معاق يجلس على كرسي متحرك إلى جانب الطريق في بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
رجل يجلس على كرسي متحرك إلى جانب الطريق في بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد - دعاء يوسف:

خلّفت الحروب والتفجيرات الإرهابية والأحداث الأمنية المتعاقبة على العراق منذ عام 2013 مئات الآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق.

وزارة التخطيط

يقدر نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد بلغ أكثر من ثلاثة ملايين، إلاّ أن مدير إعلام وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي يقول إن المسح الذي أجرته الوزارة مطلع ٢٠١٧ توصل إلى "وجود نحو مليون و357 ألف معاق، شكل الذكور منهم نحو 770 ألفاً في محافظات العراق عدا إقليم كردستان". ​

اقرأ أيضا:

مدينة الذرى للمعاقين في بغداد... كيف تغيّر حالها؟

ماذا يحدث عندما يدفعك القدر لتكون شاهداً على انفجار؟

ويضيف أن العاصمة بغداد كانت تحتل النسبة الأكبر من ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب حوادث التفجيرات الإرهابية، تلتها البصرة ثم واسط والنجف.

وتظل الأرقام المطروحة في البلاد غير دقيقة لأن المسح الذي أجري كان قد استبعد محافظتي الموصل والأنبار بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة وما تخللتها من سيطرة داعش ونزوح ومعارك تحريرها من عناصر هذا التنظيم.  

ويعاني ذوو الاحتياجات الخاصة في العراق من ظروف حياتية صعبة. "عظم بني آدم ثقيل"، بهذه العبارة يلخص إياد حسن معاناته لموقع (إرفع صوتك)، في إشارة إلى أنّه يحاول ألا تشكل إعاقته الجسدية عبئاً كبيراً على عائلته.

إعالة نفسك بنفسك

ويحرص إياد، وهو مُقعد، رغم انشغاله طيلة النهار في بيع بعض الحلويات والسكاكر بنفسه أن يساهم في قوت عائلته المتكونة من أمه وأخواته الثلاث.

ويقول "حتى تتفادى نظرات الشفقة عليك والنظرة الخاطئة عن عجزك، عليك بالعمل وإعالة نفسك بنفسك".

ويضيف أنه وجد من جلوسه بجانب منضدة صغيرة على الرصيف المقابل لبيته وبيع بعض الأشياء التي يفضلها الأطفال أفضل علاج لنسيان إصابته بالعوق والعيش كما يعيش غيره بصورة طبيعية.   

وكان الشاب، ٣٣ عاماً، قد تعرض لحادث تفجير سيارة عام ٢٠٠٩، ما نجم عنه فقدان أطرافه السفلى والاستعانة الدائمة بكرسي متحرك لعدم قدرته على الحركة.

ويقول بحزن "الحياة صعبة مع إعاقة تمنعك حتى من التفكير في الزواج وتكوين أسرة".

عار على عشيرتها

وتقول سعاد صالح، وهي نازحة من مدينة الرمادي، "لقد هجرني زوجي وحرمني من رؤية أطفالي الثلاثة بسبب إصابتي بعبوة ناسفة خلال رحلة النزوح نحو بغداد".

وتضيف أنها عاشت مع أمها وأختها بعدما فقدت إحدى أطرافها السفلى. "وجودي كزوجة وأم انتهى بالنسبة لعائلتي، إلاّ أنني أفضل من كثيرات غيري تعرضن للعوق".

وترى سعاد، 31 عاما، أن المرأة المعاقة في المجتمع تُعامل وكأنها عار على عشيرتها "إذ يتم منعها من الاختلاط بالناس أو الخروج من غرفتها، بل وحتى يتم منعها من العلاج أو مراجعة المستشفيات".

"نحن محكومات بسلطة عشائرية وتقاليد. والنظرة عن المعاقة لن تكون أفضل من غير المعاقة"، حسب قولها.

وبالنسبة للذين تعرضوا للإصابات الجسدية، فإن أكثر مشاكلهم تتعلق بتوفير احتياجاتهم التي تساعدهم على التواصل والاندماج بالمجتمع، وكذلك في إيجاد فرص عمل مناسبة لقدراتهم رغم أن "هيئة رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة" في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد خصصت لهم رواتب شهرية.

وزارة الصحة

وتسعى وزارة الصحة من خلال ٢١ مصنعا و١٢ ورشة محلية على توفير الأطراف الاصطناعية والكراسي المتحركة والاحتياجات الطبية للمعاقين الذين تضرروا من الحوادث التفجيرية والعمليات العسكرية وغير ذلك.

ويقول المدير الإعلامي لوزارة الصحة الدكتور سيف البدر إنّ "أكثر إصابات المعاقين في البلاد تتمثل بفقدان الأطراف العليا أو السفلى".

ويضيف أنه رغم قلة التخصيصات المالية لوزارة الصحة، إلا أن الوزارة تحاول تغطية الاحتياجات وتوظيف الخبرات المحلية قدر المستطاع. "بدأت الوزارة بإجراء عمليات جراحية لزراعة الأطراف الذكية في مستشفى ابن سينا لجرحى القوات الأمنية والحشد الشعبي".

ويشير إلى أن من بين الاحتياجات الطبية التي سعت الوزارة إلى توفيرها أيضا هي الكراسي المتحركة، وإعادة التأهيل البدني والنفسي للمعاقين عبر مراكز ومستشفيات متخصصة منها مستشفى ابن القف. 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.