صورة تعبيرية/ٍShutterstock
صورة تعبيرية/ٍShutterstock

كركوك ـ محمد عبد الله:

بعد أن قرأ آخر رسالة تهديد وصلته على فيسبوك، قرر رعد عيسى، الصحفي العراقي الذي يعيش في كركوك أن يتوقف عن كتابة أي موضوع سياسي ناقد خوفا على ابنته، ذات الأعوام السبعة، وعائلته من التعرض للاختطاف.

الشخص الذي هددني ذكر معلومات دقيقة عن ابنتي ومدرستها
رعد عيسى

​​لم يكن هذا التهديد الأول من نوعه الذي يتعرض له عيسى خلال سنوات من العمل الصحافي في كركوك، فقد تعرض لعدة تهديدات مسبقاً، لكنه يصف التهديد الأخير بـ"المختلف".

يقول لموقع (ارفع صوتك) "الشخص الذي هددني هذه المرة ذكر معلومات دقيقة عن ابنتي ومدرستها، وأوقات وصولها ومغادرتها المدرسة، واسم السائق، ومعلومات أخرى".

في ذيل القائمة

ويُشير عيسى الى أن الرسالة حذرته من كتابة موضوعات ناقدة عن إحدى الفصائل العراقية المسلحة التي دخلت كركوك مؤخرا، ورغم توقفه عن كتابة مواضيع سياسية ناقدة الا أنه ما زال قلقاً على مستقبل عائلته، ويوضح "أفكر بالهجرة الى خارج العراق للعيش بأمان".

وكشفت منظمة (مراسلون بلا حدود) في إحصائية أصدرتها في 20 تموز/ يوليو الماضي عن مقتل نحو 28 إعلامياً في العراق منذ 2014.

بسبب تساؤلات أثرتها في احدى مقالاتي عن ملفات فساد شخصية سياسية، تلقيت رسالة تحذيرية من شخص مجهول

​​وأكد كريستوف ديلوار الأمين العام للمنظمة في بيان أن العراق يُعد من أخطر البلدان بالنسبة للصحافيين. وبحسب جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته (مراسلون بلا حدود) في وقت سابق هذا العام، يأتي العراق في المرتبة 158 من 180 دولة في الجدول المذكور.

يراقبون هاتفي

ولم تتوقف الحملات ضد الصحافيين عند التهديد فحسب بل اتخذت أشكالا عدة منها شن هجمات إلكترونية على حساباتهم ومراقبة تحركاتهم.

شارع الجمهورية في كركوك

​​ويتهم الصحافي آسو وهاب أشخاصا نافذين في الحكومة بمراقبة اتصالاته، ويضيف لموقع (ارفع صوتك) "بعد التطورات الأخيرة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، يعتبر الأشخاص الذين ينشرون الحقائق المتعلقة بالأوضاع الأمنية والاقتصادية مستهدفين".

وتزايدت وتيرة العنف ضد الصحافيين في إقليم كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها بعد تدهور العلاقات بين بغداد وأربيل على خلفية استفتاء الاستقلال الذي نظمه الإقليم في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي إضافة إلى الصراع بين الجانبين للسيطرة على المناطق المتنازع بينهما ومشاكل أخرى عالقة.

إلا الفساد

وتعرض مراسل ومصور قناة NRT الكردية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي للضرب من قبل محتجين غاضبين أمام برلمان كردستان في أربيل، وتزامنا مع ذلك قُتل مراسل قناة كردستان التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني طعنا بالسكين على يد مجموعة مسلحة في منزله في قضاء داقوق التابع لكركوك في 30 أكتوبر الماضي.

​​ويرى الصحافي صفاء عمر أن الخطورة تقتصر على الصحافيين الذين يتطرقون لمواضيع تمس السياسيين وأحزابهم سواء في الحكومة العراقية أو في حكومة الاقليم، ويردف لموقع (ارفع صوتك) "بسبب تساؤلات أثرتها في احدى مقالاتي عن ملفات فساد شخصية سياسية، تلقيت رسالة تحذيرية من شخص مجهول طلب مني الانتباه على كتاباتي".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مصور صحافي اثناء الاشتباكات بين الكرد والقوات الاتحادية /وكالة الصحافة الفرنسية
مصور صحافي اثناء الاشتباكات بين الكرد والقوات الاتحادية /وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

في قرية "خور سي" بقضاء "داقوق" (45 كيلومترا جنوب محافظة كركوك)، ذي الغالبية التركمانية، أقدم مسلحون مجهولون على قتل المصور التلفزيوني، أركان شريف، (54 عاما)، العامل في قناة "كردستان تي في"، التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود بارزاني.

