آثار الدمار في مدينة الرقة السورية/وكالة الصحافة الفرنسية
آثار الدمار في مدينة الرقة السورية/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

أعلنت صحيفة "عكاظ"، الخميس، 19 تشرين الأول/أكتوبر، عن زيارة قام بها وزير الدولة السعودي "ثامر السبهان" الثلاثاء الماضي، إلى مدينة الرقة السورية، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم داعش.

الزيارة تمت برفقة مبعوث الرئيس الأميركي إلى المنطقة ومنسق التحالف الدولي في الحرب ضد داعش، بريت ماكغورك، وتم التفاهم بين الجانبين الأميركي والسعودي، على إعادة إعمار الرقة، بعد الدمار الذي لحق بسبب سيطرة داعش عليها.

اقرأ أيضاً:

قوات سورية الديمقراطية بعد الرقة: أي مصير؟

قصة الأيام الأخيرة من عمر داعش في الرقة

ورغم أن ما سبق ذكره عن الزيارة، وهو الموقف الرسمي الذي أفصحت عنه الرياض، لكن أطرافا أخرى كانت لها قراءات مختلفة، أشارت إلى أن المملكة السعودية أرادات بعث رسائل إلى إيران وتركيا والنظام الحاكم في سورية.

ورقة بديلة لداعش

ويقول المحلل السياسي السوري والمقرب من النظام الحاكم في دمشق عفيف دلة "هناك نقل لملفات القتال في سورية، من داعش الذي أصبح ورقة محروقة، إلى قوات سورية الديمقراطية، التي يراد يتم استثمارها سياسيا لإدامة الصراع السوري"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "ما حصل خلال السنوات الماضية من انتصارات للجيش العربي السوري وحلفائه تريد الرياض وواشنطن إفشاله، من خلال دعم القوات الكردية".

لكن إمكان خلق اشتباكات مسلحة جديدة بين القوات الديمقراطية السورية والجيش السوري لم يعد أمرا ممكنا، بحسب ما يرى دلة، موضحا "الحكومة السورية لا تنظر إلى قوات سورية الديمقراطية نظرتها لداعش، فعلى الرغم من إنها فصيل مسلح غير شرعي وخارج عن القانون وسلطة الدولة، لكنه لا يمثل تحديا إرهابيا".

ويتابع "بالتالي أمام أهلنا الأكراد جملة خيارات، ومشروعهم لا تمثله هذا القوات. هناك من يمثلهم في الحكومة السورية وسيتم الحوار معهم بشأن وضع الأكراد".

الرياض: دور مرافق لواشنطن

أما رئيس إعلان دمشق المعارض والعضو السابق في الائتلاف السوري سمير نشار، فيرى إن "المملكة السعودية تماشي من خلال الزيارة الاستراتيجية الأميركية الجديدة في التعامل مع الملف النووي الإيراني". ويقول في حديث لموقعنا "الزيارة فيها رسالة لإيران بأن الرياض لن تنسحب من سورية، وسيكون لديها دور مرافق للولايات المتحدة، وربما يتجلى في بذل الجهود لإعمار الرقة التي دمرتها داعش".

لكن موضوع استغلال الولايات المتحدة والمملكة السعودية لأكراد سورية في تقسيم البلاد أمر استبعده نشار، موضحا "الموقف الأميركي تجلى في العراق، فعلى الرغم من أن الأكراد حلفاء للولايات المتحدة لكنها لم توافقهم على الاستفتاء الداعي للانفصال".

ويتابع "وكذلك لم تدعم أميركا قوات البيشمركة في الوقوف بوجه القوات العراقية الاتحادية".

وبحسب الرواية السعودية، تأتي زيارة الوزير السبهان إلى الريف الشمالي لسورية، في إطار التفاهم الأميركي السعودي حول إعادة الأمن والاستقرار إلى الرقة.

حيث "أفصحت الرياض وواشنطن، بأن الدور البارز والأساس في عملية الإعمار سيوّلى إلى المملكة"، بحسب ما ورد في صحيفة "عكاظ" السعودية، مشيرة إلى إن السبهان التقى المجلس المدني لمدينة الرقة في عين عيسى، وأجرى عدة اجتماعات مع مسؤولي الرقة للاطلاع على الأوضاع الأمنية والاقتصادية.

تركيا تلتزم الصمت

ويؤيد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة إسطنبول سمير صالحة ما ورد على لسان نشار، في استبعاد نية الرياض وواشنطن دعم انفصال الأكراد.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) بأن "تركيا رحبت بدعم الحكومة السعودية لنظيرتها العراقية في مسألة الاستفتاء"، مستبعدا أن تكون هناك رسالة سعودية من هذه الزيارة إلى حكومة تركيا.

لكن الحكومة التركية التزمت الصمت حتى الآن حيال الزيارة، باستثناء بعض المواقف والقراءات والتحليلات التي صدرت من وسائل إعلام تابعة لقوى حزبية تركية، بحسب صالحة، الذي يشير إلى أن "تحفظ تركيا، هو بسبب مرافقة السبهان لماكغورك، الذي يدعم تسليح وتدريب الأكراد السوريين".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.