داعش يتبع سياسة "الأرض المحروقة" ويضرم  النيران بآبار النفط
داعش يتبع سياسة "الأرض المحروقة" ويضرم النيران بآبار النفط

بقلم صالح قشطة:

بالتزامن مع سقوط تنظيم داعش وهزيمته في معقليه الرئيسيين، الموصل العراقية والرقة السورية، يطرح البعض تساؤلات حول مرحلة ما بعد داعش، وعن مستقبل التنظيم، واحتمالات بقاء إرهابه وتحوله إلى أشكال أخرى عقب انهيار حلم إنشاء دولة "الخلافة" المزعومة.

وفي تصريح لموقع (إرفع صوتك) يقول المحلل الأردني الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية إن "إستمرار التنظيم حتى هذا الوقت لم يكن متوقعاً، لكن خسارته بالنهاية كانت حتمية أمام القوات التي واجهته ودعم التحالف الدولي بالقصف العنيف، وكذلك القوات الأرضية".

ويؤكد أبو هنية أن خسارة التنظيم لأهم معاقله كالموصل والرقة تعني أنه "انتهى كدولة"، وكمشروع سياسي لما يسمى "دولة خلافة".

اقرأ أيضاً:

قوات سورية الديمقراطية بعد الرقة: أي مصير؟

قصة الأيام الأخيرة من عمر داعش في الرقة

"حرب العصابات"

ويعود أبو هنية إلى اجتماع عقده البغدادي مع أعضاء "اللجنة المفوضة" في التنظيم في أيار/مايو الماضي، قرروا فيه "التخلي عن المدن والحروب العسكرية والعودة إلى تكتيكات الاستنزاف وحرب العصابات".

وعلى حد قوله، فإن التنظيم سيتحول الآن إلى "عصابة"، مستشهداً بخطاب البغدادي الصادر نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، حيث كان قد أعلن عن "غزوة العدناني"، وقام فعلاً بشن هجمات "سواء في ريف حمص أو بالسيطرة على قريتين، وإعادة سيطرته على نطاق واسع في دير الزور وأسر جنديين روسيين، ونفذ كذلك عمليات في الرمادي وسيطر على الجامعة فترة مؤقتة ثم انسحب". ما يراه مؤشراً آخر لاعتماد "تكتيك حرب العصابات"، ولنهايته كدولة وكخلافة في هياكل السلطة والحكم.

"عاد داعش كمنظمة تعمل عن طريق الهجمات المعاكسة، وهذا هو مستقبل التنظيم، وسنتوقع دائماً هجمات سواءً كانت في داخل العراق وسورية، أو في بقايا فروعه وولاياته"، يقول المحلل.

لا وقت للاحتفال

بدوره، يشدد المحلل السياسي والأكاديمي في "جامعة الدفاع الوطنية" بالعاصمة الأميركية واشنطن، د. جودت بهجت على إن "المعركة الأهم الآن هي المعركة الأيديولوجية لهزيمة عقيدة التطرف الداعشية.

وخلال حديثه إلى موقع (إرفع صوتك)، يضيف بهجت "بتصوري فإنه لا وقت للاحتفال ولا أن نهنئ بعضنا. فقد حان وقت العمل الشاق والأهم، فالقادة المسلمون في كل مكان في العالم عليهم مسؤولية التحدث ضد الإرهاب والتطرف".

يتمنى الباحث بهجت أن تكون الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة والدول الأخرى قد تعلمت درساً مفاده إن "داعش وجماعات التطرف الأخرى يأخذون القوة من الفراغ السياسي"، موضحا أن تقدم داعش السابق في العراق وسورية كان بسبب "عدم سيطرة الحكومة فيهما على جميع أنحاء البلاد. وذلك الفراغ كان خللاً قد يتكرر".

على المدى القصير، يتوقع المحلل "هجمات أكثر"، كون داعش سيحاول القول بأنه لم يهزم ولا يزال موجوداً قوياً وبإمكانه المهاجمة.

أما على المدى الطويل، فيتوقع أن تدرس الجماعات المتطرفة الأخرى تجربة داعش، ومدى الصواب والخطأ فيها.

ويتصل بهجت مع آراء كثيرة تتوقع ظهور جماعة متطرفة أخرى على غرار داعش في المرحلة القادمة، مشددا "الإرهاب لن ينتهي ولن نعيش حياة خالية منه".

وبحسب الخبير الأميركي المصري الأصل، فإنه من الصعب تحديد شكل وملامح الجماعة المتطرفة المتوقع ظهورها حالياً، لكنها "قد تكون أقوى وتعلمت من فشل داعش ونجاحه".

وعلى حد تعبيره، فقد "ارتكب داعش خطأً كبيراً في كل تاريخ الإرهاب، فمن صفات الجماعات الإرهابية أنها تستمتع بأن تضرب وتهرب، لكن دون وجود دولة لهم".

ويؤكد بهجت أن اختلاف تنظيم داعش عن جماعات الإرهاب الأخرى بأنه حاول إقامة دولة، جعلت مهاجمته سهلة وإعلان هزيمته أسهل.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.