شريف أب لثلاثة أطفال، اقتحم أربعة مسلحين مجهولين منزله عند الساعة الثانية والنصف فجر الأحد بالتوقيت المحلي، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني، مضيفة أن "أحد المسلحين قام بقتل شريف بخمس طعنات بالسكين، بعدما تم حبس عائلته داخل غرفة".

 

إقرأ أيضاً:

كركوكيون: مواقع التواصل الاجتماعي تؤجج أوضاع مدينتنا

خلاف بغداد وأربيل وجبهة الحرب على الإرهاب؟

 

العنف في أربيل

محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان، لم تخل هي الأخرى من أعمال العنف، حيث تعرض كادر قناة أن أرت تي السابعة من مساء الأحد، وأثناء بث مباشر من أمام مبنى برلمان كردستان، إلى اعتداء من قبل عدد من الأشخاص.

وقال مسؤول في القناة في بيان على موقعها الرسمي أن "المراسل ريبوار كاكائي، تعرض لجروح بليغة بسبب الاعتداء نقل على إثرها إلى المشفى".

 

سياسيون يصنعون الكراهية!

ووفقا لمختصين في مجال الإعلام، فإن معظم خطابات الكراهية تخرج من مواقع التواصل الإعلامي، حتى لا يتحمل الفاعل المسؤولية القانونية هذا الفعل، إضافة إلى سرعة الانتشار.

ويقول أستاذ الإعلام في جامعة بغداد عبد السلام السامر أن "القليل من الرسائل التي تحمل مضمونا يحث على العنف والكراهية، تخرج من خلال وسائل الإعلام التقليدية، لأنها تخضع للرقابة، مضيفا في حديث لموقعنا "هناك سياسيون يصعّدون من هذا الخطاب، لسببين: تسقيط الآخر والتعبئة الجماهيرية، من خلال خلق صورة سلبية للطرف المقابل أو الخصم السياسي".

وعلى الرغم من كون تصاعد خطاب الكراهية في فترة الأزمات السياسية أمرا يبدو طبيعيا، إلا أنه وصل إلى مرحلة الخطر حاليا، بحسب ما يرى السامر، مؤكدا أن "تصاعد حدة هذا الخطاب، بدأ يمزق النسيج الاجتماعي، ويخلق تنافرا بين مكونات الشعب العراقي".

الخطر في مواقع التواصل الاجتماعي

وفي سياق ذي صلة، توصلت مؤسسة "مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية"، عبر دراسة أجرتها إلى أن خطاب التحريض على الكراهية والعنصرية في وسائل الإعلام العراقية، تصاعد في المدة الممتدة من 25/9 – 25/10/ 2017، إلى نحو خمسة أضعاف.

وتشير المؤسسة، وهي منظمة مجتمع مدني، في بيان نشر على صفحتها في "فيسبوك"، إلى رصدها لتصاعد نسب تلك الرسائل من 37 رسالة في اليوم الواحد تحض على الكراهية، قبل المدة أعلاه، إلى 176 رسالة، بعد أجراء الاستفتاء على الانفصال في إقليم كردستان، وما تبعه من بسط السلطة الاتحادية سيطرتها على محافظة كركوك.

وتقول المديرة التنفيذية لمؤسسة مسارات آمنة الذهبي، أن "تلك النتائج جاءت بعد دراسة ميدانية لعينات من متابعي وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العراق"، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك)، أن الدراسة أفضت إلى بعض الإحصائيات، وجاء أبرزها:

-سبعة في المئة تتابع الصحافة المقروءة و23 في المئة تتابع التلفزيون و70 في المئة يتابعون موقع فيسبوك.

-85 في المئة من جمهور فيسبوك يتابعون صفحات القنوات التلفزيونية على الموقع.

-الفاعلون في خطاب الكراهية: الإعلاميون 42 في المئة، السياسيون 57 في المئة، رجال الدين واحد في المئة، بعد أن كانت حتى تموز/ يوليو الماضي: الإعلاميون 15 في المئة، السياسيون 42 في المئة ورجال الدين 43 في المئة.

-90 في المئة من رسائل المؤسسات الإعلامية التي تحوي خطابات الكراهية ناتجة عن السياسيين.

التوجه نحو بث خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، سببه أن تلك المواقع لا تحتاج إلى إمكانيات مالية أو بشرية، إضافة إلى غياب الرقابة عليها، بحسب ما ترى الذهبي، مضيفة أن "شخصيات وجهات سياسية بدأت تستثمر مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات تديرها في طرح رسائلها التحريضية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365