نازحون من مناطق غرب سامراء في محافظة صلاح الدين/وكالة الصحافة الفرنسية
نازحون من مناطق غرب سامراء في محافظة صلاح الدين/وكالة الصحافة الفرنسية

صلاح الدين -هشام الجبوري:

قرار ملزم بالموافقة على عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة ممن يمتلكون موقفا أمنيا سليما في موعد لا يتجاوز 15 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، هو ما اتخذه مجلس محافظة صلاح الدين بأجماع اعضائه الحاضرين في جلسته الاستثنائية التي عقدت في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر الحالي برئاسة أحمد الكريم.

قرار يراه، سالم العبيدي، الصحافي والمراقب لشؤون المحافظة، عبارة عن "جرعات تخديرية تعطيها الحكومة المحلية في صلاح الدين لشريحة واسعة من أبناء المحافظة بعد أن عجزت عن إعادتهم إلى مناطقهم"، موضحا في حديث مع موقعنا أن هذا القرار "ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير بعد أن أصدر المجلس قرارات سابقة بهذا الصدد كانت مجرد حبر على ورق بعد عجزها عن إجبار الجهات الممانعة لعودة النازحين على تنفيذ تلك القرارات".

ويؤكد العبيدي على ضرورة الدخول في حوار مكثف وعميق مع "الجهات الممانعة والعمل على تسوية الأمر. وفي حال تعذر فعل ذلك فمن واجب الحكومة المحلية في صلاح الدين فضح تلك الجهات دون الاكتفاء بالإشارة لها ضمنيا والعمل على تدويل القضية من أجل إيجاد حل لشريحة واسعة لم يكن لها ذنب اقترفته سوى أن أفرادا من مناطقها انتموا للتنظيمات المتطرفة، أو أن تلك التنظيمات تشبثت في القتال ضمن مناطقها كما في بيجي التي ترفض جهات أمنية عودة جزء كبير من أهلها".

اقرأ أيضا:

من يحق له العودة إلى بيجي ومن لا يحق له؟

وعود العودة التي لم تتحقق

منذ اجتياح تنظيم داعش لعدد من مدن محافظة صلاح الدين، فرت آلاف العوائل من مدنها خوفا من الصراع المتوقع بين التنظيم والقوات الحكومية وهو ما دفعهم للبحث عن مكان آمن بعيدا عنها والعودة إليها حال تحريرها. وهو ما لم يحصل حتى الآن، كما يقول المواطن رائد الأحبابي الذي فر رفقة عائلته في شهر أيلول/سبتمبر من العام 2014 بعد أن كان يقطن في إحدى ضواحي مدينة بلد وبعد أن أعدم داعش 24 فردا من عائلته، ليجد نفسه نازحا حتى بعد أن تحررت مدينته.

الأحبابي الذي كان يتحدث لموقعنا، يأمل أن تتم مراعاة الجانب الإنساني في القضية وإعادة من يمتلك موقفا أمنيا سليما.

إلى ذلك يقول محمد ابراهيم وهو مواطن من بيجي يسكن في مدينة السليمانية الآن "ملينا وتعبنا من هذه الوعود. كل مرة يخرجون بقرار ولا يوجد تنفيذ. متى نرجع لا أدري. مناطقنا بأطراف بيجي، بينما رجعت أعداد قليلة إلى مركز القضاء وهناك عشرات أضعاف الذين رجعوا بالانتظار. متى نرجع؟ الله أعلم".

إقرأ أيضا:

مناشدة: أعيدوا نازحي بيجي والصينية

قرارات للضغط

من جهته، يقول نائب محافظ صلاح الدين، عمار حكمت، إن "قرار مجلس المحافظة الخاص بعودة النازحين هو للضغط على الحكومة المركزية والجهات ذات العلاقة للعمل على إعادة النازحين الى مناطقهم المحررة في المحافظة بعد أن قضوا أكثر من ثلاث سنوات في الشتات"، مؤكدا في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) أن "ملف النازحين خضع لمساومات عدة".

فيما أكد عضو مجلس محافظة صلاح الدين فيصل الجبوري، في حديث إلى موقعنا، أن ملف النازحين في طريقه للانتهاء بعد الشروع في تأهيل مجموعة من المدن أهمها بيجي التي أعيد إليها قرابة 5 آلاف عائلة.

الجبوري برر تلكؤ حكومة صلاح الدين في ملف عودة النازحين، كونها "كانت ترى بعض الخطورة على حياتهم (النازحون) لا سيما في مناطق التماس مع داعش في شمالي وشرقي المحافظة".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.