رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني/وكالة الصحافة الفرنسية
رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

وسط أزمة الاستفتاء بين بغداد وأربيل، عقد مجلس النواب العراقي الإثنين، 9 تشرين الأول/أكتوبر، جلسته الاعتيادية، لكن غير الاعتيادي فيها، هو الحضور الكبير للنواب الكرد رغم تعليق عضويتهم من قبل المجلس، على خلفية قراره السابق الذي اتخذه بحق من شارك في الاستفتاء.

ووفقا لأعضاء من التحالف الكردستاني، فإن الحضور كان فيه رسالة إلى بغداد، مفادها، "ما زلنا جزءا من العراق".

اقرأ أيضاً:

مواطنون يقترحون إنشاء إقليم كركوك حلا لمشاكل بغداد وأربيل

بعد استفتاء إقليم كردستان: من الأقوى بغداد أم أربيل؟​

تقول النائبة عن التحالف الكردستاني ريزان الشيخ "نحن نريد العودة إلى عملنا الحقيقي كنواب، فعلى الرغم من اعتراضنا على القرارات التي صدرت من مجلس النواب، لكننا نبقى ضمن أعضائه"، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك) "وضع العراق ليس مقتصرا على الاستفتاء. هناك مشاكل أخرى موجودة داخل العراق يجب أن نتعاون في حلها".

وتتابع "هناك قوانين مهمة يجب أن تطرح للتصويت، مثل قانون الانتخابات والتصويت على أعضاء المفوضية العليا للانتخابات".

البدايات صعبة دائما

الرسالة كانت مفهومة لدى النواب العرب، (حضور الأكراد لجلسة البرلمان اليوم كان فيه رسالة تهدئة لجميع الأطراف)، يؤكد عضو "تحالف القوى"، طلال الزوبعي، مشيرا في حديث لموقعنا إلى أن "البدايات دائما تكون صعبة، لكنها تبدأ بخطوة. هناك رغبة من جميع الأطراف بأن تكون هناك حلول إيجابية".

ويرى الزوبعي أن الوقت الآن مناسب جدا للبدء بصفحة الحوارات، موضحا "هناك رغبة من الإقليم للبدء بحوارات جادة وجديدة مع حكومة المركز وهذه ستعطي قوة لبغداد لتتفاوض بشكل إيجابي يرضي جميع الأطراف".

واختتم حديثه بالقول "أي خلاف يضعف العراق، والخاسر الوحيد هو المواطن".

بغداد لا تريد الحوار؟

ويبدو أن الحوار هو هدف الكتل السياسية المقبل. وهذا يبدو من خلال المبادرات التي بدأت تطرح أمام قياداتها، والتي كان آخرها زيارة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إلى الإقليم والبحث مع رئيسه مسعود برزاني عن مخرجات للأزمة.

وفي هذا الإطار، يوضح النائب عن التحالف الكردستاني عن الاتحاد الوطني الكردستاني عرفات كرم، "نحن مع الحوار قبل الاستفتاء وبعده. الآن طلبنا من بغداد فتح باب الحوار لكن شرط بغداد إلغاء الاستفتاء، وهذا سد للباب"، معتبرا في حديث لموقع (إرفع صوتك) القرارات التي اتخذتها الحكومة والبرلمان المركزيين "قرارات سياسية اتخذت لتخفيف الضغط عن الحكومة المركزية، لكنها لا تخدم جهة".

ويتابع "من دوافع اتخاذ هذه القرارات التغطية على فشل الحكومة، في مكافحة الفساد مثلا، وكأن مشكلة العراق اليوم هي فقط الاستفتاء".

حضور النواب الكرد... مخالفة!

أما قراءة أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين قحطان الخفاجي لمشاركة الأكراد بالجلسة، فكانت مختلفة عن رؤية السياسيين، فهو يرى في الجلسة مخالفة صريحة للقانون، على اعتبار أن "مجلس النواب العراقي كان قد أصدر قرارا بتجميد أو تعليق عضوية النواب الأكراد ممن شارك بالاستفتاء"، موضحا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "حضور الأعضاء اليوم إلى جلسة البرلمان ليس سليما، خصوصا وأن القرار ما زال ساري المفعول ولم يتأدب الشخص الأساسي من الفعل".

"لكن الأزمة ستنتهي بالحوار"، يتوقع الخفاجي، لافتا إلى أن "الأكراد بدأوا يستشعروا أنهم في زاوية ضيقة ولابد من الحوار، لأن الطرف الإقليمي والدولي لم يعد يساعدهم كما يتمنون".

ويضيف "سيكون هناك حل عبر إيجاد صيغة وسطية بعدم العمل بنتائج الاستفتاء دون إبطاله".

لكن أستاذ العلوم السياسية، يبدي تخوفه من الذهاب إلى اتخاذ خطوات يكون فيها مخالفة للدستور، وهو ما سيجعل بغداد "تخسر القوة التي اكتسبتها اليوم عندما اتخذت الإجراءات وفق الصيغ الدستورية والقانونية".

لا التزامات تجاه الوطن

ويقول الخفاجي "أتوقع جازما أن تقدم القوى السياسية على خطوات فيها مخالفة للدستور، فتلك القوى سواء في أربيل أو في بغداد، ليس لديهم التزامات تجاه الوطن ويقدمون مصالحهم على الدستور، والأدلة كثيرة".

واختتم حديثه بالقول "حينها عندما تنادي حكومة المركز بالدستور عند اتخاذ القرارات لن تجد من يسمعها، لا في الداخل ولا في الخارج".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.