علم قوس قزح الذي يتخذه المثليون رمزا لهم
علم قوس قزح الذي يتخذه المثليون رمزا لهم

صنعاء - غمدان الدقيمي

لا يتحرج الشاب اليمني العشريني محمد عبده من الاعتراف بميوله الجنسية المثلية، لكنه يقول إنه مضطر لكتمان هذا الأمر عن كثيرين، من ضمنهم أفراد أسرته، في بلد محافظ دينيا واجتماعيا.

"كثيرون من المثليين في اليمن تعرضوا لابتزاز مادي وجسدي، واعتداءات بالضرب والقتل، واغتصاب جماعي وفردي، بسبب ميولهم الجنسية"، قال عبده (27 عاما).

وأضاف الشاب الذي يعمل مبرمجا للكمبيوترات في محل خاص يقع جنوبي صنعاء "كثيرون من الناس يصدمون عندما يسمعون بكلمة مثلي، وبمجرد معرفتهم أنك كذلك يعتبرونك شخصا مريضا".

اضطرار للزواج

يعتبر محمد أنه يمارس حياته بشكل طبيعي ويقول "نجحت في التكيف مع ذلك، سواء في الملبس أو الجنس، لكن للأسف مستحيل أن أمتلك حريتي في أن يكون لدي شريك من جنسي أعيش معه في بيت واحد".

ويشير إلى أنه سيضطر في نهاية المطاف للزواج من فتاة بحكم عادات وتقاليد المجتمع، رغم اعتقاده بأن مصير هذا الزواج سيكون الفشل.

ومع ذلك، لا يخفي قوله إن هناك حالات كثيرة لارتباط رجل برجل في العاصمة اليمنية صنعاء "لكن بسرية تامة".

وطن بديل

في منتصف عام 2011، أنشأ مثليون يمنيون "صفحة وطن بديل لكل المثليين في اليمن" على فيسبوك، دعوا عبرها المثليين اليمنيين إلى الظهور "بصورة راقية تعكس الاعتزاز بمثليتهم وانتمائهم للوطن"، حسب قولهم، رافعين شعار "فقط بالحب نبني الوطن".

ويقول محمد عبده، وهو أحد المشرفين على الصفحة "هدفنا توعية المثليين جنسيا، والدفاع عن حقوقهم كونهم لا يريدون سوى العيش بسلام".

ويضيف "دائما نتلقى رسائل خاصة معظمها انتقادات وتهديدات بالقتل ولعن وسب".

يقدر محمد عبده عدد المثليين المتفاعلين مع الصفحة بأكثر من 2000 شخص، لكنه يتوقع أن الرقم "أكبر من هذا لأن كثيرين من المثليين لا يستخدمون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي".

آراء وقصص

نادرا ما يشاهد في اليمن مثليون جنسيون يعلنون هويتهم صراحة في الأماكن العامة. لكن حامد أحمد، وهو شاب يمني ثلاثيني، يؤكد أنه صادف أكثر من مرة شبابا مثليين يتناولون الشاي في مقاه شهيرة بمنطقة التحرير، وسط صنعاء.

كثيرون يرفضون الميول الجنسية المثلية في اليمن ويتهجمون على أصحابها، ومنهم مجد علي، وهو شاب يمني في نهاية العقد الثالث من العمر ويرى أن "المثليين جنسيا أشخاص كافرون، ومن الوقاحة السماح لهم بالمجاهرة بمثليتهم".

تضييق واسع

يشرع اليمن قتل المثليين جنسيا، ومع ذلك لم يسجل تنفيذ أية عقوبة إعدام بسبب هذا النوع من العلاقات الجنسية فيها خلال العقد الأخير، حسب منظمات حقوقية محلية ودولية.

كما لم تسجل السلطات القضائية اليمنية محاكمة متهمين بقضايا من هذا النوع في الفترة الأخيرة، وفقا لمصدر في وزارة العدل بالعاصمة صنعاء.

ووفقا لقانون العقوبات اليمني، يحكم على الرجال المتزوجين بالإعدام رجما إذا أقاموا علاقات جنسية مثلية، ويجلد العازبون أو يسجنون لمدة عام.

وتواجه النساء في حال ممارستهن علاقات جنسية مثلية عقوبات بالسجن تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات.

ولكن رجال الدين في اليمن غير متسامحين مع هذه الظاهرة. وقال رجل الدين اليمني الموالي لجماعة الحوثيين يونس المنصور، وهو عضو في دار الإفتاء في صنعاء، إن الموقف الديني واضح في هذا الجانب ويحرم المثلية الجنسية التي تسمى "اللواط والسحاق".

وأضاف المنصور، وهو أحد كبار علماء الزيدية في اليمن، "صحيح أن كلمة مثلية لم تذكر في القرآن، لكن هذا لا يعني أن الإسلام لا يرفضها. المثلية أساسا مصطلح غربي لا نعترف به".

وأكد أنه "لا ينبغي أن تكون الحرية الفردية منافية لقيم وأخلاق المجتمع"، مطالبا بإنزال "العقوبة الشرعية" بحق المثليين.

تنتقد منظمات حقوقية دولية دولا عربية بينها اليمن تحظر هذا النوع من العلاقات الجنسية. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها إن "القمع لن يلغي مثليي الجنس، بل سيديم الخوف وسوء المعاملة".

خاص بموقعي الحرة وارفع صوتك

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.