البصرة مدينة تاريخ وسياسة وفن... وعشوائيات/إرفع صوتك
البصرة مدينة تاريخ وسياسة وفن... وعشوائيات/إرفع صوتك

البصرة-مشعل العبيد:

"شفقة العامل" بمنطقة المعقل وسط مركز مدينة البصرة واحدة من أهم الساحات الخضراء التي كانت فيما مضى متنفسا لعائلات المدينة، لكنها لم تعد كذلك ولم يتبق منها شيء بعد أن بنيت فيها مئات المنازل العشوائية.

أبو زهراء، كما فضّل تعريف نفسه لموقع (إرفع صوتك)، يقول إنه اضطر لبناء مسكن صغير له في متنزه "شفقة العامل" دون موافقة حكومية وعلى أرض تخصها وهو حق له بعد أن عجزت الدولة عن توفير بيت يليق به كمواطن عراقي.

ويضيف أبو زهراء "لا يمكن لأحد أن يزيل منزلي هذا إلا بعد أن يتوفر لي منزل يأويني وعائلتي من جور الزمان والظلم الذي كنا وما زلنا نعيش فيه"، موضحا أنه يعرف أن بناءه هذا المنزل ليس قانونيا ويمكن للدولة أن تزيله لكنه واحد من آلاف العائلات التي استولت على الأراضي وبنت عليها بيوتا تأويها حتى لو كانت غير مستوفية للشروط الصحية.

اقرأ أيضا:

من أعلام البصرة: تاريخ وسياسة وفن

رئيس لجنة السكن في مجلس البصرة، حسام حنون أبو الهيل، يقول إن "البصرة انفردت من بين المدن الأخرى بعدد الوافدين إليها بطريقة غير قانونية، مما أدى إلى انتشار البناء العشوائي في مركز المدينة وبالتالي أدت إلى حرمان مواطنيها الأصليين من الحصول على أراضٍ".

وأضاف أبو الهيل أن حكومة البصرة ناقشت مسألة التجاوزات أكثر من مرة ولكنها "لم تصل إلى قرار حاسم بهذا الموضوع لأن القرارات النافذة في رفع التجاوزات والبت فيها موضوع تدخلت فيه الحكومة الاتحادية في أكثر من مفصل وبأكثر من قرار وأكدت على عدم رفع التجاوزات الحاصلة وخصوصا تلك التي مضى عليها مدة زمنية".

الاستيلاء على مركز المدينة

ولفت أبو الهيل إلى أن كل المناطق السكنية الخضراء والاستثمارية لا يمكن التجاوز عليها لو لم يكن هنالك تنسيق مع الدائرة المعنية بالأرض، كأن يكون تنسيق مع بلدية البصرة أو هيئة الاستثمار أو غرفة التجارة و غيرها بحيث أن المتجاوز يعرف نوعية استخدام هذه الأرض، متهما "جهات سياسية بالقيام بهذه التجاوزات والاستفادة من العشوائيات للاستيلاء على مركز المدينة لاحقا".

من جانبه قال رئيس "هيئة استثمار البصرة"، علي جاسب لموقع (إرفع صوتك) إن هذه العشوائيات تشكل إعاقة تامة للفرص الاستثمارية المتركزة عادة في أماكن حساسة ولها تأثير اقتصادي وترويجي عال جدا.

صفر استثمار

وأضاف جاسب أن وجود العشوائيات والتجاوزات على الفرص الاستثمارية أصبح طاردا للاستثمار والمستثمرين وغير مشجع، منوها إلى "التعليمات الأخيرة الصادرة من رئاسة الوزراء بضرورة إزالة التجاوزات عن الفرص الاستثمارية".

وأوضح جاسب أن بعض التجاوزات تتم بعد منح الإجازة الاستثمارية وتتم مساومة المستثمر وتعرضه للابتزاز وهذا الأمر خلق حالة سلبية أخرى أمام المستثمرين. 

وفي شهر آب/أغسطس الماضي، أظهرت دراسة قامت بها وزارة التخطيط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن البصرة تحتل المرتبة الثانية بعدد العشوائيات اذ بلغت 700 منطقة عشوائية وجاءت بعد العاصمة بغداد التي بلغ عدد العشوائيات فيها 1000 منطقة عشوائية.

شاهد:

العشوائيات في بابل

وأضافت الدراسة أن سكان العشوائيات أصبحوا يشكلون نسبة 13 في المئة من سكان العراق. وبلغت نسبتهم في بغداد 22 في المئة، فيما بلغت في البصرة 13,5 في المئة وأغلب هذه الأراضي تعود ملكيتها إلى الدولة وبنسبة بلغت 88 في المئة فيما تعود بقيتها إلى القطاع الخاص بنسبة 12 في المئة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.