قوات عراقية في محافظة صلاح الدين
قوات عراقية في محافظة صلاح الدين

صلاح الدين- هشام الجبوري:

في أقصى شرق محافظة صلاح الدين، يقع قضاء طوز خورماتو الذي يضم ثلاث قوميات: العرب، الكرد و التركمان الذين ينقسمون مذهبيا إلى سنة وشيعة.

كان القضاء يتبع إداريا إلى محافظة كركوك لكن تدخل النظام السابق بجعل تكريت مركزا لمحافظة جديدة هي صلاح الدين، أدى إلى إلحاق عدد من المناطق بها، بينها قضاء طوز خورماتو، الذي رغب الكرد في إعادته إلى كركوك بعد العام 2003 وبات يتردد كونه جزءا من "المناطق المتنازع عليها" بين المركز وإقليم كردستان .

اليوم، وبعد أن تدخلت السلطات الاتحادية لفرض القانون في هذه المناطق بعد الاستفتاء الذي أجرته إدارة الإقليم، ظهرت أزمة جديدة تمثلت بنزوح العشرات من العوائل الكردية خوفا من حدوث عمليات انتقام بحقها بعد انسحاب قوات البيشمركة التي كانت توفر لها الحماية .

اقرأ ايضا:

بغداد تبسط سيطرتها على معظم المناطق المتنازع عليها مع الكرد

أبناء المدينة الواحدة؟

هاوري غالب، هو مواطن كردي يقطن مدينة طوز خورماتو، أبا عن جد، كما ذكر لموقع (إرفع صوتك)، موضحا "كان خروجي من المدينة ليس خوفا من الجيش العراقي بل من المليشيات الخارجة عن القانون".

يضيف هاوري "منذ مئات السنين ونحن نعيش في هذه المنطقة جنبا إلى جنب عربا وكردا وتركمان، لم يحدث بيننا سوى الود، لكن عجلة السياسة قادتنا إلى ما نحن فيه اليوم"،  مطالبا الحكومة الاتحادية بنشر السلام بدلا من الفوضى التي حصلت في المناطق المتنازع عليها .

اقرأ ايضا:

طوز خورماتو.. استفتاء كردستان يقسم القضاء

تأجيج الموقف

أبو أحمد، أحد مواطني ناحية آمرلي التابعة لقضاء طوز خورماتو، ذكر لموقع (إرفع صوتك) أن "وجود قوات أجنبية في مدينة الطوز أسهمت في زيادة حدة التوتر قبل تحوله إلى صراع بين قوات البيشمركة الكردية وعناصر تابعة إلى فصائل الحشد الشعبي، مما تسبب بحدوث مواجهات أسفرت عن خسائر مادية وبشرية بين الطرفين، مما أدى إلى ترك بعض الأهالي لمدينتهم، واللجوء إلى مدن قريبة مثل ناحية آمرلي".

وعن طبيعة القوات الأجنبية المتواجدة في المدينة أكد المواطن أبو أحمد أن " قوات البككة (حزب العمال الكردستاني التركي) التي تعمل على إذكاء الصراع بين أهالي المدينة المتحابين".

دور عشائري

من جهته، يستعد مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين، لعقد اجتماع موسع في طوزخورماتو، تحضره جميع الأطراف الداعمة والمساندة لرأب الصدع بين الجانبين في بادرة تهدف إلى تغليب ثقافة السلام بعد غياب سلطة القانون عن المدينة منذ حزيران/يونيو 2014. ويرى الناطق باسم المجلس، مروان الجبارة، في حديث إلى موقعنا أن موقع القضاء الرابط بين محافظات عدة يدعو إلى اهتمام أكبر من قبل الحكومة المركزية التي تحاول إعادة الحياة إليه  .

الحفاظ على ممتلكات الكرد

إلى ذلك، عقدت حكومة صلاح الدين التشريعية والتنفيذية، مؤتمرا موسعاً في قضاء الطوز، بحضور رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، ومقرر مجلس النواب نيازي معمار أوغلو.

وقال محافظ صلاح الدين، أحمد عبد الله الجبوري لموقع (إرفع صوتك)، إن ما حصل في القضاء هو فرض لهيبة وسلطة القانون ‏ولا صحة لما يروج له البعض من وجود انفلات أمني، مشددا على ضرورة الحفاظ على ممتلكات الكرد الذين ‏غادروا القضاء خوفا من اندلاع المواجهات، ودعاهم إلى العودة لمناطقهم كونهم من مكونات المدينة الأصلاء. وتوعد الجبوري "كل ‏من تسول له نفسه التجاوز على ممتلكات الآخرين بالملاحقة أمنيا وقضائيا".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.