الكردي علي عبد الخالق وسط أصدقاءه العرب في بغداد/الصورة من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه
الكردي علي عبد الخالق وسط أصدقاءه العرب في بغداد/الصورة من صفحته على فيسبوك وتنشر بإذن منه

بقلم علي قيس:

"بصفتي عراقي بجنسية لم أخترها عندما ولدت، ومن قومية كردية، مضاف لي انتماء دين واسم ولون بشرة... لم أخترها، ككل البشر، فإني مضطر للحياة هنا مع ذكرياتي في هذه الأرض"، هكذا يعلق علي عبد الخالق، كردي الأصل والذي يقطن في العاصمة بغداد، حول رؤيته لقرار الاستفتاء في إقليم كردستان، والتي قد تأتي بـ"نتائج سلبية" على الأكراد الذين يعيشون في مناطق عربية، بحسب ما يتوقعه.

ويقول علي (30 عاما) "التخوف موجود دائماً، لكن ليس من الأصدقاء، دائما الصداقات في العراق عابرة للهويات، برغم الخلافات الحادة لدى زعماء طوائفهم وقومياتهم"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "المليشيات هي الخطر الأعم، وأخشى من عودة سيناريوهات كنت أحاول مسحها من ذاكرتي في أعوام الاحتراب الطائفي".

اقرأ أيضاً:

الأكراد الفيليون ومشروع استقلال كردستان العراق

ماذا بعد رفض برلمان العراق للاستفتاء على استقلال كردستان؟

يقطن علي في منطقة شارع فلسطين شرق العاصمة، ويبدي تخوفه بشكل أكبر على أخيه الأصغر، موضحا "خوفي الأكبر بصراحة على من تدل أسمائهم على قومياتهم، من ضمنهم أخي دلشاد".

حتى اللحظة يؤكد الشاب علي عبد الخالق الذي يعمل صحافيا، أنه لم يتعرض أو أصدقاؤه وحتى على مستوى جميع معارفه وأقربائه من الأكراد الذين يسكنون في مناطق عربية إلى مضايقات، سوى من "قبل مجاميع مسلحة وبمسميات مختلفة، تعترضنا أثناء تنقلنا أحيانا بين بغداد وكردستان"، بحسب ما يؤكد علي، لافتا "لكن يحالفنا الحظ بأن مسقط رأسنا مسجل في هوياتنا ببغداد".

لا يأمل الكردي علي أن يغادر بغداد في يوم ما، ويصف الحديث عن ذلك بـ"المخيف"، ويضيف "نحن من العوائل التي تنقلت مكرهة لأكثر من 13 مرة داخل مناطق بغداد منذ عام 2003، ولا أتمنى حدوثه أبداً لأي انسان مهما تكن هويته وقوميته".

ماذا عن العرب في الإقليم؟

ولا يختلف المشهد عند العرب الذين يعيشون في داخل الإقليم عن الكرد في المناطق العربية، "فالخوف من المستقبل المجهول موجود، رغم الوضع المستقر" كما يصف الإعلامي ضياء منعم، المقيم في محافظة السليمانية، مضيفا في حديث لموقعنا "أنا في السليمانية والوضع فيها مستقر مع حذر وترقب، ولا توجد أي مضايقات للعرب".

ترك منعم بغداد قبل نحو 11 عاما، وانتقل للعمل في مجال الصحافة في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، متزوج ومستقر تماما في هذه المحافظة.

ويقول "عملي مستقر هنا، وحتى زوجتي تعمل في أحد الدوائر الحكومية التابعة لحكومة الإقليم، كما أني تملكت منزلا في السليمانية، لذا يلازمني القلق من المستقبل".

ما زال الإعلامي ضياء منعم يلتقي بأصدقائه الكرد في المقهى بشكل يومي، كما اعتادوا على ذلك منذ سنوات، ويؤكد أن "أصدقاءه الكرد هم أكثر من العرب، بسبب الـ10 سنوات التي قضاها في السليمانية". ويضيف "نسبة الوعي لدى المجتمع السليماني عالي ويعرفون أن ما يصدر من السياسيين وبعض الناشطين في المواقع الاجتماعي لا يمثل موقف العرب، لذا لم تتأثر علاقتي بأصدقائي".

ولا تخلو الأحاديث التي يتداولها منعم مع أصدقائه في جلسات سمرهم من الجانب السياسي وتحديدا موضوع الاستفتاء وقرار الانفصال، بحسب منعم الذي يقول "الكثير منا يرفض هذه الفكرة، كما يوجد هناك أكراد يرفضونها، لكن أغلبية العرب الموجودين في الإقليم يؤيدون الانفصال".

ويتابع "خصوصا الذين هربوا من داعش ووجدوا الأمان هنا في الإقليم".

ويختتم الإعلامي ضياء منعم حديثه بالقول "أصدقائي يطمئنوني بشكل دائم أنه لن يمس العرب سوء، وأتمنى ذلك".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.