امرأة عراقية تسير في منطقة الكرادة بعد تفجير انتحاري ضرب المنطقة في تموز/يوليو 2016/وكالة الصحافة الفرنسية

علي عبد الأمير:
مناصرو التطرف من السنة، يلتقون مع مناصري التطرف من الشيعة، مع إن الطرفين نقيض بعضهما الآخر في مواقف الدين السياسي المعتمد على الطائفية تفسيرا وصراعا وصولا إلى المواجهة الدموية.

فمتطرفو السنة مثلا يرون أن "عدوتهم أميركا لأنها تريد القضاء على الإسلام والسنّة".
أما متطرفو الشيعة فلا يبتعدون عن الاتهام ذاته؛ فهم اليوم يعتقدون أن "عدوتهم أميركا لأنها خلقت داعش".
ما الذي يعنيه أن يلتقي أغلب متطرفي السنة مع "أعدائهم" الشيعة في نظرية المؤامرة؟ أهي مجرد مفارقة؟ أم إن التطرف يعمي الأبصار والعقول، بحيث يجعل المتناقضات أمرا متحققا؟

موقع (إرفع صوتك) حرص من خلال منصات التواصل الاجتماعي على طرح الموضوع للنقاش.

الضحك على الشعوب

يقول الكاتب والاعلامي العراقي، عصام كشيش "ليس فقط المتطرفون من الجهتين يكرهون أميركا، بمعنى آخر، لا دخل للتسنن أو التشيع بالعداء. كل القضية أن هناك أجيالا تربت على العداء لأميركا دونما سبب أو لأسباب واهمة كالإمبريالية والاستعمار. فمنذ قيام الجمهورية بالعراق تلاحقت السلطات على تغذية الشعب بالكراهية للغرب ولأميركا، وربما السلطات العربية الأخرى غذت شعوبها بنفس الفكرة".

لقاء بين الأضداد

وعن هذا اللقاء العجيب بين الأضداد يقول المدون أرين عماد "أميركا مصابة باللعنة، فهي مكروهة إن تدخلت في شؤون الأمم، وهي مكروهة إن لم تفعل. السنة في العراق يلعنون أميركا لتدخلها وتحرير العراقيين من بطش صدام. والسنة في سورية يكرهون أميركا لعدم تدخلها وإنقاذ السوريين من بطش بشار. الكره لأميركا استراتيجية رابحة للضحك على الشعوب المغلوبة على أمرها. يعتقدون أميركا كلها شر، في حين أنها أعظم دولة في مجال القوانين والأنظمة والاختراعات وحقوق الإنسان والديمقراطية... هذه الشعوب لابد لها أن تأخذ دروسا إضافية حتى تصحو على أمرها".

ويوسع المواطن خلف عزيز دائرة الاتهام، فيعتبر أنظمة الحكم العربية مسؤولة عن تعميق "نظرية المؤامرة" لتبرير سياساتها قائلا "لا بد من عدو ليبرر حكامنا فشلهم. والعدو كبير وعظيم مثل أميركا أو ماكر مثل إسرائيل والصهيونية العالمية أو هلامي مثل الماسونية، والقطيع يتبع الحاكم الفاشل في مهمة التصدي لكل هؤلاء الأعداء".

الكراهية نجاح انتخابي!

ويربط المواطن العراقي سهيل هادي جواد بين الكراهية التي تشعلها "نظرية المؤامرة" ونجاحات قوى وأحزاب وطوائف متصارعة، قائلا "الكراهية سلاح فعال بيد السلطان والأحزاب. ولا عجب إن اتفق الاثنان (الشيعة والسنة) على كراهية أميركا فهي جاذبة لجمهور سيعيد ويكرر ذات الوجوه في الانتخابات بفعل هذه القوة الجاذبة: الكراهية".

أما المهندسة العراقية المقيمة في أميركا سامرة العبيدي فتقول "أعتقد جازمة أن إطالة الحديث في "المؤامرة المخطط لها"، زادنا فرقة على فرقة، لان فكرة المؤامرة صارت الشماعة التي نعلق عليها ذلك التطرف الطائفي، الفكري أو الديني القابع داخل كل فرد منا، وكل مجتمع من مجتمعاتنا لنترك لأنفسنا التصور أننا مثاليون ولا يوجد ما يعيبنا، وكل ما هناك أنها المؤامرة. نعم هي المؤامرة التي تكشف كم نحن قبيحين (فكريا) وبذلك نتهرب من مواجهة ذواتنا".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659​

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.