نساء عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية
نساء عراقيات/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم علي قيس:

يميّز المجتمع العراقي كثيرا بين المرأة والرجل، ويسجل في تقاليده انحيازا وضاحا إلى جانب الذكر على حسب الأنثى.

وفيما ترصد أكاديميات وناشطات عراقيات، وقائع تؤكد "الظلم الذي تتعرض له المرأة قانونيا واجتماعيا"، تؤكد برلمانيات أن الحديث عن انتهاكات بحق النساء أقرب إلى "اللغط" منه إلى الحقيقة.

 

إقرأ أيضاً:

هل غيّر التطرّف علاقة النساء العراقيات بالدين؟

الحاجة صبرية: أنا أيضا تزوجت طفلة، ولم أعرف كيف أرضع ابني، فمات!

وتشير أستاذة القانون في جامعة بغداد، والعضوة السابقة في "مفوضية حقوق الإنسان" بشرى العبيدي، إلى أبرز الصفات التي تلحق بالنساء والفتيات في المجتمعات ذات الطابع العشائري والديني، بقولها:

-عورة، يجب ألا يسمع صوتها أو يشاهد شعرها، وأن تلبس لباسا معينا بحجة أنها جالبة للشهوة.

-ينظر لها بشكل أدنى، فيسبق أسمها بعبارة "حاشاك المرة"، أي حاشاك المرأة.

-تستخدم في الفصل العشائري كهدية، لفض النزاع.

-دائما تكون في خانة الخطأ، حتى وإن تعرضت للاغتصاب، تعاقب الفتاة أو المرأة في حين يعفى عن الجاني.

-جالبة للعار، يجب تزويجها بأسرع وقت لأنها قد تجلب العار للعائلة، والأمر الخطر أن التشريعات هي التي رسخت مبدأ أن البنت عار.

وفي هذا الصدد توضح أستاذة القانون، إن المادة 398 ضمن قانون العقوبات العراقي رقم (111) لعام 1969، "تعطي الحماية لمرتكب جريمة الاغتصاب، حيث تفسح له المجال عبر زواج الفتاة الضحية لمدة ثلاث سنوات للهروب من العقوبة، وبعدها يحق له طلاقها"، وبحسب المادتين 128 و409 اللتين تسمحان للرجل بقتل زوجته أو أحد محارمه لـ "مجرد سمع كلمة سيئة أو للاشتباه، وهو ترسيخ للفكر المتطرف ضد المرأة".

كما تلعب المؤسسة التشريعية الحالية دورا سلبيا في أوضاع المرأة، فالبرلمان العراقي، منع تشريع قانون حماية العنف الأسري، ويسعى إلى تشريع قانون يسمح بتزويج الطفلة بعمر 9 سنوات"، بحسب العبيدي.

 

لصالح المرأة؟

القوانين التي تتناولها بالنقد، أصوات نسوية، شرعت في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وهي بالفعل لا تتناسب مع الوضع الحالي للمجتمع، كما ترى عضو مجلس النواب، عن محافظة ذي قار، أمل الناصري، مؤكدة أن البرلمان وبعد أن شعر بخطورة هذا الموضوع، توجه إلى "التصويت من حيث المبدأ" على القبول بتعديل قانون الأحوال الشخصية.

وتوضح الناصري في حديث إلى موقعنا، أن التعديل الجديد على قانون الأحوال الشخصية ورغم الضجة التي أثيرت حول فقرة ضمنه فسرت على أنها تشجع على "زواج القاصرات"، لكنه "سيضمن حقوق كثيرة للنساء وسيوفر الحماية لهن، وخصوصا المتزوجات".

من بين التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، هي فقرة تعطي المرأة حق الطلاق، بدلا من أن تبقى معلقة في المحاكم بانتظار موافقة الزوج على طلب التطليق.

وتدعو الناصري منظمات المجتمع المدني والمختصين بالفقه والقانون للجلوس على طاولة واحدة لمناقشة الفقرات المعدلة في قانون الأحوال الشخصية، من أجل تجاوز ما قد يحدث ضررا للمرأة، "بدل مواجهة التعديلات بالضجة"، على حد وصفها.

هل تغيرت العشيرة؟

ويخالف شيخ عموم عشيرة الفراطسة علي حسن الفرطوسي، الرأي السائد حول "إهانة التقاليد العشائرية للمرأة"، ويؤكد أن هذا الموضوع بات في حكم النسيان، فقد "تغيرت نظرة العشيرة للمرأة على أنها أنسان من درجة ثانية".

وفي سؤالنا عن كيفية تغير تلك النظرة ومن وراء ذلك؟ يقدم الفرطوسي جوابه "وفقا لتوجيهات المرجعية الدينية (الشيعية) التي ركزت على موضوع تعامل العشيرة مع النساء بالحسنى".

 

احتقار المرأة.. احتقار المجتمع

وتظل النظرة الاجتماعية إلى المرأة في العراق، في موقع المراجعة والبحث وصولا إلى ضرورة تعديل ما تتضمنه تلك النظرة من غياب للإنصاف عبر تفضيل الذكر على الأنثى بين الأخوة في العائلة الواحدة، كما تنوه أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد فوزية العطية، والتي تضع الملامح أدناه للتمييز ضد المرأة:

-حرمانها من الدراسة والعمل.

-تزويجها دون موافقتها، وفق ما متعارف عليه في التقاليد العشائرية "كصة بكصة"، ومعناها فتاة مقابل فتاة.

-إلغاء شخصية الفتاة داخل العائلة في اتخاذ القرارات التي تتعلق بها، ومن الممكن أن يتخذ أخوها الأصغر منها سنا، القرار بالنيابة عنها، لمجرد أنه ذكر.

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.