أطفال في معهد الإمام الحسين لرعاية أطفال التوحد في ميسان/إرفع صوتك
أطفال في معهد الإمام الحسين لرعاية أطفال التوحد في ميسان/إرفع صوتك

ميسان- حيدر الساعدي:

تشير دراسات طبية إلى أن التوحد بات من الأمراض المنتشرة في العراق. وتظهر آثار هذا المرض على الطفل بشكل واضح خلال السنوات الثلاثة الأولى من عمره.

وفي الوقت الذي يكاد ينعدم فيه التكفل بالأطفال المصابين بمرض التوحد، يجد أولياء أمورهم أنفسهم يعانون بصمت.

محمد يعاني من هذا المرض منذ الصغر. يقول والده "بعد مرور عام ونصف على ولادته، اكتشفت إن ولدي مصاب بمرض التوحد. لم يكن كأقرانه هادئا، ويميل إلى تحطيم الأشياء. كنا نجد صعوبة في السيطرة عليه عندما يكون في مكان عام".

ويضيف الأب في حديثه مع موقع (إرفع صوتك) أن ولده محمد وغيره من الأطفال المصابين بهذا الداء ينتظرون التفاتة فعلية من وزارة الصحة لتوفير فرص المتابعة الطبية وتوفير مراكز التأهيل والعلاج.

أمل طال انتظاره

لم تتوقع عائلة الطفل سجاد في يوم من الأيام أن ولدها الذي طال انتظاره لغرض إسعادها سيكون هو السبب في معاناتها وحزنها.

ويقول والده "ولد سجاد عام 2010، وما زلت أتذكر تلك التفاصيل الصغيرة المفرحة التي غمرتنا بقدومه. لكن بمرور الوقت بدأت تصرفات سجاد تتغير، وبدت عليه علامات الاضطراب في السلوك وعدم التواصل مع الآخرين، إضافة إلى مشاكل في السمع والبصر وصعوبة في التنفس".

ويضيف والد الطفل سجاد "أعمل كاسبا في سوق العمارة الكبير، ووالدته ربة بيت غير متعلمة، ولا نعلم كيف نتصرف تجاه سلوكياته الغريبة"، مناشدا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شمول أطفال التوحد براتب الرعاية لمساعدة الأسرة في توفير متطلبات التعليم الخاصة بهم، أو تسجيلهم في مراكز التدريب الأهلية، فالمدارس الحكومية غير قادرة على تهيئة البيئة الآمنة لهذه الحالات. 

لا ثقافة سليمة

 عامر محمود، شقيق أحد الأطفال المصابين بالتوحد، يقول "لا نمتلك الثقافة الصحية في التعامل مع الطفل المتوحد". ويبدو المرض لكثيرين من الأمراض الغريبة والصعبة وبحاجة إلى خبرات متخصصين في مجال التأهيل والتدريب، ناهيك عن أن الطفل المتوحد في حاجة إلى عناية خاصة ومتابعة مستمرة وهذا يقابله جهد كبير من قبل ذويه.

ويتابع  عامر حديثه قائلا "في بعض الأحيان تصل الأمور داخل المنزل، إلى حالة من التوتر والقلق، ويخيم الحزن على الأسرة بسبب عدم القدرة على استيعاب الحالة المرضية لشقيقي الصغير. ينهار والدَاي أمام عجزهم الكامل تجاه وضعه الحرج".

إقرأ أيضا:

عار اسمه النظرة القاصرة لذوي الاحتياجات الخاصة

الحكومة غائبة

ويسجل "معهد الإمام الحسين لرعاية أطفال التوحد"، والذي افتتح من قبل هيئة دينية خاصة هي "العتبة الحسينية"، تزايدا ملحوظا في أعداد الأطفال المسجلين. يقول مدير المعهد الشيخ محمد العبادي "لدينا 110  أطفال مسجلون رسميا في المعهد فضلا عن 80 آخرين ما زالوا بالانتظار". وتمكن المعهد من تخريج فوجين من الأطفال التحقوا بالمدارس الحكومية بعد تأهيلهم للتعامل مع وضعهم الجديد داخل المدرسة والمنزل.

وتابع العبادي "هناك تقصير من قبل الحكومة المحلية بشقيها التشريعي والتنفيذي في دعم المشروع، فأعداد الكوادر التربوية قليلة وغير كافية، والمعهد يضم 13صفا و23 معلمة والمكان لا يكفي لاستقبال بقية الأطفال المرضى بسبب نقص الإمكانيات".

إقرأ أيضا:

الوحش الصامت في ميسان: ألغام ومقذوفات منسية

وتتحدث الجهات الصحية عن 400 حالة لمرضى التوحد مسجلة في محافظة ميسان وحدها. ويعلق مدير عام صحة ميسان الدكتور علي العلاق، موضحا "لدينا العديد من الخطط والبرامج الكفيلة بمعالجة مرضى التوحد بالطرق الحديثة بالتعاون مع مؤسسات أوروبية، غير أن الأزمة المالية تسببت في تأجيل المشروع".

وعلى الرغم من التعاون مع "معهد الإمام الحسين"، وهو الوحيد في المحافظة لعلاج التوحد، وتوفير البناية والدعم اللوجيستي من الكوادر الطبية المختصة لتمكين المعهد من متابعة عمله في تخريج الأطفال وتأهيلهم للالتحاق بالمدارس الاعتيادية، لكن هذا "لا يسد سوى 50 بالمئة فقط من حاجة المحافظة" يقول العلاق.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

 

 

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.