سوق شارع الجمهورية في مدينة كركوك/إرفع صوتك
سوق شارع الجمهورية في مدينة كركوك/إرفع صوتك

كركوك - محمد عبد الله:

رغم عدم قدرتها على الخياطة بسبب ضعف بصرها، إلا أن أم محمود (٥٧ عاما) ما زالت تواصل مهنة الخياطة لإعالة عائلتها، فراتب زوجها المتقاعد لا يكفي لسد متطلبات الحياة اليومية بما فيها مصاريف الأدوية والعلاج لها ولزوجها بعد أن تعرضا خلال الأشهر الماضية لعدة وعكات صحية.

وتعمل أم محمود يوميا لعدة ساعات حتى تتمكن من الحصول على مبلغ مالي يساعدها في الحصول على لقمة العيش. وتقول لموقع (إرفع صوتك) "بعد أن تقاعد زوجي قبل سبع سنوات، أجرَ دكانا إلا أنه لم ينجح في العمل وخسرنا ما كنا ندخره من مال. لذا اضطررت أن أعود للخياطة مرة أخرى".

اقرأ أيضاً:

العبادي يرفض مشاركة كركوك في استفتاء كردستان

عراقي: تحوّلت من متطرف إلى شخص لاديني

نسبة الفقر في المحافظات العراقية

وتشير إحصائيات وزارة التخطيط العراقية التي حصل عليها موقع (إرفع صوتك) إلى أن نسبة الفقر في بغداد والمحافظات الجنوبية تبلغ نحو ٣٠ في المئة، أما في كركوك وديالى فتبلغ نسبة الفقر أكثر من ٣٥ في المئة، وفي الوقت ذاته تتراوح نسبة الفقر في إقليم كردستان ما بين ١٣ - ١٥ في المئة.

مشاكل في الحصول على فرصة عمل

وترى ولاء الطائي (٢٩ عاما) وتعمل كمصورة حرة أن المرأة في كركوك أكثر حرية مقارنة بنساء المناطق الأخرى من العراق. وتقول لموقع (إرفع صوتك) "صحيح أن المتجمع يضع قيودا حول عنق المرأة العاملة خصوصا إذا كانت منفصلة. ولكن بشكل عام المرأة في كركوك تحصل على فرص عمل وحرية أفضل من المحافظات الأخرى".

لكن الناشطة المدنية، نازنين أنور، لا تعتبر حصول المرأة على فرص العمل دليل على حريتها ورفاهية حياتها. وتضيف لموقع (إرفع صوتك) "عمل المرأة هو عبء إضافي على عملها في إدارة البيت ومسؤولية تربية الأطفال وهذا ينعكس سلبا على صحتها النفسية والجسدية".

وتعد هذه الناشطة المرأة الضحية الأولى للاضطهاد والتعسف والحرمان نتيجة انعدام الأمن الذي غالبا يؤدي إلى زيادة حالات القتل والعنف. "وأحيانا تكون المرأة ضحية لأمراض نفسية يعاني منها الزوج أو الأب"، تقول مؤكدة "لا أنتظر أن يحدث تغيير في المستقبل وذلك لأن الحكومة خلال السنوات الماضية لم تقدم أي إنجاز يحفظ للمرأة حقها".

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط، في 9 كانون الثاني/يناير الماضي، بلغ أعداد المطلقات والأرامل في العراق لعام ٢٠١٦ نحو مليون و٩٣٨ ألف مطلقة وأرملة.

وأشارت الوزارة إلى أن الإحصائية التي حصل موقع (إرفع صوتك) على نسخة منها لم تشمل محافظتي نينوى والأنبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضائي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية فيها.

أما دعاء جاسم (٢١ عاما) وتعمل كممرضة، فرغم حصولها على فرصة عمل لكنها تُبين لموقع (إرفع صوتك) أنها لا تشعر بالحرية. وتردف بالقول "عندما أذهب للمركز الصحي الذي أعمل فيه أرى عيون الموظفين تتبعني وهذا الشعور يزعجني، صحيح ليس هناك تحرش صريح لكنني لا أشعر بارتياح".

ولا تقف مشكلة دعاء عند هذا بل تجتازه إلى مشكلة أخرى تكشف عنها بقولها "أحد أنواع التعنيف هو عندما يكون هناك منصب شاغر وهناك مرشحين. يقع الاختيار على الذكر دون الأنثى رغم أنها تمتلك كفاءات أكثر".

التهجير والنزوح

وتسلط الكاتبة والصحافية الكركوكية، ديرين شواني (٢٩ عاما) لموقع (إرفع صوتك) الضوء على أهم مشاكل المرأة في المجتمع. "النساء النازحات من أطراف كركوك ومن المدن الأخرى يعانين من عدم امتلاكهن مستمسكات وأطفالهن لم يحصلوا على الجنسية بسبب سيطرة داعش على مناطقهن حتى الآن وهذه كارثة تنفجر يوما ما، إضافة إلى حرمان بعضهن من التعليم"، لافتة إلى أن الحركة النسوية في كركوك تحاول دوما الوقوف على قدميها ولكن لا زالت هناك بعض قيود الاجتماعية تقيد تلك الحركة.

وتختتم حديثها بقولها "لكن نساء كركوك صامدات ويناضلن من أجل الوصول مهما بلغ الأمر".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.