ساهم المواطنون في إلقاء القبض على 300 من مقاتلي داعش/Shutterstock
فقد داعش 87 في المئة من أراضيه بتحرير الرقة/Shutterstock

المغرب - عبد العالي زينون:

مع إعلان تحرير مدينة الرقة في شمال شرق سورية، تراجع نفوذ تنظيم داعش إلى أدنى مستوى له منذ سنة 2014. وينحصر نفوذه حاليا في شرق سورية، حيث ما يزال يسيطر على أحياء من مدينة الزور، ومدينتي الميادين والبوكمال إضافة إلى عدد من القرى على طول صفتي نهر الفرات.

وسيعود داعش في الغالب إلى أسلوب التنظيم السري، بعد أن فقد سيطرته على الأرض، في وقت يترقب فيه أن يعود تنظيم القاعدة من جديد كزعيم للحركة الجهادية، مستغلا انهيار داعش.

خلاف داعش والقاعدة

أشعل صعود نجم داعش من رحم تنظيم القاعدة في بلاد الرفدين، الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي سنة 2004، نار الحرب بين التنظيمين. وسعى داعش إلى إضعاف القاعدة واستقطاب أتباعها في سورية والعراق، وهو ما حدا بزعيم القاعدة أيمن الظواهري إلى مهاجمة البغدادي، متهما إياه بالكذب والافتراء ومحاولة تشويه تنظيم القاعدة، ما يفسر حجم الاختلاف بين التنظيمين اللذين فكا ارتباطهما بشكل رسمي عام 2013.

اقرأ:

مدير CIA: أيام قادة القاعدة معدودة

داعش.. أين يمكن أن يعود من جديد؟

ويوضح الخبير العسكري المغربي عبد الرحمان مكاوي لموقع (إرفع صوتك) أن هذه الخلافات تجعل إمكانية التنسيق والاندماج بين التنظيمين مستقبلا منعدمة في ظل الخلافات الحادة التي تطبع علاقتهما. يقول مكاوي "لا يمكن أن يصبح التنظيمان موحدين في صف واحد، لأن الخلاف بينهما عقدي ومنهجي، كما تختلف رؤيتهما من حيث المقاصد والأهداف. وبالتالي من المستبعد أن يتكتلا معا، خصوصا بعد المواجهات الدامية التي تمت بينهما في سورية والعراق وليبيا واتهامات التكفير والتخوين المتبادلة".

استفاقة متأخرة

ويرى المكاوي أن إحساس داعش بقرب نهايته جعله يخوض معركة البقاء الأخيرة، عن طريق نهج تكتيكات كلاسيكية مثل العمليات الانتحارية ضد الأجهزة الأمنية وتجييش خلاياه النائمة في أوروبا وبعض البلدان لضمان عدم إعلان نهايته بشكل رسمي.

وكشف المتحدث باسم التحالف الدولي التي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، ريان ديلون، أن داعش خسر حوالي 87 في المئة من مناطق سيطرته في العراق وسورية، كما تم تحرير أزيد من سنة ملايين ونصف شخص، وتم القضاء على موارد تمويل عمليات التنظيم بنسبة 90 في المئة.

في المقابل، يحذر عبد الرحمان المكاوي من "داعش الرقمي الذي يصعب إيقاف اختراقه"، مشيرا إلى أن "نهاية داعش عسكريا لا تعني بالضرورة القضاء على فكر التنظيم، بل سيمنح الفرصة لظهور تنظيمات أخرى أكثر تطرفا وعنفا من سابقاتها. وكما هو معروف في أبجديات الجماعات الإرهابية فإن كل تنظيم يحاول أن يظهر أنه أكثر أصولية وأكثر قربا من الاسلام والسلف".

انبعاث القاعدة

من جهة أخرى، يقول الخبير في الجماعات الجهادية، ومدير موقع "الإسلام الثوري"، عبد الغني مزوز، إن "تنظيم القاعدة يظل المستفيد الأول من الانهيار المتسارع لداعش، ذلك أن التنظيمين يتنافسان على استقطاب الكادرالجهادي وتمثيل الجهادية العالمية، كما يحاول تنظيم القاعدة الاستفادة من الخطأ الاسترتيجي لداعش الذي ركز على السيطرة المكانية واحتلال الأرض واجتياح المدن، ثم انحاز منها كما حدث في سرت والموصل والرقة".

ويشير المتحدث إلى أن تنظيم القاعدة عزز وجوده في الساحل وشمال أفريقيا، ومنطقة القرن الأفريقي عندما انضمت إليه معظم الجماعات الجهادية هناك، إضافة إلى استمرار انتشاره في مناطق واسعة باليمن، مستفيدا من الخلاف بين أطراف الأزمة، ومقدما نفسه كمخلص للقبائل اليمنية المستاءة من أداء التحالف العربي وخصومه الحوثيين.

وباتت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة وفرع القاعدة سابقا) تسيطر على محافظة إدلب، التي تعتبر عسكريا أهم من مناطق سيطرة داعش في شرق سورية. وبالتالي، يقول مزوز، فهي تحاول تقديم نفسها كبديل لكل الأطراف، سواء الجيش حر أو الفصائل الموسومة بالاعتدال أو الفصائل المتشددة كداعش ولواء الأقصى وجيش خالد بن الوليد من خلال "تبني خطاب سياسي يتسم بالمرونة ويتيح هوامش للحوار والتفاوض وتحييد الخصوم، كما حدث أخيرا في مفاوضاتها مع الأتراك التي سحبت عبرها البساط من القوى المعتدلة المقربة من تركيا، وتوصلت معها الى اتفاق بخصوص دخول الجيش التركي إلى إدلب".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.