بغداد – دعاء يوسف:
احتدمت المشاكل بين لمياء الرشيد وطليقها. وجدت السيدة صعوبة في تقبل حياتها الجديدة كامرأة وحيدة. ورغم أنها لم تكن من المؤمنين بالعلاجات الروحانية، إلا أنها قررت اللجوء إليها على أمل أن تعيد إليها زوجها السابق الذي لم يكن يريدها.
انضمت لمياء إلى مجموعة مغلقة على موقع فيسبوك تحت مسمى "روحانيات العراق". تصف الصفحة نفسها بأنها متخصصة في إبطال السحر والمس وجلب الحبيب وغيرها من الأمور.
هذه الصفحة ليست الوحيدة، إذ تنتشر صفحات كثيرة أخرى في نفس المجال تقريبا، بعضها أكثر تخصصا "لحل مشاكل المطلقات والعوانس" مثلا.
بعد أن تواصلت لمياء مع القائمين على الصفحة ووثقت بهم إلى حدٍّ ما، لم تتردد في إرسال تفاصيل عن بياناتها الشخصية (عمرها، عنوانها، رقم هاتفها المحمول، بطاقة هويتها).
الخطوة الثانية كانت استجابة لمياء لطلب القائمين على الصفحة بأن ترسل تسجيل فيديو تتحدث فيه عن مشكلتها بالكامل لكي يعرضها مسؤولو الصفحة على معالج مختص ويرتبوا موعدا لتلتقي به السيدة.
وكانت هذه بداية الابتزاز.
سحرة فيسبوك
بعدما أرسلت لمياء التسجيل إلى الصفحة وهي تتحدث عن رغبتها بالعودة لطليقها وطلبها المساعدة لذلك، بدأت تتعرض من مجهولين للتهديد والابتزاز.
تقول المستشارة القانونية نوال الشمري، التي تولت قضية لمياء، "لقد كانت تتلقى رسائل واتصالات تهددها بنشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وفضح محاولاتها لسحر زوجها".
شعرت المرأة بالخوف، وبالفعل فتحت حسابا مصرفيا وأرسلت لمبتزيها ما فرضوه من مبالغ مالية كان بقدرتها توفيرها. لكن عندما بدأت المبالغ المالية تتزايد، تواصلت مع الشمري لحل القضية.
وتشير القانونية إلى أنها استطاعت الوصول إلى مبتزي لمياء بعد معاناة وحلّت القضية سلمياً خوفاً على سمعة الضحية لأنها كانت مذعورة من أهلها وطليقها، وخاصة أنهم من عشيرة محافظة وقد ينتقمون منها.
وتقول الشمري إن هذه الصفحات صارت مسرحا لجرائم النصب والاحتيال.
وتضيف "كثيرات يستجبن لطلبات وأوامر تتعلق بالمعالجين الروحانيين أو السحرة لتحقيق رغباتهن، وتوجد منازل ومكاتب يتواصل أصحابها مع المستهدفين وتحديدا النساء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية".
وتقول الشمري إن معظم هذه القضايا لا يتم التبليغ عنها، ولا توجد إحصائية رسمية خاصة بها، لأن غالبية الضحايا من النساء اللواتي يعاقبهن المجتمع والعشيرة بدلا من المحتالين والنصابين.
"جلبها للعار يضمن سكوتها وربما إلى الأبد خوفاً من الفضيحة التي تدفع أهلها أو عشيرتها لغسل عارها أو قتلها" تؤكد.
انتشار غير مسبوق
وقد كشف مجلس محافظة بغداد في تصريح سابق أن العاصمة قد شهدت مؤخراً انتشارا غير مسبوق لظاهرة فتح مراكز الشعوذة والدجل والتنجيم والعرافة وقراءة الطالع والسحر والتنويم المغناطيسي، تحت عناوين العلاج الروحاني وغيرها.
وأشار المجلس إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لهذه المراكز.
ويقول الناطق الرسمي لوزارة الداخلية وعمليات بغداد سعد معن "مؤخرا باشرت وزارة الداخلية العراقية بإغلاق مراكز الشعوذة والسحر العلاج الروحاني في بغداد".
ويضيف "هذه المراكز عمدت إلى افتتاح مواقع إلكترونية واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) لاستدراج المواطنين والنصب عليهم".
لكن عصابات إلكترونية نجحت بالفعل في تنفيذ عمليات نصب واحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت نساء يقبلن على بيوت العرافة وقراءة البخت والطالع ببغداد، حسب الناطق.
ويشير معن في حديث لموقع (ارفع صوتك) إلى أن وزارة الداخلية العراقية تسعى الآن لتكثيف جهودها في مكافحة الجرائم الإلكترونية، خاصة التي يتعلق منها بجرائم النصب والاحتيال والابتزاز، "إذ تمكنت الوزارة في الأسبوعين الماضيين فقط بالحكم على 52 قضية إلكترونية تعلق عدد منها بهذه المراكز أيضا".
في اللحظة الأخيرة
أسماء عارف شابة في الـ29 من عمرها، كانت أيضا على وشك أن تقع ضحية هذه الصفحات.
عانت أسماء من صعوبات في إيجاد فرصة عمل تتوافق مع مهاراتها، وبدافع اليأس، تواصلت مع إحدى هذه الصفحات.
طلبت صاحبة الصفحة أو التي تتولى مهمة الإشراف عليها من أسماء إرسال بعض المعلومات وصورة خاصة لترتيب موعد مع المعالج الروحاني الذي سيساعدها بحل مشكلتها.
وعن ذلك تقول أسماء "لا أعرف.. شعرت بعدم الراحة آنذاك، رغم أنني قد وعدتها بتجهيز المعلومات والصورة وإرسالها. ولكنني تجاهلتها، بالفعل انشغلت بعيدا بأمور أخرى. والآن أشعر أن ما قمت به هو الصواب".
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659