من أجواء استفتاء أربيل
من أجواء استفتاء أربيل

بقلم علي قيس:

في بيان رسمي نشر على موقع السلطة القضائية الاتحادية الأربعاء، 27 أيلول/ سبتمبر، يقول فيه المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى القاضي عبد الستار بيرقدار، إن "جهاز الادعاء العام أحال طلب اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المسؤولين عن اجراء الاستفتاء في إقليم كردستان إلى محكمة التحقيق المركزية، للمباشرة بإجراءات التحقيق الأصولي وفق القانون".

وأضاف أن "الإجراء جاء بناء على قرار المجلس الوزاري للأمن الوطني المصادق عليه من مجلس النواب، ولمخالفة الاستفتاء قرار المحكمة الاتحادية العليا".

وعلى إثر ما ورد أعلاه، طالب الادعاء العام، المجلس الوزاري للأمن الوطني والجهات المختصة ببيان "قائمة أسماء الأشخاص المخالفين للدستور وقرار المحكمة الاتحادية لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق القانون"، بحسب البيان.

اقرأ أيضاً:

العبادي من لغة الاحتواء إلى فرض القانون.. هل سينجح؟

عربة الاستقلال الكردي والحصان الغربي

إجراءات المدعي العام قانونية

ووفقا للخبير القانوني والعميد السابق لكلية القانون في جامعة ذي قار ميثم حنظل، فإن "أساس التجريم حاصل، على اعتبار أن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارا ولائيا بعدم شرعية الاستفتاء"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "هذا القرار الولائي بموجب المادة 64 من الدستور يعد ملزما لكل السلطات والأفراد في العراق".

ويتابع "بالتالي هو المستند القانوني للادعاء العام في تحريك دعوى على أي شخص في العراق، لا يحترم القضاء أو يعرقل سير العدالة".

ووصف قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969 الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء والأفعال التي تخل بسير العدالة، بالجرائم التي تصل إلى حد الجناية.

ويؤكد حنظل أنه "من صلاحية المدعي العام باعتباره يدافع عن مصالح المجتمع أن يحرك دعوى جزائية وصولا إلى مراحل التحقيق وتوجيه التهمة"، موضحا أن "الأساس الشرعي والقانوني موجود في هذه الإجراءات، وهو وجود قرار قضائي ومخالفين له".

ويعاقب قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، كل من خالف قرارا قضائيا أو تسبب بضرر للمصلحة العامة أو عرقل أو ساهم في عرقلة سير أحكام العدالة، بالسجن لمدة تتراوح بين خمس سنوات ويوم وتصل إلى المؤبد، ويكون تحديد مدة السجن من صلاحية قاضي المحكمة.

عقوبة جماعية على كل الأكراد؟

من جانبه، يؤكد عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني عبد القادر محمد أنه "شارك في الاستفتاء وصوّت لصالح الاستقلال، ومستعد للحضور إلى المحكمة في حال طلبه"، مضيفا في حديث لموقعنا أن "الإجراءات التي طالب بها المدعي العام في السلطة القضائية الاتحادية سياسية وليس قضائية، أصدرته المحكمة تحت ضغوطات سياسية".

ويستبعد محمد تطبيق الإجراءات التي طالب بعا المدعي العام، موضحا "لا يمكن تطبيق عقوبة جماعية على كل الأكراد، كون الاستفتاء ساهم فيه كل المواطنين الكرد".

ويرى النائب عن التحالف الكردستاني أن "الموضوع لا يحل بمثل هذه القرارات بل بالحوار وتنفيذ البنود الدستورية كما صوت عليها الشعب العراقي وليس بتفسيرها كل حسب مصلحته".

قوة القانون على المحك

ويؤيد الناشط المدني والمختص في مجال القانون حازم صافي ما ذهب إليه النائب الكردي في استبعاد تنفيذ أي إجراءات قضائية بحق الإقليم. ويقول "أرجح أن تتراجع الحكومة المركزية عن تنفيذ هذه الاجراءات، لأنها قد تستغلها كورقة ضغط على إقليم كردستان"، محذرا في حديث لموقع (إرفع صوتك) من أن عدم تنفيذ الإجراءات "يعطي نتائج خطيرة جدا، فقوة المحكمة الدستورية من صلابتها وعدم تراجعها".

وبعد أن ثبت أن الاستفتاء فيه "خرق واضح للدستور وبالتالي للقانون" كما يرى صافي، فإنه يجب أن "يعاقب المتسببين الأصليين الذين تسببوا وسهلوا ونظموا إقامة فعل غير قانوني، وهم القيادات السياسية الكردية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.