مصور صحافي اثناء الاشتباكات بين الكرد والقوات الاتحادية /وكالة الصحافة الفرنسية
مصور صحافي اثناء الاشتباكات بين الكرد والقوات الاتحادية /وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

في قرية "خور سي" بقضاء "داقوق" (45 كيلومترا جنوب محافظة كركوك)، ذي الغالبية التركمانية، أقدم مسلحون مجهولون على قتل المصور التلفزيوني، أركان شريف، (54 عاما)، العامل في قناة "كردستان تي في"، التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني.

شريف أب لثلاثة أطفال، اقتحم أربعة مسلحين مجهولين منزله عند الساعة الثانية والنصف فجر الأحد بالتوقيت المحلي، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني، مضيفة أن "أحد المسلحين قام بقتل شريف بخمس طعنات بالسكين، بعدما تم حبس عائلته داخل غرفة".

 

إقرأ أيضاً:

كركوكيون: مواقع التواصل الاجتماعي تؤجج أوضاع مدينتنا

خلاف بغداد وأربيل وجبهة الحرب على الإرهاب؟

 

العنف في أربيل

محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان، لم تخل هي الأخرى من أعمال العنف، حيث تعرض كادر قناة أن أرت تي السابعة من مساء الأحد، وأثناء بث مباشر من أمام مبنى برلمان كردستان، إلى اعتداء من قبل عدد من الأشخاص.

وقال مسؤول في القناة في بيان على موقعها الرسمي أن "المراسل ريبوار كاكائي، تعرض لجروح بليغة بسبب الاعتداء نقل على إثرها إلى المشفى".

 

سياسيون يصنعون الكراهية!

ووفقا لمختصين في مجال الإعلام، فإن معظم خطابات الكراهية تخرج من مواقع التواصل الإعلامي، حتى لا يتحمل الفاعل المسؤولية القانونية هذا الفعل، إضافة إلى سرعة الانتشار.

ويقول أستاذ الإعلام في جامعة بغداد عبد السلام السامر أن "القليل من الرسائل التي تحمل مضمونا يحث على العنف والكراهية، تخرج من خلال وسائل الإعلام التقليدية، لأنها تخضع للرقابة، مضيفا في حديث لموقعنا "هناك سياسيون يصعّدون من هذا الخطاب، لسببين: تسقيط الآخر والتعبئة الجماهيرية، من خلال خلق صورة سلبية للطرف المقابل أو الخصم السياسي".

وعلى الرغم من كون تصاعد خطاب الكراهية في فترة الأزمات السياسية أمرا يبدو طبيعيا، إلا أنه وصل إلى مرحلة الخطر حاليا، بحسب ما يرى السامر، مؤكدا أن "تصاعد حدة هذا الخطاب، بدأ يمزق النسيج الاجتماعي، ويخلق تنافرا بين مكونات الشعب العراقي".

الخطر في مواقع التواصل الاجتماعي

وفي سياق ذي صلة، توصلت مؤسسة "مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية"، عبر دراسة أجرتها إلى أن خطاب التحريض على الكراهية والعنصرية في وسائل الإعلام العراقية، تصاعد في المدة الممتدة من 25/9 – 25/10/ 2017، إلى نحو خمسة أضعاف.

وتشير المؤسسة، وهي منظمة مجتمع مدني، في بيان نشر على صفحتها في "فيسبوك"، إلى رصدها لتصاعد نسب تلك الرسائل من 37 رسالة في اليوم الواحد تحض على الكراهية، قبل المدة أعلاه، إلى 176 رسالة، بعد أجراء الاستفتاء على الانفصال في إقليم كردستان، وما تبعه من بسط السلطة الاتحادية سيطرتها على محافظة كركوك.

وتقول المديرة التنفيذية لمؤسسة مسارات آمنة الذهبي، أن "تلك النتائج جاءت بعد دراسة ميدانية لعينات من متابعي وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العراق"، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك)، أن الدراسة أفضت إلى بعض الإحصائيات، وجاء أبرزها:

-سبعة في المئة تتابع الصحافة المقروءة و23 في المئة تتابع التلفزيون و70 في المئة يتابعون موقع فيسبوك.

-85 في المئة من جمهور فيسبوك يتابعون صفحات القنوات التلفزيونية على الموقع.

-الفاعلون في خطاب الكراهية: الإعلاميون 42 في المئة، السياسيون 57 في المئة، رجال الدين واحد في المئة، بعد أن كانت حتى تموز/ يوليو الماضي: الإعلاميون 15 في المئة، السياسيون 42 في المئة ورجال الدين 43 في المئة.

-90 في المئة من رسائل المؤسسات الإعلامية التي تحوي خطابات الكراهية ناتجة عن السياسيين.

التوجه نحو بث خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، سببه أن تلك المواقع لا تحتاج إلى إمكانيات مالية أو بشرية، إضافة إلى غياب الرقابة عليها، بحسب ما ترى الذهبي، مضيفة أن "شخصيات وجهات سياسية بدأت تستثمر مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات تديرها في طرح رسائلها التحريضية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.