علم العراق/Shutterstock
علم العراق/Shutterstock

بقلم صالح قشطة:

"أنا الموقع أدناه.. أطالب الأمم المتحدة والحكومة العراقية بتشكيل لجنة تقصي الحقائق عما حصل في مجزرة سبايكر والمجازر الأخرى وعملية سقوط الموصل.."، بهذه الكلمات يوجه القائمون على حملة (من أجل الحقيقة لسبايكر وسقوط الموصل) دعوتهم لجمع مليون توقيع على عريضة للمطالبة بتقصي حقائق ما جرى ببلادهم في الأعوام الثلاثة الماضية ومعرفة حقيقة مجزرة سبايكر وأسرار سقوط الموصل وجوارها بيد إرهابيي تنظيم داعش.

من حق الشعب العراقي أن يعرف؟

وتوضح المخرجة العراقية عسل عطا (24 عاماً) خلال حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، بصفتها المتحدثة الإعلامية باسم الحملة، أن ما شجعها للانضمام إلى الحملة كان "قصة أم واظبت على زيارة الطب العدلي يومياً لمدة ثلاث سنوات، فقط لتعرف إن كان ابنها على قيد الحياة أم لا"، وعندما شعرت بقدرتها على المشاركة ومساعدة الآخرين قررت الانضمام للحملة.

ومجزرة سبايكر وقعت قرب تكريت حين قام عناصر داعش بقتل نحو 1700 من الطلاب العسكريين المتدربين في القاعدة الجوية القريبة من المدينة يوم 12 حزيران/يونيو 2014. وتؤكد المخرجة الشابة سعي منظمي الحملة لمساعدة الكثير من العائلات المفجوعة في مجزرة سبايكر بشكل خاص وفي سقوط الموصل عموما.

وبعد جمع مليون توقيع، سترفع العريضة من خلال منظمة (آفاز) إلى الأمم المتحدة، ليتم تشكيل لجنة "خالية من السياسيين"، بالتعاون مع الحكومة العراقية، ليخرجوا بتقارير وتفاصيل "من حق الشعب العراقي أن يعرفها" تفيد عسل عطا، مشددة على "تحويل القضية لمحاكم العراق الوطنية بعد الوصول إلى التقارير النهائية، لمحاكمة كل متورط وكل من له يد في القضية، فنحن نريد أن نعرف من هم؟ وماذا كان هدفهم؟".

عسل وزملاؤها جمعوا قرابة 40 ألف توقيع حتى اللحظة، على أمل تحقيق استجابة أكبر عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي"، عبر صفحة الحملة على موقع منظمة (آفاز)، وتوضح "ليس على الشخص سوى كتابة اسمه، بريده الإلكتروني، وبلده، وأن يضغط على زر التوقيع".

لستم لوحدكم، نحن معكم

"أنا شخص من المليون الذين يفترض أن تتمكن الحملة من جمع تواقيعهم"، تقول مريانا رستم (25 عاماً) خلال حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، مشددة على أهمية دور الشباب الذين ترى فيهم القدرة على التغيير وصنع مستقبل أفضل.

وعلى حد تعبيرها، فإن كل توقيع سيحمل لعائلات ضحايا الإرهاب رسالة رمزية تقول لهم "لستم لوحدكم، نحن معكم. بإمكاننا أن نكون نحن أصواتهم، وأن نوصلها للعالم.. وحتى لو كان عددنا قليلا الآن، إلّا أنه سيتضاعف حتماً يوماً بعد يوم".

من حقنا أن نعرف

وبحسب ماريانا فإن نجاح هذه الحملة له أهمية بالغة، مؤكدة أن ذلك سيفتح الآفاق لمواضيع أخرى مستقبلاً، وتؤكد "من حقنا أن نعرف وأن نفهم ما الذي يجري، ومن حقنا أن نعرف مصير بلادنا"، مشيرة إلى مجموعة من القضايا التي ترى ضرورة تقصي حقائقها، كالطائفية والحرب و"الشباب الذي ذهب ضحية لها، والمجازر المستمرة حتى اليوم، والخطف والقتل. على الناس أن تمتلك الجرأة للحديث في هذه القضايا".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.