مواطنون من كركوك يستقبلون القوات العراقية لدى دخولها أول أحياء المدينة
مواطنون من كركوك يستقبلون القوات العراقية لدى دخولها أول أحياء المدينة

بقلم صالح قشطة:

بالتزامن مع ما شهدته محافظة كركوك الواقعة شمالي العراق من نزاعات وصلت حد استخدام القوة العسكرية من قبل السلطة الاتحادية في بغداد لفرض سيطرتها على المحافظة الغنية بالنفط والتي سيطرت عليها القوات الكردية، منذ حزيران/يونيو 2014، يطرح البعض تساؤلات حول مدى تأثير تلك النزاعات على جبهة مكافحة الإرهاب ودحر ما تبقى من تنظيم داعش في العراق، أو أن يشكل انشغال القوات العراقية بالنزاع في كركوك ثغرة لتسلل التنظيم الإرهابي إلى مناطق أخرى.

لم تسجل أي تحركات لداعش

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يؤكد الصحافي العراقي المتواجد في الميدان في منطقة كركوك، محمد الفهد أنه "لم تسجّل أي تحركات من قبل تنظيم داعش، لأن القوات العراقية قضت على التنظيم في معاقله الرئيسية".

اقرأ أيضاً:

كركوكيون يتخوفون من مستقبل مدينتهم في ظل الصراعات السياسية

كركوك تحت سلطة العراق الاتحادي... ما هو موقف أربيل؟

وبحسب الصحافي فإنه "لا يمكن لتنظيم داعش أن يتحرك في المربع الشمالي على الأقل من العراق لتنفيذ أي هجمات أو خروقات، لأن دوره بات مقتصراً على السيطرة على منطقتي القائم وراوه أقصى غربي العراق".

ويرجع الصحافي صعوبة حركة التنظيم لكون الحويجة القريبة من كركوك باتت في يد القوات العراقية التي حررت المدينة مؤخرا، والمعقل الرئيسي للتنظيم (الموصل) محررة بشكل كامل وممسوكة من قبل القوات العراقية، وشمال شرق ديالى فهو يقع أيضاً تحت سيطرة القوات المشتركة العراقية.

مشاركة فاعلة لجهاز مكافحة الإرهاب

كما يشير الصحافي إلى وجود "مشاركة فاعلة" من قبل جهاز مكافحة الإرهاب العراقي في كركوك، إلى جانب القوات العراقية "لبسط السلطة الاتحادية في المحافظة".

بدوره، يؤكد الناطق باسم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، صباح النعمان، في تصريح لموقع (إرفع صوتك) أن مشاركة الجهاز في كركوك أتت من باب المساعدة والمساهمة في "إعادة هيبة الدولة". ويشدد على أن السلطة الاتحادية "يجب أن تكون مسيطرة على جميع المحافظات تحت العلم العراقي الواحد".

وعن مدى تأثير الأحداث في كركوك على حالة مكافحة الإرهاب التي يعيشها العراق، ينوه النعمان إلى وجود خطة "لمسك الأرض والحفاظ عليها"، حتى لو خرجت قوات الجهاز في واجب آخر.

ويتابع "لدينا مع خطط التحرير خططاً استخبارية لمسك الأرض. فنحن جهاز أمني، والجهد الاستخباري يأخذ جل عمل جهاز مكافحة الإرهاب، لمنع ظهور خلايا أخرى من التنظيم الإرهابي، ومنع عودة التنظيم إلى مناطق أخرى".

وعلى حد تعبيره، فإنه "عندما يكون هناك تهديد لوحدة العراق من مجموعة من الانفصاليين الذين يحاولون استثمار انشغال القوات الأمنية أو حرف الانتصار الذي تحقق ومعجزة الانتصار على داعش، بالتأكيد فإن الجهاز سيكون متصدياً وسيقف في وجه هؤلاء"، مؤكداً أن ذلك شكل من أشكال حماية الجهاز لكل من "القانون والدستور".

أكثر ضرراً من العدو الخارجي!

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك) يشدد الخبير والمحلل العسكري الفلسطيني اللواء واصف عريقات على أن الخلافات الداخلية "هي البيئة التي تسمح لكل الطحالب الخارجية أن تنمو وتترعرع. وهي أكثر ضرراً من العدو الخارجي، كونها من ذات النسيج الاجتماعي ومن الداخل الوطني".

ويتابع الخبير الذي يصف المجريات في كركوك بأنها "معقدة ومركبة" حديثه حول احتمالات استغلال جماعات إرهابية للنزاعات الدائرة. ويقول "بتقديري فإن الفائدة العائدة لداعش باتت محدودة الآن، وخيارات التنظيم باتت كذلك أيضاً. لأن العنصر الأساسي لوجوده في المنطقة انتفى، وهو الحاضنة الشعبية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.