لاجئة سورية ووالدتها تلتقط الصور مع المسسشارة ميركل/وكالة الصحافة الفرنسية
لاجئة سورية ووالدتها تلتقط الصور مع المسسشارة ميركل/وكالة الصحافة الفرنسية

إعداد إلسي مِلكونيان:

هل تعرف كيف لعب قرابة مليون ونصف لاجئ في ألمانيا (غالبيتهم سوريون) دوراً مهماً في سير الانتخابات الرئاسية التي أعلنت نتائجها بفوز الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل الأحد، 24 أيلول/سبتمبر 2017؟

ينظر إلى ألمانيا على أنها من أكثر الدول الأوروبية استقبالاً للاجئين وخاصة العرب منهم، لا سيما بعد تعرض السوريين والعراقيين لفظائع داعش.

وتشير إحصاءات مكتب الهجرة واللاجئين الفدرالي الألماني إلى أن السوريين يحتلون مرتبة الصدارة حيث بلغ عددهم 300 ألف شخص من أصل 600 ألف متقدم بطلب اللجوء في 2016، ويليهم من حيث الترتيب لاجئون من أفغانستان والعراق وإيران.

أما في 2015، شكل السوريون نصف عدد اللاجئين والذين بلغ عددهم آنذاك حوالي المليون، يليهم الأفغان والعراقيون.

اقرأ أيضاً:

كيف عبرت ميركل عن حبها للشاورما والأطباق السورية؟

الاندماج في أوروبا: مسؤولية اللاجئ أم الدولة المضيفة؟

حزب جديد ضد المهاجرين

"الحزب البديل من أجل ألمانيا" هو حزب جديد تأسس في 2013. وكانت قضية اللاجئين من الأمور المحورية التي استغلها الحزب أثناء المعركة الانتخابية. واعتمد خطابه على تبني سياسات معادية للهجرة، وهي ما حصد من خلال ترويجها على قدر كبير من التأييد في الشارع، حسب دراسة لمؤسسة برتلسمان الألمانية.

كما كان الحزب ينادي بتغيير فقرات من الدستور الألماني ليلغي حق الاستماع لطلبات اللجوء الفردية. كما نادى بترحيل جميع اللاجئين، الذين فشلوا في الحصول على موافقة السلطات لمواصلة الحياة في ألمانيا، إلى دولهم الأصلية، وبغض النظر عما إن كانت الحياة في تلك البلدان، لا سيما سورية والعراق آمنة أم لا، حسب تقرير للإذاعة الدولية الألمانية الدويتشه فيله.

ومن أفكار الحزب الذي يوصفه مراقبون على أنه بات "الحزب النازي الجديد"، أن ألمانيا التي يجب أن تمثل القيم المسيحية أصبحت "متأسلمة" ونادى بتغيير ذلك.

كيف واجهت ميركل معارضي الهجرة؟

اعتمدت المستشارة ميركل على أمور عدة ساعدتها في مواجهة موجة المعارضة بحنكة والتي انتقدت سياسة الباب المفتوح التي اعتمدتها لاستقبال اللاجئين حيث:

- فرضت إجراءات أمنية مشددة كان من شأنها تخفيض عدد الواصلين إلى ألمانيا، منها إبرام الاتفاق مع تركيا مثلاً في 2016 لوقف تدفق اللاجئين الجدد غير الشرعيين إلى أوروبا وإغلاق الحدود في دول أوروبا الشرقية (مقدونيا، كرواتيا، سلوفينيا).

- استخدمت خطاباً ذكياً في مخاطبة الشعب الألماني حيث عبرت عن شكرها لهم بسبب استضافتهم للاجئين.

- كانت دوماً قوة الاقتصاد الألماني برهاناً على عدم تأثير الوافدين الجدد على حركة السوق وسوق العمل كما أن الفجوة بين الفقراء والأغنياء في ألمانيا ليست كبيرة كما هي الحال والمملكة المتحدة.

والسبب المهم الآخر الذي ساعد المستشارة في تفادي تأثير أزمة اللاجئين عليها هو الصراعات بين الأحزاب المنافسة له، ما أضعف شوكتهم.

من يؤثر على من؟

صحيح أن الفائز بالانتخابات هو المستشارة ميركل، ولكن دخول "الحزب البديل من أجل ألمانيا" إلى البرلمان ولأول مرة في التاريخ يعتبر نجاحاً كبيراً. وما قد يحاول أعضاء الحزب فعله في المستقبل هو محاولة استخدام قضية اللاجئين مجدداُ بهدف التأثير والحصول على المزيد من المؤيدين.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.