضرين، أصبح اليوم محدوداً".

وحتى سبعينيات القرن العشرين كما يقول أستاذ التاريخ ثائر الصوفي "كان البدو يتنقلون في البادية على الجمال والخيول، لكن مع دخول السيارات إلى حياتهم تركوا الخيل للصحراء لتتحول إلى حيوانات برية، أما في الوقت الحالي، فمن يمتلك الخيل منهم يكون لأسباب الترف".

ويؤكد أن "حياة البدو بمعناها القديم أو كما نقرأ عنها في الكتب والمصادر التي كتبت في النصف الأول من القرن العشرين، لم تعد موجودة إلا في النادر جداً، مع ذلك، فإن البدوي العراقي، مهما ترك البادية واستقر، فإنه يعود إليها في حنين شديد، ويستمر في الحفاظ على تقاليدها من كرم الضيافة والنخوة".