عراقي مسيحي عائد إلى منزله في بلدة قرقوش/وكالة الصحافة الفرنسية
عراقي مسيحي عائد إلى منزله في بلدة قرقوش/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

تشهد مناطق المسيحيين في سهل نينوى عادةً مظاهر احتفالية في هذا الوقت من السنة، حيث كانت تزدان واجهات المحال التجارية بألبسة العيد وتمتلئ الشوارع بزينة عيد الميلاد الذي يحتفل به في 25 كانون الأول/ ديسمبر.

اليوم، يخيم على هذه المناطق مشهد مختلف، قبل أقل من شهر على المناسبة الأهم عند المسيحيين الذين تحررت مناطقهم من داعش منذ أكثر من عام، وتفتقر إلى مظاهر الاحتفال بسبب التحديات التي ما تزال تنغص حياة الأهالي من عائدين ونازحين.

دور حكومي مفقود

 من أكبر التحديات التي تعترض العائدين هي السكن في بيوت دمرت أو أحرقت بسبب المعارك، ومحدودية الخدمات والأموال اللازمة لإعادة إعمارها.

ولكن "لا يوجد أي جهد حكومي في المنطقة، والكنيسة هي من تساعد الناس في إعمار بيوتهم"، قال يوحنا يوسف توما، الشماس (خادم الكنيسة) في كنيسة السريان الكاثوليك في قره قوش.

وسط غياب الإحصاءات الرسمية، يقول يوحنا لموقع (ارفع صوتك) إن أربعة آلاف عائلة عادت إلى قره قوش و225 إلى كرمليس و620 إلى برطلة منذ تحريرها وحتى الآن، والجميع بحاجة إلى الخدمات لمواصلة حياتهم. 

ويضيف يوحنا "ما يحدث هو أن جهود الكنيسة محدودة أيضا. وتتعاون مع جهات دولية عدة مثل منظمةAid to the Church in Need  (الإغاثة للكنائس المحتاجة) لسد الاحتياجات. لكن هذا أيضاً لا يكفي".   

الأمان؟

على الرغم من تواجد عناصر الشرطة الاتحادية في المدينة، إلا أن عدداً كبيراً من الأهالي يخافون من رحلة العودة.

"يوجد عناصر لميليشيات مسلحة حول المدن وهذا يخيفنا، فكيف نعود"؟ يقول نمرود قاشا لموقع (ارفع صوتك) وهو نازح في أربيل من الحمدانية. ويحكي الرجل المتقاعد "هذا لا يعني إن حياتنا خارج منازلنا سهلة فنحن ندفع مبالغ كبيرة للبيوت التي نستأجرها في مناطق النزوح. راتبي التقاعدي مثلاً لا يتعدى 225 دولاراً في الشهر وأدفع 400 دولار شهريا".

ويتحدث الرجل بأسى عن ذكريات عيد الميلاد، وكان آخرها في 2014 "لا يوجد لدينا أي عيد. الآن عيد الميلاد هو كأي يوم آخر".

البنى التحتية

أما بالنسبة لأولئك الذين عادوا، فتطبع حياتهم تحديات من نوع مختلف. أبرزها البنى التحتية التي كانت معطلة حتى قبل داعش. "وأبرزها مشروع مياه الصرف الصحي وهذا أكبر من التحديات الاقتصادية" قال وسام نوح لموقع (ارفع صوتك) وهو من النازحين العائدين إلى قرقوش.

ويضيف وسام "صحيح إن البيوت مهدمة ومحروقة بسبب داعش، لكننا نحتاج للفرح بالعيد".

وفي العيد الأول للمسيحيين العائدين إلى مناطقهم، تقتصر مظاهر العيد على تزيين المناطق السكنية فقط، حسب وسام.

بانتظار مؤتمر المانحين

من جهتها، تسعى الحكومة المحلية إلى احتواء هذه المشكلات. فلضبط الناحية الأمنية مثلاً، يتم التنسيق بين عناصر الشرطة وعناصر تابعة للحشد الشعبي حسب مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، دريد حكمت.

ويؤكد دريد لموقع (ارفع صوتك) أنه "لم تثر أي قضية حتى الآن بخصوص الناحية الأمنية. إلا باستثناء بعض الحالات الفردية".

أما عن البنى التحتية فيؤكد المسؤول الحكومي أن مشاريع إعادة الإعمار ستبدأ عقب مؤتمر المانحين المقرر عقده في الربع الأول من العام المقبل في الكويت.

من جهة أخرى، يدعم رجال دين مسيحيون عودة النازحين من أبناء طائفتهم إلى مناطقهم بطرق مختلفة. فقد دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم مار لويس روفائيل ساكو في أكثر من مناسبة للابتعاد عن المواضيع التي قد "تربك جهود الاعمار" والتواصل مع السياسيين وإلى الوحدة الوطنية بين المكونات المختلفة.

 ومن ناحية أخرى، تبرع بابا الفاتيكان فرانسيس بريع سيارة لامبورغيني، بيعت بالمزاد العلني، إلى جمعيات خيرية عراقية لتساعد في إعادة بناء المنازل والكنائس في محافظة نينوى.

