منزل المواطن فرج الدليمي أثناء إعادة بنائه/تنشر بإذن منه
منزل المواطن فرج الدليمي أثناء إعادة بنائه/تنشر بإذن منه

بقلم علي قيس:

يشعر فرج الدليمي بالسعادة بعد أن أنهى إعمار منزله في ناحية اليرموك بمدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، بعد قيام تنظيم داعش بتفجيره خلال فترة سيطرته على المدينة.

يعمل الدليمي ممرضا ويمتلك عيادة تضميد خاصة، حكم عليه بالقتل من قبل التنظيم لرفضه علاج الجرحى من عناصره.

"كنت أوّعي المراجعين لعيادتي من خطر الفكر الذي يحمله الدواعش، وكان بعض المراجعين ينقلون كلامي نصا إلى عناصر التنظيم لذلك اعتبروني عدوا"، يقول الدليمي في حديث لموقع (إرفع صوتك)، مضيفا "كما رفضت علاج عناصرهم وقررت النزوح هربا منهم، وهددوني إذا لم أعد سيفجرون منزلين كنت أمتلكهما، فضلت البقاء نازحا لأحافظ على حياتي".

ويتابع "اتصل بي شخص من أمنيّة داعش وأخبرني بأن الحكم بقتلي قد صدر، ولا شفاعة لي، وفعلا فجرّوا المنزلين اللذين كنت أمتلكهما".

اقرأ أيضاً:

بعد عام على تحريرها.. الرمادي المدينة الشبح

الفلوجة.. 160 دولارا لبيت بدون ألغام!

تمكن الممرض من إعمار أحد المنزلين، وكلفته عملية الإعمار نحو 15 ألف دولار، اقترضها بشكل كامل من بعض الأصدقاء.

"عندما عدت أنا وزوجتيّ الإثنتين وأطفالي الثمانية إلى الرمادي بعد تحريرها، جلبت معي خيمة، سكنت بها حتى أنهيت بناء منزلي"، يروي الممرض الدليمي، لافتا إلى أن "الكثير من أبناء المنطقة قاموا بإعمار منازلهم على نفقتهم الخاصة أو من خلال اقتراض المال من الأقارب والأصدقاء، لأن الإجراءات الحكومية تحتاج لوقت طويل".

 

الشعور بالاستقرار

القصة لا تختلف كثيرا عند أحمد عواد جراد (45 عاما)، وهو من أهالي ناحية اليرموك ذاتها؛ فقد قام عناصر تنظيم داعش بتفجير منزله، كونه منتسبا إلى مديرية شرطة الأنبار.

يقول أحمد "تمكنت من النزوح قبل أن أقع بيد عناصر التنظيم، الذين قاموا بقتل جميع منتسبي القوات الأمنية" موضحا في حديث لموقعنا، "أرسلوا لي العديد من التهديدات وانتهت بتفجر منزلي بعد أن زرعوه بالمتفجرات".

وبعد عمليات التحرير، لجأ أحمد وهو متزوج ولديه ستة أطفال، إلى اقتراض مبالغ مالية من أقاربه، وقام بإعمار منزله بشكل جزئي.

ويؤكد "رغم أني بنيت غرفتين ومطبخا فقط لكنني أشعر بالاستقرار، فأنا في منزلي".

مسؤولية الراوي؟

بدوره، يؤكد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح الكرحوت، أن مسؤولية عدم تعويض أي مواطن من أهالي محافظة الأنبار تتحملها الحكومة المركزية في بغداد، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "حصلنا على أموال مخصصة لتعويضات المواطنين، لكن تم سحبها من قبل الحكومة المركزية بالاتفاق مع محافظ الأنبار صهيب الراوي، وأودعت الأموال في وزارة المالية".

ويتابع "بل أن الحكومة المركزية لم تشكل لجنة لموضوع التعويضات".

ويقول الكرحوت أن مجلس محافظة الأنبار "طالب وناشد المجتمع الدولي لمساعدة المواطنين المتضررين من تنظيم داعش، لكن حتى اللحظة لم تتحرك أي دولة لتقديم المساعدة"، مطالبا في الوقت نفسه "الحكومة المركزية بتشكيل لجنة من أجل تعويض أهالي الأنبار، لأن هذه التعويضات ستفتح صفحة جديدة للمحافظة وتنعش اقتصادها، كما ستبعد المواطنين عن التفكير بالانتماء لداعش".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659​

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.