القوات العراقية تتقدم في المناطق الصحراوية على الحدود السورية بمحافظة الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية
القوات العراقية تتقدم في المناطق الصحراوية على الحدود السورية بمحافظة الأنبار/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

بدأت القوات العراقية الخميس 26 تشرين الأول/ أكتوبر، هجوما على تنظيم داعش في قضاء القائم بمحافظة الأنبار (غرب العراق)، وهو آخر معاقل التنظيم في البلاد.

وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان صدر عن مكتبه "أعلن على بركة الله ونصره انطلاق عملية تحرير القائم (...) وليس أمام الدواعش غير الموت أو الاستسلام"، مضيفا "ها هي جحافل البطولة والفداء تزحف للقضاء على آخر معقل للإرهاب في العراق لتحرير القائم وراوة والقرى والقصبات في غرب الأنبار".

ويقع قضاء القائم على الحدود المتاخمة لسورية، حيث يتعرض تنظيم داعش لهجمات أخرى، ينفذها الجيش السوري و"قوات سوريا الديموقراطية" المدعومة من واشنطن.

إقرأ أيضاً:

هل أصبحت مناطق الأنبار قنبلة موقوتة؟

انتهاء حلم الخلافة... هل سيتحول داعش إلى عصابة؟

محاور العملية

عمليات تحرير القائم (350 كيلومترا غرب الرمادي)، انطلقت من أربعة محاور، بحسب ما يقول قائد عمليات الجزيرة في الجيش العراقي، اللواء الركن قاسم المحمدي، موضحا في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الجيش والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي والعشائري تشارك في العمليات، بإسناد كبير من طيران القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي".

وبعد ساعات من انطلاق العمليات، أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية عن تحرير قرى عدة وقاعدة سعد الجوية ومواقع استراتيجية أخرى جنوبي شرق القائم.

وأفاد التحالف الدولي، في بيان له، شن 15 غارة جوية ضد أهداف للمتطرفين في منطقتي القائم والبوكمال ومحيطيهما في العراق وسورية.

المناورة للدروع

ويشير خبراء إلى أن عمليات تحرير القائم ستكون سريعة رغم جغرافية القضاء الصعبة.

وفي هذا الشأن، يوضح اللواء الركن المتقاعد، ومستشار "المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب" عماد علو قائلا "جغرافية المنطقة صحراوية تتخللها بعض التلال والموانع والطيات الأرضية، هي صالحة لاستخدام العجلات المسرفة والمدولبة"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "المناورة للقطعات المدرعة ستكون يسيرة وسريعة".

لكن العملية العسكرية لن تخلو من صعوبات، خصوصا وأن من تبقى من عناصر التنظيم هم من الجنسيات الأجنبية، إضافة إلى التشكيلات المحترفة التي انسحبت من الرقة في سورية، وفقا للواء الركن المتقاعد، الذي يؤكد في الوقت نفسه، أن "حجم المتبقين من داعش وامكانياتهم مقابل القوات العراقية ضعيف جدا، وستحسم لصالح القوات المحررة".

جغرافية القائم

يقع قضاء القائم على بعد 480 كيلومترا شمال غرب بغداد على ضفاف نهر الفرات، وعبرها يدخل النهر إلى الأراضي العراقية.

ويسكن القضاء الذي تبلغ مساحته نحو 8000 كيلو متر مربع، عشائر الدليم والراويين والعانيين والهيتاوييين. ويبلغ عدد سكان القائم 170 ألف نسمة.

وتتبع للقضاء إداريا ثلاث نواح هي الكرابلة والعبيدي والرمانة، إضافة إلى عدد من القرى.

ولقضاء القائم أهمية اقتصادية بسبب احتوائه على منفذ حدودي، إضافة إلى حقل عكاس الغازي، ومعامل صناعة الفوسفات والاسمنت، فضلا عن طبيعة أراضيه الصالحة للزراعة.

2000 معتقل في سجون داعش

سقط قضاء القائم بيد داعش يوم 21 حزيران/ يونيو 2014، ومنذ ذلك الحين عانى أهالي القضاء من ظلم عناصر التنظيم.

ويقول رئيس مجلس القضاء ناظم بردان، أن "عناصر التنظيم أعدموا أعدادا كبيرة من أهالي القائم بتهم الانتماء إلى الأجهزة الأمنية أو المخابرة مع القوات العراقية"، مضيفا في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أكثر من 2000 شخص معتقل حاليا في سجون التنظيم، فيما نزح نحو 80 في المئة من أهالي القضاء".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.