علي عبد الأمير:
مناصرو التطرف من السنة، يلتقون مع مناصري التطرف من الشيعة، مع إن الطرفين نقيض بعضهما الآخر في مواقف الدين السياسي المعتمد على الطائفية تفسيرا وصراعا وصولا إلى المواجهة الدموية.
فمتطرفو السنة مثلا يرون أن "عدوتهم أميركا لأنها تريد القضاء على الإسلام والسنّة".
أما متطرفو الشيعة فلا يبتعدون عن الاتهام ذاته؛ فهم اليوم يعتقدون أن "عدوتهم أميركا لأنها خلقت داعش".
ما الذي يعنيه أن يلتقي أغلب متطرفي السنة مع "أعدائهم" الشيعة في نظرية المؤامرة؟ أهي مجرد مفارقة؟ أم إن التطرف يعمي الأبصار والعقول، بحيث يجعل المتناقضات أمرا متحققا؟
موقع (إرفع صوتك) حرص من خلال منصات التواصل الاجتماعي على طرح الموضوع للنقاش.
الضحك على الشعوب
يقول الكاتب والاعلامي العراقي، عصام كشيش "ليس فقط المتطرفون من الجهتين يكرهون أميركا، بمعنى آخر، لا دخل للتسنن أو التشيع بالعداء. كل القضية أن هناك أجيالا تربت على العداء لأميركا دونما سبب أو لأسباب واهمة كالإمبريالية والاستعمار. فمنذ قيام الجمهورية بالعراق تلاحقت السلطات على تغذية الشعب بالكراهية للغرب ولأميركا، وربما السلطات العربية الأخرى غذت شعوبها بنفس الفكرة".
لقاء بين الأضداد
وعن هذا اللقاء العجيب بين الأضداد يقول المدون أرين عماد "أميركا مصابة باللعنة، فهي مكروهة إن تدخلت في شؤون الأمم، وهي مكروهة إن لم تفعل. السنة في العراق يلعنون أميركا لتدخلها وتحرير العراقيين من بطش صدام. والسنة في سورية يكرهون أميركا لعدم تدخلها وإنقاذ السوريين من بطش بشار. الكره لأميركا استراتيجية رابحة للضحك على الشعوب المغلوبة على أمرها. يعتقدون أميركا كلها شر، في حين أنها أعظم دولة في مجال القوانين والأنظمة والاختراعات وحقوق الإنسان والديمقراطية... هذه الشعوب لابد لها أن تأخذ دروسا إضافية حتى تصحو على أمرها".
ويوسع المواطن خلف عزيز دائرة الاتهام، فيعتبر أنظمة الحكم العربية مسؤولة عن تعميق "نظرية المؤامرة" لتبرير سياساتها قائلا "لا بد من عدو ليبرر حكامنا فشلهم. والعدو كبير وعظيم مثل أميركا أو ماكر مثل إسرائيل والصهيونية العالمية أو هلامي مثل الماسونية، والقطيع يتبع الحاكم الفاشل في مهمة التصدي لكل هؤلاء الأعداء".
الكراهية نجاح انتخابي!
ويربط المواطن العراقي سهيل هادي جواد بين الكراهية التي تشعلها "نظرية المؤامرة" ونجاحات قوى وأحزاب وطوائف متصارعة، قائلا "الكراهية سلاح فعال بيد السلطان والأحزاب. ولا عجب إن اتفق الاثنان (الشيعة والسنة) على كراهية أميركا فهي جاذبة لجمهور سيعيد ويكرر ذات الوجوه في الانتخابات بفعل هذه القوة الجاذبة: الكراهية".
أما المهندسة العراقية المقيمة في أميركا سامرة العبيدي فتقول "أعتقد جازمة أن إطالة الحديث في "المؤامرة المخطط لها"، زادنا فرقة على فرقة، لان فكرة المؤامرة صارت الشماعة التي نعلق عليها ذلك التطرف الطائفي، الفكري أو الديني القابع داخل كل فرد منا، وكل مجتمع من مجتمعاتنا لنترك لأنفسنا التصور أننا مثاليون ولا يوجد ما يعيبنا، وكل ما هناك أنها المؤامرة. نعم هي المؤامرة التي تكشف كم نحن قبيحين (فكريا) وبذلك نتهرب من مواجهة ذواتنا".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659