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

مدخل كنيسة مار ماري الكلدانية في بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية
مدخل كنيسة مار ماري الكلدانية في بغداد/وكالة الصحافة الفرنسية

بقلم إلسي مِلكونيان:

تستعد الطائفة الكلدانية في العراق كسائر المسيحيين في العالم للاحتفال بـ"أحد الشعانين" الأحد، 9 نيسان/أبريل، كما جرت العادة قبل أن يسيطر تنظيم داعش على المناطق التي تسكنها غالبية أبناء هذه الطائفة.

ويعيش الكلدانيون في العراق رغم التحديات الكثيرة التي تواجههم، فهم يعتبرونه وطنهم الأصلي وتمتد جذورهم فيه إلى آلاف السنين. ولهم نشاط سياسي واجتماعي وحضور ثقافي كغيرهم من المجموعات الإثنية والمذهبية في البلاد.

تاريخ عريق

ظهر الكلدانيون في العراق منذ عام 539 ق.م. في منطقة تدعى "كلديا" جنوب بابل. ومنها أخذوا لقب "الكلدانيين". وكان لهم ملوك حكموا بلاد ما بين النهرين، ومن أبرزهم نبوخذ نصر.

دخلوا الديانة المسيحية ويتبعون الكنيسة الكاثوليكية، وحافظوا على لغتهم الكلدانية التي يتحدث بها الكهنة أثناء القداديس ضمن الكنيسة حتى وقتنا الحاضر.

التمسك بالأرض والهوية

وتعرض الكلدانيون كغيرهم من الأقليات الدينية والقومية غير المسلمة إلى اضطهاد وانتهاكات وتهجير بسبب التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، مما اضطر غالبيتهم للفرار.

وفي ظل غياب الإحصاءات الرسمية حول عدد الكلدانيين المقيمين في العراق حالياً، يقدر مار لويس ساكو بطريرك الكلدان في العراق والعالم إن عددهم يبلغ ما بين 300-350 ألف شخص بعد أن كان عددهم قبل عام 2003 يتراوح بين 700 ألف إلى مليون شخص، وهم يشكلون 70 في المئة من مسيحيي العراق.

وبعد تحرير غالبية المناطق التي كان يسكنها المسيحيون في سهل نينوى من داعش، بدأ بعض الكلدان وغيرهم من المسيحيين بالعودة.

ويقول ساكو لموقع (إرفع صوتك) "قدمنا للكلدانيين وغيرهم من المسيحيين وحتى المسلمين مساعدة مالية بالتعاون مع أبرشيات المهجر لمساعدتهم على تصليح أثاث منازلهم وما تكسر منه من أبواب وشبابيك بالإضافة إلى المساعدة الغذائية".

وهم الآن يتجهون إلى تلّسقف وباقوفا وبطنايا والتي دمر داعش حوالي 80 في المئة منها. ولكن الناس لا يزالون يترددون في العودة إلى قره قوش وكرمليس وبرطلة بسبب التوتر الأمني في المنطقة.

ويتابع ساكو قائلاً "لا يمكننا التدخل في قرار الناس إن أرادوا الهجرة. لكن إحصائية أخيرة أجريناها على الكلدانيين أفادت بأن 80 في المئة منهم يريدون العودة إلى مناطقهم ولا يفضلون المغادرة".

حراك سياسي

وفي عام 1999، أسّس الكلدان "حزب الاتحاد الديموقراطي الكلداني" في إقليم كردستان العراق، وذلك لأن حراكاً سياسياً كهذا كان محظوراً في بغداد أيام حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، حسب ما يقول مؤسس الحزب أبلحد أفرام ساوا لموقع (إرفع صوتك).

ويقول ساوا "ما دفعني إلى تشكيل هذا الحزب هو وجود فراغ لكيان كلداني سياسي يدافع عن حقوق الكلدان ويحافظ على هويتهم القومية التي تمكنا من تثبيتها في الدستور العراقي". ويتابع "وفعلاً نجحنا بعد 2003 في تأسيس كيان في بغداد توسعنا فيه حتى أسسنا فروعاً في المهجر، أي في دول أوروبا وأميركا وأستراليا، ونحن مستمرون في نشاطنا على كافة الأصعدة".

ويشير ساوا إلى أن تحديات الحزب حالياً تتمثل في هجرة الكلدان المستمرة من العراق "والتي تقدر بنسبة 50-55 في المئة منهم وضعف الإمكانات المادية التي تحد الحركة والتوسع". ويضيف "نخشى على مستقبل الكلدانيين والمسيحيين بشكل عام من التطرف الديني والفساد المستشري في العراق".

المحافظة على الهوية في بلاد المهجر

وأسّس الكلدانيون في العراق والمهجر جمعيات وفرق مجتمعية غير حكومية لمواصلة الأنشطة والحفاظ على الروابط الاجتماعية فيما بينهم. ومثال على ذلك، جمعية "نجم المشرق" في فيينا و"المجلس الكلداني العربي الأميركي" في ولاية ميشيغن الأميركية.

وتسعى أيضاً هذه الجمعيات للحفاظ على اللغة الكلدانية أيضاً وتعليمها للأجيال الجديدة ومثال على ذلك، قيام الرابطة الكلدانية في ولاية ميشيغن الأميركية بالتعاون مع مؤسسة التراث الكلداني بتعليم اللغة الكلدانية في مدرسة ابتدائية كاثوليكية.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659