بقلم صالح قشطة:
لا تختلف معاناة الفتيات والنساء الأيزيديات الواقعات في قبضة إرهاب داعش كثيراً عمن غيرهم من الواقعين بين يدي التنظيم، إلّا أنها قد تكون أكثر قسوة، لا سيّما باعتبار أفراد التنظيم الأيزيديات "كافرات" يحل سبيهن وبيعهن والتمتع بهن، بوطأة تتجاوز غيرهن من رهينات التنظيم بمراحل.
تجارب قاسية وجرائم، تقشعر لفظاعتها الأبدان مورست بحقهن. منهن من نجون، ومنهن من لا يزلن في قبضة التنظيم، مصيرهن مجهول، وحيلتهن قليلة. أما الناجيات، فمنهن من كانت تجربتها كفيلة بتدمير حياتها وإبقائها بحال نفسية يصعب تجاوزها. ومنهن من كافحن وجعلن من تجاربهن مصدراً لقوة لا متناهية، يواجهن بها العالم.
"حقنا ضائع.."
وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، توضح الأيزيدية القادمة من قرية تل القصب إيفانا وليد (21 عاماً)، أنها نجت بنفسها ولجأت إلى ألمانيا، عقب تجربتها المريرة المتمثلة باختطافها واغتصابها على يد مسلحي تنظيم داعش.
اقرأ أيضاً
نادية بشار تصور فاجعة إحراق 19 فتاة أيزيدية
"شندلر اليهودي" ينقذ أيزيديات ومسيحيات من اسر "داعش"
"حياتي طبيعية، أدرس اللغة الألمانية والإنجليزية، وأمارس الرياضة"، تقول الشابة؛ مؤكدة أنها تطمح حالياً لمواصلة دراستها وأن تتخصص بالقانون، بعد أن تخلت عن حلمها بدراسة الطب. وتضيف "عدلت عن ذلك عقب تجربتي مع داعش، لأن حقنا ضائع حتى اليوم، وليس هناك من يساعدنا".
لنشر معاناة الأيزيديين وإيصال أصواتهم إلى العالم، شاركت إيفانا بعدد من المؤتمرات والمحافل الدولية. "في كل مؤتمر أقوم بنقل قصتي وقصة كل الأيزيديين، أخبرهم بما رأيته وما مررت به. أطلب من الدول إنهاء داعش وتخليص بقية الواقعين بين أيديهم".
لا أؤيد سكوتهن
وفي ختام حديثها، توجه الشابة رسالتها لبنات مجتمعها "أقول لكل الأيزيديات ألا يسكتن عما واجههن، لأن منهن من لا يردن التحدث. يجب أن يعرف العالم ما واجههن، أنا لا أؤيد سكوتهن".
أما نهاد بركات (18 عاماً)، أيزيدية من سنجار اختطفها أفراد تنظيم داعش في شهر آب/أغسطس 2014، ونقلوها إلى مدينة الحسكة السورية، تروي قصتها لموقع (إرفع صوتك).
اختطفت نهاد مع مئات الأيزيديين لمدة تجاوزت العام، وكانت شقيقها الصغرى التي لم تتجاوز 13 عاماً من سنها آنذاك معها. تم نقلهن إلى إحدى المدارس في سورية، حيث تم أخذ الرجال وتركت النساء في الفناء ممنوعات عن الحركة حتى صباح اليوم التالي.
اتفقنا أن نسلم
"في الصباح أتى أمير داعش إلينا، وخيرنا بين أن نسلم أو أن يقتل رجالنا، فاتفقنا أن نسلم.."، تقول بركات؛ موضحة أن أفراد التنظيم أخذوا الرجال، ومن ضمنهم أطفال بسن العاشرة، لتعليمهم السلاح والقرآن.
"كنت في سن لا يتجاوز 16 عاماً، وتقاسمونا أنا وأختي الصغرى.. كان الأمير يوزعنا على جنوده.. وأخذني شخص عراقي ينتمي لتنظيم داعش.. ثم أخذني شخص آخر بعده.. اغتصبونا أنا وشقيقتي"، تقول نهاد بصوت محترق؛ موضحة أن الأمر انتهى بها مخطوفة لدى داعشي تم قتله في سورية. تمكنت من الفرار والعودة إلى أسرتها عقب مقتله، حيث كانت قد اتفقت مع أحد المهربين، ومرت بمراحل عدة حتى تمكنت من الوصول إلى بر الأمان.
"منذ اليوم الأول لاختطافي لم أفقد الأمل أبداً بعودتي. وفي كل مرة كنت أقول: سأعود لأهلي"، تقول نهاد، مشيرة إلى أنها عانت حالة نفسية صعبة استمرت لمدة ثلاثة شهور عقب عودتها إلى أسرتها، ما دفعها لمراجعة طبيبة مختصة. وتضيف "ثم أدركت أنني لن أستطيع مواجهة مستقبلي سوى بالعلم، فقررت متابعة دراستي" التي تحلم بمتابعتها حتى النهاية، لتصبح مدرّسة قادرة على مساعدة مجتمعها.
تطمح الفتاة أيضاً لأن تكون ناشطة في مجال حماية حقوق الإنسان، وزارت بريطانيا مرتين لتشارك بمؤتمرات صحافية أخبرت حضورها عن "المأساة التي حلت بنا، وعن اغتصابنا، وكيف هو حال الفتيات"، وتتابع "أحلم بأن أتمكن من فعل أي شيء لأخواتنا اللواتي وقعن في يد الدواعش وأن أتمكن من إيصال أصواتهن إلى جميع أنحاء العالم".
وفي ختام حديثها، تنصح بركات الفتيات اللواتي تعرضن للاختطاف والاغتصاب على يد إرهابيي داعش "أن يواصلن حياتهن ومستقبلهن وألّا يأبهن لأي شيء كان.. لو لم يساعد الشخص نفسه فلن يساعده أحد.. وأتمنى أن يقوم الأهالي بدورهم وأن يحفزوهن لمتابعة حياتهن".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659