المخدرات تتسع توزيعا وتعاطيا في ميسان/إرفع صوتك
المخدرات تتسع توزيعا وتعاطيا في ميسان/إرفع صوتك

ميسان- حيدر الساعدي:

بعد أن كانت محافظة ميسان، معبرا لدخول المخدرات إلى العراق ومنها إلى محافظات أخرى ودول مجاورة، تشير إحصاءات حكومية وأخرى مدنية إلى تفاقم ظاهرة تعاطي وترويج المخدرات بعد عام 2003، لا سيما بين الشباب نتيجة الإنفلات الأمني وعدم السيطرة على الحدود مع إيران التي تعاني هي الأخرى من كونها ممرا للمخدرات القادمة من أفغانستان وباكستان.

قلق حكومي

وأعربت حكومة ميسان المحلية عن قلقها إزاء ما وصفته باجتياح المخدرات لشريحة الشباب في عموم المحافظات العراقية وميسان على وجه الخصوص، يقول عضو مجلس المحافظة راهي البزوني لموقع (إرفع صوتك) موضحا "نتابع وبقلق شديد تنامي معدلات الإدمان في محافظة ميسان في ظل الامكانيات البسيطة والمتاحة أمام الحكومة المحلية لمواجهة هذا الخطر".

البزوني يشير إلى عقد مجلس المحافظة العديد من الجلسات الطارئة لمناقشة ملف المخدرات وتمخض أغلبها عن الخروج بتوصيات رفعت إلى الحكومة المركزية لغرض "مفاتحة مكتب الأمم المتحدة لمساعدة العراق في مواجهة اتساع المخدرات والعمل على غمر الشريط الحدودي بين المحافظات الجنوبية وإيران، للحد من عمل عصابات التهريب التي استغلت الممرات المائية (الأهوار) المجففة في زمن النظام السابق، وتعزيز قوات حرس الحدود، فضلا عن العمل بنظام الوثيقة الصحية بالنسبة للزائرين الأجانب الذين يدخلون عبر منفذ الشيب الحدودي والتي تؤيد سلامة الزائر من تعاطي المواد المخدرة".

ويضيف البزوني مستندا في حديثه إلى تقارير دولية ومحلية أن "نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب العراقي بلغت 30%، ممن تنحصر أعمارهم بين 15-35 عاما".

المخدرات الأكثر استهلاكا

بحسب ما أفاد به لموقعنا، الضابط في جهاز مكافحة المخدرات في شرطة ميسان (م.ن) والذي طلب عدم الكشف عن هويته، تتزايد أعداد المتعاطين والمروجين، فكانت كبيرة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة. ففي حين "ألقي القبض على 357 موقوفا بحيازة وتعاطي وترويج المخدرات 2016، سجل النصف الأول من العام 2017 القبض على 230 موقوفا بنفس التهم السابقة".

 

القبض على 230 متهما بالمخدراتخلال النصف الأول من العام/إرفع صوتك

​​

وبيّن الضابط إن أعداد المتعاطين لمادة الكرستال المخدرة، فاقت المتعاطين لمادة الحشيشة والحبوب المهلوسة، على الرغم من ارتفاع سعر الأولى التي تباع بمقدار 25 دولارا للغرام الواحد فيما سجل سعر الكيلو غرام من مادة الحشيشة 600 دولار".

يضيف (م.ن) في حديثه "مصادرنا منتشرة في كل مكان خصوصا مناطق جنوب المحافظة وفرضنا مراقبة مشددة على المقاهي بعد غلق أكثر من 100 مقهى غير مجاز لا سيما في قضائي المجر الكبير والكحلاء اللذين تصدرا الأقضية والنواحي في أعداد المتعاطين".

 

قانون المخدرات والمؤثرات العقلية؟

وينتقد المشاور القانوني عمار الخزعلي التعديل الأخير على قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 ، في حديث إلى موقعنا بقوله "يلاحظ التخفيف الواضــح بين نصوص القانون لجرائم (تعاطي المخدرات) واستخدام عبـارات مثل (الإستعمال الشخصــي)، والتغيير بين الألفاظ القانونية في القانون القديم والقانون الحالي وبين ألفاظ هذا القانون نفسه".

ويلفت الخزعلي عن "الإتجاه الصريح للمشرع بالتخفيف عن (جرائم تعاطي المخدرات) بخلاف الإتجاه السابق الذي أعتمده قانون المخدرات رقم 68 لسنة 1965"، موضحا أن "التشديد الذي يتصوره البعض بالنسبة لعقوبة الإتجــار بالمخدرات لا يُغطي المســاحة التي ستظهر آثارهـا على الواقع العراقي و التي ستؤدي حتمــاً إلى زيادة التعاطي بصورة مباشرة".

 

التعديل الجديد للقانون جعل عقوبة جريمة تعاطي المخدرات هي "الحبس مدة لا تقل عن ١ سنة و لا تزيد على ٣ سنوات و بغرامــة ...... "، مــع إمكانية تنفيذ أحكام القانون بأثر رجعي فيما يخص جرائم (التعاطي) ومعناه بحسب المشاور القانوني، "تخفيف حدة القوة العقــابية عن العقوبات التي طالت و ستطـال هذا النوع من الجــرائم، كذلك جواز إطلاق ســراح المتهم بجرائم التعاطي (بكفالة) باعتبار أن العقوبة هي (الحبس و الغرامة) و كذلك ما يُفهم بطريق المخـالفة من أحكام المادة 36 / أولاً بما سيؤدي إلى الاستخفاف بهذا النوع من الجرائم مع توجه المشرّع الجديد الذي اعتبر هذه الجريمة بمثابة (جنحــة) بعد أن كانت (جناية) و سيراهــا (الأحداث) دون سن 18 عام جريمة بسيطة قانونـاً".

"لا حياة مع المخدرات"

هذا هو شعار رفعته منظمات مجتمع مدني بهدف نشر ثقافة التصدي لظاهرة بيع وترويج المخدرات وكيفية التخلص منها، من خلال التعريف بمخاطر هذه الآفة وتداعياتها على المجتمعات.

ويقول الناشط المدني مصطفى القشعمي "رصدنا اتساعا ملحوظا لحالات إدمان على المواد المخدرة والمسكنة بين الشباب خصوصا العاطلين عن العمل، ووضعنا العديد من البرامج المدنية لمواجهة خطر اتساعها بين الشباب، لكن المحاولات المدنية وحدها لا تكفي فهي بحاجة إلى الدعم الحكومي وتدخل المنظمات الدولية، فالقضية أكبر مما كنا نتوقع، وأعداد المدمنين في تزايد والبرامج الحكومية تكاد تكون معدومة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.