أكراد يتظاهرون في إقليم كردستان لتأييد الاستفتاء على إنفصال الإقليم/وكالة الصحافة الفرنسية
أكراد يتظاهرون في إقليم كردستان لتأييد الاستفتاء على إنفصال الإقليم/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

صوت مجلس النواب العراقي الثلاثاء، 12 أيلول/سبتمبر، على "رفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان"، المزمع إجراءه نهاية الشهر الجاري، كما ألزم التصويت رئيس مجلس الوزراء باتخاذ "كافة التدابير التي تحفظ وحدة البلاد".

اقرأ أيضاً:

هل بات العراق على أعتاب التقسيم؟

ماذا قبل الاستفتاء في كردستان العراق؟​

أعضاء المجلس من النواب الكرد انسحبوا من جلسة التصويت واعتبروا الفقرات المصوت عليها غير دستورية.

ويقول عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون "القرار سريع وغير مكتمل الجوانب القانونية والدستورية، وبالتالي لن يطبق من قبل إقليم كردستان"، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الحكومة قبل تصويت البرلمان تعرف واجباتها المتعلقة بمسألة السيادة".

وعلى الرغم من أن القرار المصوّت عليه من قبل البرلمان أعطى رئيس الحكومة الاتحادية حيدر العبادي حرية اتخاذ القرارات في التعامل مع مسألة الاستفتاء، بما في ذلك الخيار العسكري، لكن الكرد يعتبرون قرار القوة مستبعد.

"لحد الآن موقف العبادي جيد رغم عدم اعترافه بالاستفتاء، لكنه يختلف عن الذين يستخدمون التصريحات النارية"، يؤكد السعدون، مضيفا "لن نعتبر التصويت رسالة لاستخدام القوة، وسنكتفي باعتباره (القرار الذي صوّت عليه في البرلمان) غير دستوري".

نحو الانفصال

وتذهب النائبة عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف إلى اعتبار تصويت المجلس "دعاية إعلامية"، وتوضح في حديث لموقع (إرفع صوتك) "المجلس أراد إسقاط فرض عن كاهله أمام الشعب العراقي بأنه ضد الاستفتاء".

وتؤكد الجاف أن الإقليم ماض في مسألة الاستفتاء والانفصال، موضحة "نحن مستمرون بالاستفتاء واستراتيجيتنا السلام، فالحقوق لا تعطى وإنما تؤخذ، وسنأخذها بالحوار".

مسؤولية الحكومة الاتحادية؟

بالمقابل يعتبر الطرف العربي الرافض للاستفتاء أن تصويت مجلس النواب فيه قرارات واضحة وصريحة ودقيقة في رفض الاستفتاء، ودعوة للحكومة الاتحادية بأن تقوم بمسؤوليتها وفق الدستور والقانون في الحفاظ عن وحدة العراق.

ويقول عضو مجلس النواب عن التحالف الوطني خالد الأسدي إن "التصويت أعطى الحكومة كامل الحرية في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية وحدة العراق"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "كما دعا حكومتي بغداد وأربيل إلى استئناف الحوار والابتعاد عن كل ما يضر بوحدة العراق وشعبه".

وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت في وقت سابق، حكما يعتبر قرار محافظ كركوك باشراك المحافظة في الاستفتاء مخالفا للدستور، وهو ما دفع بعدد من أعضاء مجلس النواب والحكومة الاتحادية إلى رفع دعوى إلى المحكمة، لبيان رأيها في قضية استفتاء انفصال الإقليم بشكل كامل، وفقا للأسدي، الذي يوضح أن "الاكراد يعتبرون استفتاء الانفصال دستوريا ونحن نعتبره غير دستوري، بالتالي من يقضي بدستورية الاستفتاء هو المحكمة الاتحادية".

الانفصال ليس أساس المشكلة

ويرى مراقبون أن في تصويت مجلس النواب، تأكيد لعدم مشروعية الاستفتاء، وترويج بأنه (الاستفتاء) لا يحمل أي شرعية، سواء كانت المحلية أو إقليمية أو دولية.

وفي هذا الشأن يقول الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي إن "الدعوة المطلقة لاستخدام العبادي كل صلاحياته سواء كقائد عام للقوات المسلحة أو كرئيس لمجلس وزراء الحكومة الاتحادي، قد يخرج من الحوار إلى أبعد ما هو عليه من صمت حاليا"، معتبرا في حديث لموقعنا القرار بأنه "خطوة للضغط على الإقليم".

وحيث يستبعد الهاشمي توجه العبادي إلى قرار حرب، يوضح "رسالته منذ ثلاث سنوات الحرب ضد داعش، وترك الخصومات والجدليات إلى الدول الكبرى التي ينسجم موقفها مع موقف حكومة بغداد".

ويرى الهاشمي أن أساس التصعيد بشأن استفتاء انفصال إقليم كردستان هي محاولة حكومة الإقليم إشراك المناطق المتنازع عليها، لافتا "لو كان قرار كردستان بشمول محافظات الإقليم فقط في الاستفتاء لما كانت هناك مشكلة كبيرة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.