إعمار الطرق والجسور في الرمادي/إرفع صوتك
إعمار الطرق والجسور في الرمادي/إرفع صوتك

علي عبد الأمير ومحمد الجميلي:

لم يبرز سؤال بعد تحرير مناطق واسعة من الأنبار من سيطرة داعش، مثلما برز سؤال: من سيبدأ رحلة الإعمار وكيف؟ لاسيما إن التنظيم الإرهابي دمّر البنى التحتية والمشاريع الخدمية في المحافظة، من جسور ومحطات تصفية الماء وتوليد الطاقة الكهربائية ومؤسسات حيوية تتعلق بحياة الناس، فضلا عن تدمير خطوط المواصلات التي تربط الأنبار بثلاث دول مجاورة للعراق، هي سورية، الأردن والسعودية.

هذا السؤال وجد جوابا عبر تدخل أممي لإعادة تأهيل تلك البنى، فكانت منظمات UNDP واليونيسيف والصليب الأحمر والهلال الأحمر الإماراتي من أوائل الجهات المانحة والداعمة لمحافظة الأنبار.

لا المواطن العادي وحسب، من بدا حائرا أمام مشهد الدمار، بل حتى المسؤول المحلي: "كنا في حيرة من أمرنا عندما رأينا الدمار في مدينة الرمادي"، يقول عضو مجلس محافظة الانبار، راجع بركات العيساوي.  فبسبب سيطرة داعش ومعارك التحرير، كانت هنالك أحياء مدمرة بالكامل، لكن وقفة المجتمع الدولي مع العراق في معركته ضد الإرهاب، أسهمت بشكل فعال في إعادة تأهيل المشاريع الأساسية، كمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، ومحطات ضخ وتصفية المياه، ومحطات الصرف الصحي، وإعادة تأهيل بعض المستشفيات والمراكز الصحية، التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية تمهيداً لعودته الى مدينته.

منحتان من السعودية والكويت

وعن طريق تقديم منحتين للحكومة العراقية، الأولى من المملكة العربية السعودية، تم تخصيصها للنازحين من خلال انشاء مخيمات، وتوزيع مواد إغاثية، والثانية من دولة الكويت، إذ استلمت محافظة الانبار،  25% من قيمة المنحة، ليتم البدء بمشاريع إعادة تأهيل، الطرق، والجسور، ومحطات المياه، وخطوط نقل الطاقة الكهربائية، مشاريع الصرف الصحي، بالإضافة إلى تأهيل جامعة الأنبار، وتقديم المدارس المؤقتة (كرفانات) لتربية الأنبار .

للمزيد

الرمادي.. دمار واسع في قطاع الصحة

الرمادي.. عشرات الجسور المدمرة بعد داعش

وأسهمت المنظمات الدولية ممثلة ببرنامج الأمم المتحدة للإنماء "يو أن دي بي"، في إعادة تأهيل أكثر من 200 مشروع في مدينة الرمادي، موزعة على قطاعات الماء، الكهرباء، الصحة، البلدية، التربية، والطرق والجسور، فأسهمت المنح الدولية في إعادة تأهيل  خمسة جسور مهمة في الرمادي، كما يؤكد المهندس أنس الفهداوي رئيس صندوق إعمار الأنبار في حديثه لموقع (إرفع صوتك).

لولا العون الدولي؟

ويثني مواطنون من الأنبار على جهود الدول المانحة والمنظمات الأممية في إعادة الاستقرار إلى الرمادي، من خلال إعادة البنى التحتية للمدينة، وتقديم الدعم للدوائر الخدمية، كما يقول باسم يونس (45 سنة)، وهو صاحب محل مواد انشائية، في حين يتفق معه المواطن الكاسب عمر علي (33سنة)، مشددا "لولا المجتمع الدولي لما رأيتم هذه الجهود في اعادة وتأهيل المشاريع في مدينة الرمادي".

 

إقرأ أيضا:

الأنبار: البحث عن الاستقرار بعيدا عن دعم بغداد... كيف؟

المعضلة الأكبر

وتظل تعويضات منازل المواطنين ومبانيهم الشخصية التي دمرت بالكامل أو لحق بها خراب كبير نتيجة سيطرة داعش ومعارك تحرير الأنبار، تمثل المعضلة الأكبر لعشرات الآلاف من المواطنين، أكانوا ممن عادوا إلى مدنهم وسكنوا مؤقتا في منازلهم شبه المدمرة، أم الذين رفضوا العودة بانتظار صرف تلك التعويضات من قبل الحكومة العراقية. 

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.