المغرب - عبد العالي زينون:
مع إعلان تحرير مدينة الرقة في شمال شرق سورية، تراجع نفوذ تنظيم داعش إلى أدنى مستوى له منذ سنة 2014. وينحصر نفوذه حاليا في شرق سورية، حيث ما يزال يسيطر على أحياء من مدينة الزور، ومدينتي الميادين والبوكمال إضافة إلى عدد من القرى على طول صفتي نهر الفرات.
وسيعود داعش في الغالب إلى أسلوب التنظيم السري، بعد أن فقد سيطرته على الأرض، في وقت يترقب فيه أن يعود تنظيم القاعدة من جديد كزعيم للحركة الجهادية، مستغلا انهيار داعش.
خلاف داعش والقاعدة
أشعل صعود نجم داعش من رحم تنظيم القاعدة في بلاد الرفدين، الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي سنة 2004، نار الحرب بين التنظيمين. وسعى داعش إلى إضعاف القاعدة واستقطاب أتباعها في سورية والعراق، وهو ما حدا بزعيم القاعدة أيمن الظواهري إلى مهاجمة البغدادي، متهما إياه بالكذب والافتراء ومحاولة تشويه تنظيم القاعدة، ما يفسر حجم الاختلاف بين التنظيمين اللذين فكا ارتباطهما بشكل رسمي عام 2013.
اقرأ:
مدير CIA: أيام قادة القاعدة معدودة
داعش.. أين يمكن أن يعود من جديد؟
ويوضح الخبير العسكري المغربي عبد الرحمان مكاوي لموقع (إرفع صوتك) أن هذه الخلافات تجعل إمكانية التنسيق والاندماج بين التنظيمين مستقبلا منعدمة في ظل الخلافات الحادة التي تطبع علاقتهما. يقول مكاوي "لا يمكن أن يصبح التنظيمان موحدين في صف واحد، لأن الخلاف بينهما عقدي ومنهجي، كما تختلف رؤيتهما من حيث المقاصد والأهداف. وبالتالي من المستبعد أن يتكتلا معا، خصوصا بعد المواجهات الدامية التي تمت بينهما في سورية والعراق وليبيا واتهامات التكفير والتخوين المتبادلة".
استفاقة متأخرة
ويرى المكاوي أن إحساس داعش بقرب نهايته جعله يخوض معركة البقاء الأخيرة، عن طريق نهج تكتيكات كلاسيكية مثل العمليات الانتحارية ضد الأجهزة الأمنية وتجييش خلاياه النائمة في أوروبا وبعض البلدان لضمان عدم إعلان نهايته بشكل رسمي.
وكشف المتحدث باسم التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، ريان ديلون، أن داعش خسر حوالي 87 في المئة من مناطق سيطرته في العراق وسورية، كما تم تحرير أزيد من سنة ملايين ونصف شخص، وتم القضاء على موارد تمويل عمليات التنظيم بنسبة 90 في المئة.
في المقابل، يحذر عبد الرحمان المكاوي من "داعش الرقمي الذي يصعب إيقاف اختراقه"، مشيرا إلى أن "نهاية داعش عسكريا لا تعني بالضرورة القضاء على فكر التنظيم، بل سيمنح الفرصة لظهور تنظيمات أخرى أكثر تطرفا وعنفا من سابقاتها. وكما هو معروف في أبجديات الجماعات الإرهابية فإن كل تنظيم يحاول أن يظهر أنه أكثر أصولية وأكثر قربا من الاسلام والسلف".
انبعاث القاعدة
من جهة أخرى، يقول الخبير في الجماعات الجهادية، ومدير موقع "الإسلام الثوري"، عبد الغني مزوز، إن "تنظيم القاعدة يظل المستفيد الأول من الانهيار المتسارع لداعش، ذلك أن التنظيمين يتنافسان على استقطاب الكادرالجهادي وتمثيل الجهادية العالمية، كما يحاول تنظيم القاعدة الاستفادة من الخطأ الاسترتيجي لداعش الذي ركز على السيطرة المكانية واحتلال الأرض واجتياح المدن، ثم انحاز منها كما حدث في سرت والموصل والرقة".
ويشير المتحدث إلى أن تنظيم القاعدة عزز وجوده في الساحل وشمال أفريقيا، ومنطقة القرن الأفريقي عندما انضمت إليه معظم الجماعات الجهادية هناك، إضافة إلى استمرار انتشاره في مناطق واسعة باليمن، مستفيدا من الخلاف بين أطراف الأزمة، ومقدما نفسه كمخلص للقبائل اليمنية المستاءة من أداء التحالف العربي وخصومه الحوثيين.
وباتت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة وفرع القاعدة سابقا) تسيطر على محافظة إدلب، التي تعتبر عسكريا أهم من مناطق سيطرة داعش في شرق سورية. وبالتالي، يقول مزوز، فهي تحاول تقديم نفسها كبديل لكل الأطراف، سواء الجيش حر أو الفصائل الموسومة بالاعتدال أو الفصائل المتشددة كداعش ولواء الأقصى وجيش خالد بن الوليد من خلال "تبني خطاب سياسي يتسم بالمرونة ويتيح هوامش للحوار والتفاوض وتحييد الخصوم، كما حدث أخيرا في مفاوضاتها مع الأتراك التي سحبت عبرها البساط من القوى المعتدلة المقربة من تركيا، وتوصلت معها الى اتفاق بخصوص دخول الجيش التركي إلى إدلب".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659