دبابة تركية قريبة من إحدى البلدات السورية الواقعة شمال حلب-أرشيف
دبابة تركية قريبة من إحدى البلدات السورية الواقعة شمال حلب-أرشيف

تركيا – محمد النجار:

لا تزال أخبار التدخّل التركي في محافظة إدلب تتصدّر وسائل الإعلام السورية والعربية، وسط ترقّب مُستمر منذ عدّة أيام عن التحضير والحشد لهذه العملية.

تهدف العملية إلى "تفكيك تنظيم هيئة تحرير الشام" في سورية، وهو التنظيم الذي تمثل "جبهة النصرة" سابقاً (فرع القاعدة في سورية) عموده الفقري.

البداية

تقع محافظة إدلب شمال غرب سورية، وهي تخضع لاتفاق "خفض التصعيد" الذي تم التوصل إليه في جولة مباحثات "أستانا 6". يوجد في إدلب عدد كبير من المجموعات المقاتلة ضد النظام السوري، أبرزها "هيئة تحرير الشام" التي تحظى بالنفوذ الأكبر.

الأحد الماضي، أعلن الجيش التركي أنه بدأ تأسيس نقاط مراقبة لخفض التوتر في إدلب، مؤكداً  على تقيده بقواعد الاشتباك وفقا لاتفاق أستانا.

اقرأ أيضاً:

تركيا تعلن بدء عملية 'استطلاع' عسكرية في إدلب

اتفاق على نشر قوة مراقبين حول إدلب


جاء ذلك بعد أن انتشرت صور ومقاطع فيديو تظهر دخول وفد تركي إلى بلدة "أطمة" السورية الحدودية، التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، وخروجه منها بعد ساعات.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدّث عن "عمل عسكري"، قائلاً إن "العملية العسكرية في إدلب بدأت تنفيذا لاتفاق أستانا، وأنها تهدف إلى حماية المدنيين وتجنيب المحافظة أية مخاطر"، معتبراً أن "بلاده ملزمة بالتدخل لمنع تشكل دولة كردية في شمال سورية، وإلا فستسقط القنابل على المدن التركية".

الهدف.. عفرين؟

على الرغم من توجيه أنظار المعركة إلى تنظيم "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على إدلب، إلّا أن لمدينة عفرين الخاضعة لوحدات الكردية حصة الأسد من هذه العملية.

تتشابه هذه العملية المُرتقبة مع عملية "دراع الفرات" في ريف حلب، التي قادتها تركيا، وخاضتها فصائل "الجيش السوري الحر". وأعلنت فصائل الأخير المنضوية ضمن "غرفة عمليات حور كلّس" عن مشاركتها في العمليات العسكرية المرتقبة.

وفي بيان نشرته غرفة العمليات، الثلاثاء 10 تشرين الأول/أكتوبر، قالت إنه "من الواجب المشاركة في عملية إدلب المرتقبة، والتي تهدف إلى ضم الشمال المحرر لاتفاقية تخفيف التوتر التي تم الاتفاق عليها في مسار أستانا".

ويرى مراقبون أن تركيا تهدف من هذه العملية إلى تطويق عفرين وطرد مقاتلي الوحدات الكردية التي تصنفها أنقرة "كيانا إرهابيا". ويأتي ذلك من خلال القرب الجغرافي الكبير بين عفرين وإدلب إذ أن السيطرة على الأولى ستؤدّي إلى تطويق الأخيرة.

تركيا لن تضيّع الفرصة

المحلل العسكري السوري العقيد حاتم الراوي، يؤكد أن "العمل العسكري قادم لا محال"، معتبرا أن تركيا "لن تضيّع هذه الفرصة".

وقال الراوي لـ(إرفع صوتك) "تركيا تسير بخطوات متزنة وتعد جيدا للعملية ولن تورّط نفسها قبل أن تضمن جميع الاطراف، بما فيها أميركا"، موضحاً أن تركيا تمتلك مفاتيح "هيئة تحرير الشام" وتعرف نقاط ضعفها تماماً، لذلك فإن الجهة الوحيدة القادرة على تفكيك هذا التنظيم بأقل الخسائر ودون كلفة دم عالية هي تركيا.

وتابع الراوي "هيئة تحرير الشام ما تزال قوة ضاربة وقادرة على خوض المعارك في المناطق التي تسيطر عليها في إدلب وحلب واللاذقية وتحويلها إلى موصل ثانية، لذلك فإن الحل الوحيد هو تفكيكها تركياً".

وأوضح المحلل العسكري السوري أن مدينة "عفرين" التي تتمركز بها الوحدات الكردية هي المكسب التركي الذي ستربحه تركيا مقابل إنهاء "هيئة تحرير الشام"، معتبراً أن العالم كلّه "أصبح أكثر تقبّلاً للتفاهمات حول سورية، وما يجري الآن جزء من هذه التفاهمات".

وأشار إلى أن "عناصر هيئة تحرير الشام السوريين يختلفون عن عناصر تنظيم داعش السوريين لأن الأوائل يمكن الاتفاق معهم وجعلهم ينحسبون من هذا الفصيل ليتفكّك من تلقاء نفسه، وبذلك يمكن أن ينضموا إلى المعارضة السورية المسلّحة ويكونوا نقطة قوة في موقفها.

وبينما يستمر العد التنازلي لهذه العملية، يبقى المدنيون البالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون إنسان، بانتظار ساعة الصفر أمام شاشات التلفاز في منازلهم.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.