جانب من أحد أسواق مدينة مدينة كركوك/إرفع صوتك
جانب من أحد أسواق مدينة مدينة كركوك/إرفع صوتك

كركوك - محمد عبد الله:

بعد تردد دام لعدة أعوام، اختار إبراهيم هادي (٣٦ عاما، موظف في مدينة كركوك) أخيرا تسجيل اسمه عبر إحدى المنظمات الدولية للهجرة إلى الولايات المتحدة الأميركية مع عائلته هربا من الأوضاع السياسية والزمنية التي يشهدها العراق بشكل عام وكركوك خاصة.

اقرأ أيضاً:

الامتحانات النهائية.. اعتراضات ومخاوف الطلبة العراقيين

من قوميات مختلفة... تجارب الزواج المختلط في كركوك

ويشير إبراهيم إلى أن خشيته مما يحمله المستقبل دفع به إلى اتخاذ هذا القرار. ويضيف لموقع (إرفع صوتك) "أخاف على مستقبل أبنائي بسبب الأوضاع غير المستقرة التي تعيشها كركوك منذ سنوات. ما زال هناك خطر داعش على المدينة، إضافة إلى ازدياد التوترات السياسية والخلافات التي تشهدها المحافظة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد بسبب الاستفتاء المقرر أن يجريه الإقليم على الاستقلال في ٢٥ أيلول/سبتمبر الحالي".

شباب كركوك ضحية المشاكل السياسية

ويرى الناشط التركماني، يحيى شمس الدين، تأثير السياسة على الشباب من خلال محورين، الأول البيئة والمجتمع والثاني دور الشباب فيما يقدمه للمجتمع.

ويضيف لموقع (إرفع صوتك) أن الشباب في كركوك هم ضحية المشاكل السياسية رغم أن هناك فئات محددة من الشباب والعاملين في الأحزاب والمجتمع المدني، الذين سرعان ما يتحولون إلى محتكرين، ويتمتعون بالحصول على فرص لتطوير أنفسهم حصرا، وفي المقابل لا يقدمون الإنجازات المتكافئة لما يتمتعون به. "لذلك الشباب الناشط هم الآن جزء من المشكلة، ولم يقدموا أنفسهم بصورة صحيحة وأصبحوا أداة بيد الأحزاب"، يقول الناشط لافتا إلى أن كركوك بحاجة لجيل من الشباب الذي يقبل الآخر.

وتعتبر كركوك واحدة من المناطق المتنازعة عليها بين إقليم كردستان العراق والحكومة العراقية في بغداد التي خصص الدستور العراقي المادة ١٤٠ لمعالجتها عبر ثلاث مراحل هي التطبيع والإحصاء ومن ثم الاستفتاء، لكن الطرفين الرئيسين المتمثلين بأربيل وبغداد لم يتمكنا من التوصل إلى حل لمشكلة هذه المناطق.

الأحداث الأخيرة انعكست سلبا

بينما يؤكد الناشط المدني الكردي جالاك شاسوار أن الأحداث الأخيرة بين الاقليم والمركز انعكست سلبا على الشباب، خصوصا شباب كركوك.

ويردف لموقع (إرفع صوتك) "الشباب في المدينة متخوفون من نتيجة الصراع السياسي الدائر ومن احتمال نشوب حرب بين الأطراف، مما دفع البعض منهم إلى الهجرة. وتوقفت النشاطات الشبابية المدنية. وتوقف العمل في الكثير من المشاريع، ما أدى إلى البطالة داخل شريحة الشباب وأصبح هناك شرخ بين شباب القوميات وابتعدوا عن بعضهم".

بدوره يقول يعرب طلال (مصور فوتوغرافي من المكون المسيحي) لموقع (إرفع صوتك) "الكثير من حجوزات التصوير تلغى، هناك ضعف في مجال عملي. الأوضاع السياسية لم تؤثر على أعمالنا فقط بل الكثير من أقربائي يهاجرون إلى الخارج. يبدو أن الوضع سيستغرق مزيدا من الوقت حتى يستقر".

وتصاعدت وتيرة الخلاف السياسي بين الأحزاب السياسية في كركوك مع اقتراب موعد الاستفتاء، وتشهد المدينة ضعفا في حركة الأسواق والتجارة وارتفاع أسعار البضائع الاستهلاكية من الأطعمة، وركود في مجالات الأعمال الأخرى.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.