واجهت الحياة بمفردي /إرفع صوتك
واجهت الحياة بمفردي /إرفع صوتك

ميسان- حيدر الساعدي:

ما زالت نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة تختلف عن نظرته إلى الأسوياء. ويبدو أن هذه النظرة بحاجة للكثير حتى تصبح إنسانية وقد تكون البداية مع الأسرة.

ويروي مسؤول "منظمة أسوان لذوي الاحتياجات الخاصة" في ميسان، سعد عبد الرحمن لموقع (إرفع صوتك) كيف أنه، ذات يوم، دخل إحدى شركات التحويل المالي في مدينة العمارة، و"كان معي عملة الدولار لغرض تحويلها إلى العملة العراقية، وما أن هممت بالدخول حتى اعتقد صاحب الشركة بأني واقف لغرض الاستجداء، ولم يعرني أي اهتمام، وبعدها اعتذر لي وقال لقد أسأت فهمك".

اقرأ أيضا:

رغم فقدانه بصره... يعمل للعدالة القانونية والاجتماعية

سوي مثل باقي الناس

ويتابع عبد الرحمن حديثه "هذه نظرة المجتمع التي نعاني منها، ولذا لا بد من تحدي المجتمع وعلى المعاق أن ينهض بنفسه، ويعتمد عليها لإثبات وجوده، فمعركتنا هي معركة إثبات الوجود وألا يستسلم لفكرة الإعاقة، بل يجب التعامل مع جسده كأنه سوي مثل باقي الناس".

وانتقد عبد الرحمن القرارات التي وصفها بالجائرة والخاصة بمنع الأطفال المعاقين من التسجيل في المدارس الحكومية وحرمانهم حق التعليم، مبينا أن قرارات كهذه "ستكون لها أبعادها النفسية السيئة تجاه الطفل المعاق وأسرته"، ملوحا بخيارين: أن "تتعامل وزارة التربية مع هذا الملف بإنسانية مطلقة أو اللجوء إلى القضاء العراقي لمجابهة مثل قرارات قاسية كهذه".

حق التعليم والتوظيف

ووصف مدرب المعاقين في محافظة ميسان محمد غلوم علي، ذوي الاحتياجات الخاصة بالشريحة المظلومة، قائلا "على الحكومة العراقية والمحلية أن تبادر إلى تفعيل قانون المعيل للمعاق، وقانون توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة والقاضي بتعيينهم بنسبة 2% في مؤسسات الدولة المختلفة، فنحن كثيرا ما نجد أحد أفراد هذه الشريحة وهو يدير عملا إداريا مكتبيا بنجاح وتميز".

ويضيف غلوم " لدينا العشرات من أبطال العراق، وبمختلف الرياضات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن تمكنوا من الدخول إلى عالم الرياضة وتحقيق ذاتهم وحصدوا الأوسمة والميداليات"، مناشدا جميع ذوي الاحتياجات الخاصة التوجه نحو عالم الرياضة بدلا من التقوقع على النفس وانعزال المجتمع.

لن يأتي أحد لمساعدتي

ويقول شاكر محمود صفيط، (38 عاما)، متزوج ولديه 3 أطفال، ويعيش في بيت بأحد العشوائيات، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة (معاق الساقين)، ويعمل في صيانة الدراجات الهوائية، إن "شعاري أصبح لا حياة مع اليأس، بعد أن واجهت الحياة بمفردي وأنا على هذه الحال أيقنت تماما، إذا لم أعتمد على نفسي لن يأتي أحد لمساعدتي".

ويلفت شاكر إلى أن "الدولة تخصص لي راتبا شهريا قدره  150 ألف دينار، لكني لم أستلم أي حقوق أخرى تتعلق بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة كالكراسي المتحركة أو قطعة أرض سكنية".

واجهت المجتمع بقوة

 لا بد للأهل من تحمل مسؤولياتهم تجاه ابنهم المعاق وتحفيزه وخلق الأجواء الايجابية التي تجعله في حالة تقدم نحو مواجهة المجتمع، وهو ما تلفت إليه الشابة أسوان صابر ماجد،  من ذوي الاحتجاجات الخاصة وأنهت رسالة الماجستير، قائلة في حديث إلى موقعنا "لقد واجهت المجتمع بكل ما أوتيت من قوة وواجهت حتى القوانين وتمكنت من إكمال دراستي العليا الماجستير على الرغم من رفضي أكثر من مرة، لكنني كنت أزداد إصرارا وتمت إحالتي على لجنة في وزارة التعليم العالي، التي قررت مؤخرا قبولي في الدراسات العليا".

وتتابع أسوان "كان دخولي بمثابة الحافز للآخرين من أقراني الذين التحقوا بي مباشرة لإكمال مشوارهم الدراسي وأصبحت أفتخر بنفسي وما تمكنت من تحقيقه في دراستي".

زوجة بلا ساقين؟

سلامة جاسم، شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولدت مصابة بشلل ولادي تقول لموقعنا "المرأة المعاقة في مجتمعي، لن تتزوج فمن من الرجال يرضى بالزواج من امرأة معاقة".

وتنظر الشابة نحو محنتها من خلال مقارنة ثقافية- اجتماعية موضحة "لسنا في أوروبا أو أميركا، نحن في العراق، ولا أعتقد أن هناك رجلا عراقيا يتفهم معنى امرأة معاقة، ولا توجد أم تمتلك الشجاعة تخطب لابنها فتاة بلا ساقين".

اقرأ أيضا:

هل يصلح العراق لسكن ذوي الاحتياجات الخاصة؟

10000

ويوضح عضو "مؤسسة تجمع المعاقين في العراق" عبد الرضا ماهود، أن آخر إحصاء من قبل وزارات الصحة والبيئة والعمل والشؤون الاجتماعية، كان في العام 2012 وبموجبه تم إحصاء نحو 10000معاق في محافظة ميسان.

بينما يشير عضو البرلمان العراقي حيدر المولى، إلى وجود تعديلات قانونية من قبل مجلس النواب العراقي لبعض القوانين النافذة والخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وآخرها منح مبلغ 150 ألف دينار كمرتب شهري  للمعاق وراتب شهري قدره 175 الف دينار لمن يعيل معاقا، ومنحه حق التفرغ الوظيفي بدون راتب، "لكن المشكلة تكمن في عدم تطبيق الجهات التنفيذية لهذه القوانين".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.