نساء عراقيات خلال يشاركن في إحدى التظاهرات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات خلال يشاركن في إحدى التظاهرات/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

في عام 2010، قررت هيام الخزاعي، الأستاذة في كلية الإعلام جامعة بغداد، المشاركة في الانتخابات التشريعية، ضمن قائمة (ائتلاف وحدة العراق)، لكنها تفاجأت بأن القائمين على القائمة "أبعد ما يكونوا عن شعاراتهم".

تقول الخزاعي "للأسف عندما قررت الترشح مع قائمة تعتبر مختلطة وبعيدة عن الطائفية، صدمت بأن بعض قياداتها، كانت طائفية وأخرى تبحث عن مصالح عائلية"، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لذلك فضلت الصمت وفعلا خسرت القائمة".

وتتابع "أستطيع القول إن التجربة البرلمانية العراقية فشلت برجالها ونسائها، لأن الديمقراطية تربية تعطى منذ الولادة".

إقرأ أيضاً:

نادية بشار تجسّد وحشية زواج القاصرات

نصائح للمرأة العراقية: هكذا تنجحين في سوق العمل

 

الكوتا ليست حلا

وترى أستاذة الإعلام، أن الكوتا ليست حلا دائما لتمثيل المرأة السياسي، انما هو لمرحلة تؤهل النساء إلى مستوى كبير من الوعي والتجربة بالعمل الوطني، مؤكدة " لكن ذلك لم يحصل، حيث استغلت الأحزاب الإسلامية قانون الكوتا، لإيصال نساء يكمّلن العدد، يأخذن الأمر بالتصويت بنعم أو لا".

وتختتم الخزاعي، التي لا تريد تكرار تجربتها بالترشيح إلى الانتخابات، حديثها بالقول "لست متفائلة في دور إيجابي للمرأة، طالما القيادات السياسية الحالية موجودة، وكل همها تحييد المرأة عن دورها الطليعي في بناء المجتمع".

 

نساء للعدد فقط

وفي انتخابات مجلس النواب العراقي، عام 2010، حصلت امرأة واحدة على مقعد نيابي بعد وصولها العتبة الانتخابية بعدد أصواتها، من بين آلاف المرشحات، وفقا للقيادية في "الحركة النسوية" بشرى العبيدي.

فيما تصاعد عدد النساء اللائي حصلن على العتبة الانتخابية بأصواتهن في الانتخابات البرلمانية لعام 2014 إلى 22 امرأة.

تقول العبيدي "المرأة اليوم متقدمة ووعت أكثر من السابق بحقوقها وإمكانياتها السياسية والإدارية"، مرجحة في حديث لموقع (إرفع صوتك) "زيادة عدد المقاعد التي ستحصل عليها المرأة في الانتخابات المقبلة إلى الضعف، نتيجة القناعة بأدائها ونزاهتها قياسا بقضايا الفساد التي يتهم بها رجال يعملون في مناصب مختلفة بمفاصل الدولة".

لكن تحسن العدد في التمثيل النسائي لا يعني بالضرورة أن يقابله تحسن في أداء المرأة داخل البرلمان.

حيث ترى الناشطة العبيدي أن "أداء المرأة داخل البرلمان يحدده اختيار رئيس الكتلة أو الحزب لمن سيشغل القائمة الانتخابية، فإذا اختار بشكل مهني ومتخصص فسيتغير وضع المرأة، وأنا لا أتوقع أن يقوم رئيس الكتلة بذلك"، مضيفة "لأنه لا يريد أشخاصا يناقشوه أو يعارضون آراءه، بل يبحث عن المطيعين والموافقين على كل قراره".

ويعمل تشكيل يضم العشرات من منظمات المجتمع المدني العراقية المعنية بشؤون المرأة، ومن مختلف محافظات البلاد، بالتعاون مع الأمم المتحدة باتجاه تعديل قانون الانتخابات، بالجوانب التي تخص المرأة.

"بسبب التحالف الوطني"!

لكن عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة البرلمانية ريزان الشيخ، تستبعد أن ترى المقترحات التي قدمتها الحركة النسوية النور، أو حتى تصل إلى مرحلة القراءة.

وتقول الشيخ "التحالف الوطني برجاله ونسائه، ذو دور سيء في التشريعات المختصة بالمرأة، كل أفكاره تحمل رؤى دينية عشائرية ذكورية متشددة"، مضيفة في حديث لموقع (إرفع صوتك) "معظم النائبات الموجودات داخل البرلمان لا يعرفن معنى كلمة كوتا، لذلك لا أتصور أن يزداد العدد لأن المرأة لم تتمكن من تقديم شيء للمرأة ولا للعملية السياسية ولا للمجتمع".

وتذكر النائبة الكردية، أنها حينما دخلت البرلمان كان بجعبتها الكثر من المشاريع التي تصب في مصلحة المرأة، لكنها حتى اللحظة لم تحقق أي مشروع من بين تلك المشاريع.

وتقول الشيخ، "تغيير المجتمع يجب أن يبدأ من مجلس النواب، فإذا كان تفكير النواب بهذا المستوى كيف سيتغير المجتمع"، مضيفة "القيادات السياسية العراقية تدعم الرجال أكثر من النساء"ز.

ويضم مجلس النواب 83 مقعدا مخصصا للنساء، من بين 325 مقعدا نيابيا.

 

 

المشكلة بالمجتمع؟

بدورها، تؤكد عضوة التحالف الوطني عهود الفضلي، أن "أهم القوانين التي شرعت في حقوق الفرد والمرأة دفع بها التحالف الوطني"، مضيفة في حديث لموقعنا "توجد قوانين عادلة للمرأة في العراق، لكن المشكلة هو في تطبيقها وليس في التشريع".

وتعتبر الفضلي أن "النظرة العامة للمرأة في العراق هي ذاتها في مصر أو تونس أو الدول العربية الأخرى، بل هي في العراق موجودة في مواقع متقدمة"، موضحة "نعم المجتمع ذكوري لكنه لا ينطبق على التحالف الوطني، بالعكس التحالف يقدم مرشحات وقيادات نسوية ويعمل على انتاج قيادات نسوية جديدة".

وتتابع "معظم النساء اللاتي وصلن العتبة الانتخابية وحققن أصوات بأعداد كبيرة هن من التحالف الوطني".

وفيما يخص دعم قادة القوى السياسية للرجال دون النساء، تؤيد عضوة التحالف الوطني ذلك، موضحة "الحصول على الأصوات الانتخابية تنافس خطير، لذلك قادة الكتل تدعم الرجال، لأنهم بزيادة الرجال يحصلون على نساء بالكوتا".

وتختتم الفضلي حديثها بالقول "ربما تكون حصة النساء الفائزات بأصواتهن في البرلمان خارج الكوتا) أكبر هذه المرة، بسبب الثقافة التي ازدادت لدى المرأة العراقية".

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.