مشهد ليلي من مدينة البصرة/ إرفع صوتك

البصرة - مشعل العبيد:

تتخوف الكثير من العائلات البصرية والجهات الرسمية من استفحال حالات الانتحار بين الشباب خصوصا الأعمار الصغيرة التي خرجت للتو من طور المراهقة ووضعت أقدامها على أعتاب مرحلة الشباب.

إحصائية رسمية

في إحصائية رسمية قدمها رئيس اللجنة الأمنية في مجلس البصرة جبار الساعدي لموقع (إرفع صوتك)، ظهر أن عدد المنتحرين الشباب من 1/1/2017 وحتى 31/7/2017 بلغ 31 منتحرا أغلبهم كان بسبب تعاطي المخدرات.

الساعدي أكد في حديثه على أن "البصرة بعد أن كانت معبرا لكل أنواع المخدرات، أصبحت مركزا رئيسا لتعاطيها وهو أمر خطير"، مبينا أن هناك حالات لا يستطيع الإعلان عنها بسبب "الأعراف والتقاليد وسمعة المنتحر".

ودعا الساعدي إلى تدخل الحكومة المركزية والمحلية ومنظمات المجتمع المدني وخطباء المساجد والحسينيات والفنانين والجامعات لـ"توعية الشباب وإرشادهم لا سيما أن هناك سكوتا متعمدا وكأن هذه الجريمة سهلة جدا وعملية بسيطة".

الأكثر إنتحارا

وبيّن الدكتور عبد الكريم زاير الموزاني، المتخصص في الإرشاد والعلاج النفسي، لموقع (إرفع صوتك)، أن محافظتي الناصرية والبصرة هما الأكثر تسجيلا لحالات الانتحار رغم عدم وجود إحصائية دقيقة حولها.

وأوضح الموزاني أن هناك ارتفاعا في معدل حالات الانتحار مقارنة بالعام الماضي لـ"عدم وجود الحلول وعدم تشكيل غرفة عمليات لمتخصصين بعلم النفس والإرشاد النفسي وعلم الاجتماع ورجال القانون لوضع آلية عمل تنطلق منها الكثير من الحلول".

وأرجع الدكتور الموزاني أسباب إقدام الشخص على الانتحار إلى "اليأس خصوصا للذين لا يجدون لقمة العيش والسكن والعاطلين عن العمل، وحتى أصحاب الشهادات العليا الذين كانوا يأملون بالحصول على فرص عمل تناسب ما تعبوا فيه من تكاليف الدراسة فهؤلاء يكونون أكثر استعدادا للانتحار".

وأضاف الموزاني أن للمخدرات والمشروبات الكحولية دور كبير في حالات الانتحار حيث أن "الحكومة قررت منع المشروبات الكحولية وتركت الباب مفتوحا للمخدرات التي يشجع بعضها الإنسان على التفكير بالانتحار لأنها تسبب الاكتئاب الذاتي والاكتئاب الذي يميل إلى محاولات الانتحار".

وأوضح الموزاني أن من أسباب الانتحار أيضا "تناول الأدوية التي يكون بعضها مشجعا على الانتحار، وعدم التواصل الاجتماعي الذي يجعل الإنسان في عزلة ويختلي بالفيسبوك وبالنتيجة يشعر بالضجر ويكون أكثر تهيئة للانتحار".

ويضيف أن الكثير من الطلبة يشعرون باليأس أو الفشل أو الضغوط الأسرية وتسلط الوالدين أو أحدهما مما يؤدي إلى هذه الحالات.

يروي أبو محمد المنصوري، الموظف في إحدى الشركات الحكومية لموقعنا، حادثة انتحار ابن أخته (عن سن 16 عاما). ويقول إنهم "وجدوا الفتى معلقا بحبل من رقبته وقد تدلى من المروحة السقفية"، مبينا أن احد أسباب انتحاره كان عائليا والضغط النفسي الذي لاقاه بسبب الامتحانات التي لم يكن موفقا فيها.

فيما يقول زين العابدين مؤيد، الطالب في إحدى كليات الهندسة الأهلية، إنه تفاجأ حين سمع بخبر انتحار أحد أصدقائه شنقا وإن هذا الأمر كان قد نزل على قلبه مثل الصاعقة لمعرفته أن صديقه هذا لا يمكن أن يقدم على فعلة كهذه لاعتقاده بعدم وجود مبرر ظاهري يحفزه على الانتحار. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.