عنصر تابع لوزارة الداخلية العراقية في مدينة كركوك
عنصر تابع لوزارة الداخلية العراقية في مدينة كركوك

بقلم علي قيس:

تحرك عسكري يجري في ساعات متأخرة من مساء الخميس، 12 تشرين الأول/ أكتوبر، للقوات المشتركة العراقية جنوب محافظة كركوك، ينتهي بانتشار تلك القوات في قضاء تازة.

تزامنا مع ذلك التحرك، يتجول محافظ كركوك المقال نجم الدين كريم مع قوات من البيشمركة في مناطق المحافظة، مؤكدا في تصريحات لوسائل الإعلام أن "تلك القوات (البيشمركة) المنتشرة في كركوك لن تسمح لأي طرف بدخول المحافظة".

في هذه الأثناء أعلن هيمن هورامي، مستشار رئيس إقليم كردستان، في تغريدة على تويتر، أن "القوات الكردية (البيشمركة) نشرت الآلاف من المدججين بالسلاح داخل مدينة كركوك وحولها. الأوامر الموجهة إليهم هي أن يدافعوا بأي ثمن. ندعو المجتمع الدولي للتدخل والطلب من حيدر العبادي أن يأمر قوات الحشد الشعبي بالانسحاب إن أمكنه ذلك أو إن كانوا يستمعون إليه". 

​​

​​بالمقابل، أكد رئيس أركان قيادة قوات الشرطة الاتحادية اللواء الركن جعفر البطاط، "عدم وجود أية أوامر من القيادات الأمنية باستعادة المناطق التي انتشرت فيها قوات البيشمركة بعد عام 2014". وقال لراديو سوا إن "قوات الشرطة ملتزمة بمواقعها، وبأوامر القائد العام للقوات المسلحة المتمثلة بتطهير المناطق المحررة وإعادة النازحين".

كما نفت قيادة العمليات المشتركة "ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن انطلاق عملية عسكرية جنوب كركوك"، مؤكدة أن "قواتنا ما زالت تجري عمليات التطهير والتفتيش والمسك في المناطق المحررة".

وحذرت في بيان لها وسائل الإعلام التي تحاول إرباك الرأي العام والتأزيم، "باتخاذ الإجراءات القانونية بحقها".

​​

​​

اقرأ أيضاً:

إقالة محافظ كركوك... الخلفيات والأسباب والاحتمالات

بعد استفتاء إقليم كردستان: من الأقوى بغداد أم أربيل؟

موقع (إرفع صوتك) اتصل عبر الهاتف برئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة كركوك، وهو من المكون الكردي، أحمد العسكري، لسؤاله عن الأوضاع في المحافظة، أغلق الهاتف بعد ثلاث كلمات سريعة "ليست لدي معلومات".

سبب التصعيد الأخير؟

ويبدو أن التصعيد يأتي من طرف واحد وهو الكردي، بحسب ما يؤكد عضو مجلس المحافظة علي مهدي، بأن "بعض الأطراف الكردية التي انتهت ورقتها السياسية تسعى لإحداث فتنة. وهذا يبدو جليا في تجول محافظ كركوك المقال مع مسلحين في شوارع المحافظة في ساعات متأخرة من الليل".

ولفت مهدي إلى أن "الوضع الأمني في كركوك مستقر ولا توجد تحركات للقوات الاتحادية للدخول إلى المحافظة أو التصادم مع قوات البيشمركة".

ويوضح مهدي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أحداث مساء الخميس بقوله "قوات كبيرة مشتركة من الشرطة والذهبية والحشد الشعبي جاءت مساءً من أطراف الحويجة إلى أطراف كركوك، وتمركزت على بعد نحو 10 كيلومترات من مركز المحافظة".

ويتابع "كان هناك انسحاب جزئي من قبل قوات البيشمركة، ولم تحصل أي مناوشات أو تماس بين الطرفين".

ما جرى هو نتيجة حوارات واتفاقات بين القيادات الأمنية للطرفين، خصوصا بعد "لقاء جمع قائد فرقة في الجيش العراقي مع أحد قادة البيشمركة حول الانسحاب"، بحسب عضو مجلس محافظة كركوك، مشيرا إلى أن "الحكومة العراقية أعطت فرصة للانسحاب وهي لا تنوي الحرب أو الصدام المسلح".

واختتم حديثه بالقول "نتمنى أن ينتهي الموقف بالاتفاق بين المركز والإقليم في ملف إدارة كركوك".

التواجد الكثيف للتحالف الدولي؟

ورغم أن بغداد ليس لديها نية في فرض قراراتها بالسلاح، وكردستان لا تريد أن يكون لها موقف هجومي بل موقف دفاعي، بحسب ما يرى الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي، لكن قرب خطوط التماس بين القوات الاتحادية والبيشمركة، التي أصبحت في بعض المناطق لا تتجاوز الكيلومتر الواحد، يجعل "احتمالية الصدام قائمة، خصوصا وأن الاستفزازات كثيرة"، لكن حتى وإن حصلت اشتباكات، "فستكون محدودة ومؤقتة"، وفقا للهاشمي.

ويقول الخبير الاستراتيجي "الموقف في كركوك حتى الآن مسيطر عليه ويطغى عليه الهدوء الأمني، لكن أي استفزاز سيحدث عملية احتكاك واشتباك"، مضيفا في حديث لموقعنا أن "التواجد الكثيف للتحالف الدولي والمراقبين الدوليين في هذه المنطقة، يجعل احتمالية الاشتباكات والصدامات ضعيفا".

ويتابع "لم يكن هناك أي تقدم وإنما القوات الاتحادية أخذت أماكن تركتها البيشمركة بإرادتها، على اعتبار أنها مناطق ليست كردية وليست ذات أهمية اقتصادية أو عسكرية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.