عراقيون يتظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد لمطالبة الحكومة بالإصلاح/وكالة الصحافة الفرنسية
عراقيون يتظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد لمطالبة الحكومة بالإصلاح/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

أصدرت محكمة جنايات الرصافة المختصة بقضايا النزاهة، في 24 آب/ أغسطس الماضي، حكما بالحبس لمدة سنتين على مدير عام الخطوط الجوية العراقية سامر كريم كبة، بعد إدانته بجريمة عرض رشوة مقدارها 20 ألف دولار على أحد موظفي مكتب المفتش العام، وفقا لبيان المتحدث الرسمي باسم "مجلس القضاء الأعلى" القاضي عبد الستار بيرقدار.

وأفاد بيان آخر لبيرقدار، على الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للقضاء. بإصدار محكمة جنح الرصافة المختصة بقضايا النزاهة حكما على مدير عام التجهيزات الزراعية بالحبس سنتين بسبب "خروقات في عقد تجهيز وزارة الزراعة بـ200 حاصدة زراعية، أدت إلى إلحاق فساد وأضرار بالمال العام".

وفي ملف ثالث، أصدرت محكمة جنح النزاهة في الرصافة حكماً بالحبس سنة واحدة في حق مدير عام في وزارة الهجرة والمهجرين، بسبب مخالفات في عقود مبرمة مع وزارة الصحة، وفقا لبيرقدار.

 

إقرأ أيضاً:

عراقية تخشى اللجوء إلى القضاء

أين ذهبت أموال مشروع المصالحة الوطنية في العراق؟

 

أحكام تشجع على الجريمة

وتصدر الأحكام في قضايا الفساد واختلاس المال العام وفقا للمادة 241 من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، والتي تنص على "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو غرامة مالية لا تزيد على 300 دينار (ربع دولار)، كل موظف أو مكلف بخدمة عامة ارتكب عمدا خطأ تسبب بإلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها".

ويرى الخبير القانوني علي التميمي أن العقوبات التي يحكم بها حاليا في المحاكم بحق المتهمين في قضايا الفساد لا تتناسب مع الوضع العام في البلاد، موضحا في حديث لبرنامج "شنو رأيك" على راديو سوا، "أنها أحكام خفيفة عما يجب أن تكون عليه كحد أدنى، فهي لا تحقق الردع بل تشجع على الآخرين على الاختلاس، والتمتع بالأموال بعد قضاء فترة الحكم المخفف".

ورغم أن قانون العقوبات رقم (111) صدر قبل نحو خمسة عقود فلم يتم تعديل فقراته، حيث ما تزال العقوبات بسيطة قياسا إلى حجم الجرائم التي ترتكب، وفقا للتميمي الذي يؤكد أن "الأحكام والعقوبات تحتاج إلى تعديل، بسبب الحرب التي يخوضها العراق ضد الفساد".

لكن ملف تعديل قوانين ومواد العقوبات المتعلقة بقضايا النزاهة، كغيره من الملفات المطروحة في مجلس النواب العراقي، خاضعة للاتفاقات السياسية، كما يرى الخبير القانوني مستبعدا تعديلها في الوقت الحالي.

ويحذر التميمي من تبعات إلغاء المحكمة الاتحادية للقرار رقم (120)، واصفا الإلغاء بـ"القاصم لدور القضاء في معالجة الفساد، وسيحدث خللا كبيرا في تطبيق القرارات المحاكم".

ويقضي القرار رقم (120)، لمجلس قيادة الثورة المنحل والصادر سنة 1994، بأن الذي يختلس أموالا عامة لا يتم إطلاق سراحه إلا بعد تسديد ما بذمته من أموال حتى لو توفي في السجن، والذي عدته المحكمة الاتحادية يتعارض مع الشريعة وحقوق الإنسان.

عراقيون يتظاهرون في بغداد لمطالبة الحكومة بالإصلاح/وكالة الصحافة الفرنسية

​​

 

 

 

 

 

 

في الطريق إلى التعديل

موضوع حاجة بعض فقرات قانون العقوبات العراقي رقم (111) للتعديل مطروح للنقاش لدى اللجنة القانونية في مجلس النواب، لكن اللجنة لم تصل حتى اللحظة إلى مرحلة تقديم مشروع قانون لتعديلها أمام البرلمان.

وتقول عضوة اللجنة حمدية الحسيني إن مشروع تعديل المادة 241 من قانون العقوبات في طور الإنجاز، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "ما يؤخر تعديل المواد القانونية هي كثرة تلك المواد".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.