محافظة ميسان تضم 925 مدرسة/إرفع صوتك
محافظة ميسان تضم 925 مدرسة/إرفع صوتك

ميسان - حيدر الساعدي:

عند باب إحدى المدارس في مركز مدينة العمارة، تضطر السيدة إيمان حميد للجلوس وقتا طويلا بانتظار خروج أبنائها من المدرسة وقت انتهاء الدوام، لضمان عدم احتكاكهم مع تلاميذ المدرسة الأخرى الذين توافدون على مدرستهم في البناية ذاتها.

وتقول إيمان لموقع (ارفع صوتك) "منذ أربعة أعوام تم إخلاء مدرسة أطفالي في منطقتنا حي القطاع وسط المدينة، لغرض هدمها وإعادة تأهيلها من جديد. ومنذ ذلك الوقت وأنا أرافق ولدَّي أحمد وشقيقته شيماء وأدخلهم بيدي إلى المدرسة والاطمئنان عليهم، لأعود قبل نهاية الدوام الرسمي بنصف ساعة لإرجاعهم للمنزل، فأعداد التلاميذ كبيرة ولا يمكن السيطرة عليها عند خروجهم دفعة واحدة".

اقرأ أيضاً: 

أطفال التوحد في ميسان.. الأمل الذي صار حزنا

تنتظر الأم إنهاء العمل بمدرسة أبنائها القديمة ليعودوا إليها. وهذه ليست حالها وحسب، فثمة عشرات الأمهات والآباء ينتظرون عند أبواب المدارس في المدينة.

مدارس بلا شبابيك ولا إنارة

ويبدو أن حال الأبنية المدرسية في أقضية المحافظة ونواحيها، لا يختلف كثيرا عن مركز المدينة. ففي إحدى القرى التابعة لقضاء الميمونة (40 كم)، تقول إحدى المعلمات "واقع الأبنية المدرسية متراجع جدا وأغلب المدارس بلا شبابيك ولا إنارة داخل القاعات الدراسية، وحتى الحمامات غير صالحة للاستخدام. وفي مدارس أخرى ألغيت الحمامات".

هذا ناهيك عن اكتظاظ يجعل المقعد الدراسي الواحد مخصصا لثلاثة تلاميذ، وهناك منهج دراسي لا بد من الالتزام به، لكن إكماله يبدو مستحيلا، ما يعني أن واقع الأبنية المدرسية ينعكس سلبا على مسيرة التلاميذ وادراكهم للمادة الدراسية، فالصف الدراسي يغص بالتلاميذ خصوصا الصفوف الأولى للدراسة الابتدائية، والتي تعد من أصعب الصفوف لما يحتاجه التلميذ فيها من الاهتمام والرعاية كي يتمكن من التواصل مع معلمته دون خوف أو قلق.

شاهد:

قصة صورة.. سفينة العلم وبحر الفساد

1300 تلميذ في مدرسة واحدة؟

وتقول المشرفة التربوية تغريد علي حسين "إلى متى نبقى نعاني من نقص الأبنية المدرسية، وقد طالبنا وما زلنا نطالب بإنهاء هذا الملف، وتوفير الأبنية الكافية لسد الأعداد المتزايدة من التلاميذ والتي وصلت في بعض المدارس الابتدائية إلى 1300 تلميذ، وأحيانا الصف الأول الابتدائي بحد ذاته يشكل رقماً كبيرا قد لا تستوعبه مدرسة".

وإذ تبدو المشرفة يائسة من مناشدة الحكومة المركزية ببغداد، فإنها تلوح بـ"مناشدة جمعية الأمم المتحدة والدول المانحة والمنظمات الدولية" للمساعدة في حل معضلة التراجع التربوي في العراق.

ميان بحاجة إلى 400 مدرسة جديدة  

وأعلنت المديرية العامة لتربية ميسان عن دخول 6 مدارس جديدة للخدمة مع قرب الموسم الدراسي الجديد. وعزت المديرية العامة وعلى لسان مسؤول الإعلام فيها، محمد حمزة الكعبي، نقص المباني المدرسية إلى الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد بشكل عام.

ويقول "توقف العمل بعشرات المباني المدرسية في عموم مناطق المحافظة بسبب الأزمة المالية، حيث تقدر الحاجة الفعلية لمحافظة ميسان إلى 400 بناية مدرسية لفك الازدواج فيها إذا ما تم أخذ النظر بالوحدة القاسية الفعلية لعدد الطلاب".

وبحسب الكعبي، فثمة 50 مبنى دراسيا توقف العمل بها، وهناك 49 مدرسة ضمن مشاريع إنعاش الأهوار، فضلا عن 20 مدرسة ضمن مشاريع وزارة الإسكان، مبيناً أن نسب الإنجاز في بعض هذه المشاريع وصلت إلى مراحل متقدمة.

شاهد أيضا:

قصة وصورة: العلوم المالية والمصرفية.. غايتي

مبادرات تطوعية

وكمحاولة من قبل المديرية العامة لتربية ميسان لمعالجة الأبنية المدرسية وتأهيلها، تمت ترميم وصيانة مئات المدارس بتبرعات مالية من قبل الكوادر التربوية وأولياء الأمور، حيث اشتملت أعمال الصيانة على طلاء الجدران وتأهيل الحمامات والقاعات الدراسية.

معلوم أن محافظة ميسان تضم 925 مدرسة موزعة على 500 بناية وتضم هذه المدارس بما فيها رياض الأطفال 350 ألف طالب وتلميذ.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.