دفعت البطالة في محافظة الأنبار الكثير من ابنائها الى الانضمام إلى التشكيلات المسلحة المختلفة/وكالة الصحافة الفرنسية
دفعت البطالة في محافظة الأنبار الكثير من ابنائها الى الانضمام إلى التشكيلات المسلحة المختلفة/وكالة الصحافة الفرنسية

الفلوجة - رشيد الجميلي:

عادت البطالة في العراق إلى أعلى معدلاتها منذ 10 سنوات تقريبا. وقدرت هذه النسبة سنة 2016 بـ16 في المئة وهي أقل بـ0.9 فقط من المستوى الذي كانت عليه سنة 2006، فيما يرتقب أن تواصل الارتفاع خلال السنوات المقبلة لتتجاوز 17 في المئة سنة 2018.

​​

 

​​وتعاني محافظة الأنبار على وجه الخصوص من البطالة، خاصة أنه لم يمض أكثر من سنتين على تحرير مركزها، مدينة الرمادي. وتبلغ هذه النسبة 60 في المئة حسب إحصائيات من داخل مجلس محافظة الأنبار.

دفع هذا الوضع العديد من أبناء الأنبار إلى الانضمام إلى مختلف التشكيلات المسلحة، سواء المعترف من قبل الحكومة العراقية (الحشد العشائري، الحشد الشعبي) أو المصنفة كتنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش خلال الفترة الماضية.

البحث عن راتب

محمد علي حمد، 29عاما، تحدث لموقع (إرفع صوتك) قائلاً "بسبب الظرف المادية الصعبة التي عانينا منها خلال الفترة السابقة، وقلة فرص العمل ونزوحنا من مناطقنا، تطوعتُ للقتال في صفوف الحشد العشائري".

ويكشف محمد "تطوعت لسببين: الأول على أمل الحصول على عمل مستقبلا وتثبيتنا ضمن القوات الأمنية سواء كانت وزارة الداخلية أو الدفاع. المهم الحصول على راتب أستطيع من خلاله إعانة عائلتي. والسبب الثاني هو تقليل عدد أفراد العائلة في المنزل وتخليص أهلي من مصاريف شخص إضافي".

اقرأ أيضا:

البطالة والوظيفة اللتان صنعتهما الحرب باليمن!

قطر الأقل بطالة في العالم وموريتانيا الأعلى

ويوضح الشاب العراقي أنه انضم إلى الحشد العشائري، سنة 2015، وشارك في معارك الأنبار. "كنا نستلم مبالغ بسيطة بين فترة وأخرى، إلا أنه وبعد مرور أكثر من سنتين ونصف لم يتم حسم أمرنا ولم تتخذ الدولة أي إجراء جاد من أجل حل مشكلتنا".

مع داعش من أجل المال

ويكشف محمد أنه عاين، خلال عمليات التحرير، أسر عناصر من داعش أفصحوا أنهم التحقوا بالتنظيم من أجل الحصول على راتب شهري. "كانوا بأعمار صغيرة، ومنهم من أعرفه شخصياً وأعرف أهله. عند سؤالي لهم عن سبب انضمامهم إلى داعش أكدوا بأن السبب الرئيسي هو عدم توفر فرص العمل".

ويتابع محمد أن أحد أصدقائه كشف له عن سبب انضمامه إلى داعش، قائلا "بعد سيطرة داعش توقفت كل الأعمال ولم نتمكن من الخروج. وبعد فترة رأيت بأن أنتمي إلى داعش لأتمكن من إعالة عائلتي وأكون من أبناء الخاصة، لأن داعش كان يتعامل مع المواطنين على أنهم أبناء العامة وعليهم توفير لقمة العيش بأنفسهم، في حين كان يوفر المال والمواد الغذائية لمقاتليه وعوائلهم الذين يعتبرون من أبناء الخاصة".

الخيارات الممكنة

يؤكد عضو مجلس محافظة الأنبار والرئيس السابق للمجلس صباح كرحوت الحلبوسي لموقع (إرفع صوتك) أنه "تمت مخاطبة مجلس الوزراء، لأكثر من مرة، بخصوص موضوع البطالة واستيعاب الشباب لضمان عدم انخراطهم بالمجاميع المسلحة، كما حدث خلال الفترات السابقة".

ويضيف الحلبوسي بأن مجلس المحافظة طرح عددا من الخيارات أمام مجلس الوزراء من شأنها التقليل من حجم البطالة المتفشية التي وصلت إلى ما نسبته 60 في المئة في مجموع المحافظة.

ومن جملة هذه الخيارات، حسب عضو مجلس المحافظة، فتح المعامل المتوقفة منذ عام 2014، وفتح الأحياء الصناعية المغلقة في المناطق المحررة، بالإضافة إلى توفير درجات تعويضية للمحافظات المنكوبة.

ويتوقع الحلبوسي أن من شأن هذه الإجراءات خفض مستوى البطالة بنسبة 70 في المئة.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.