أحمد بدر خلال ورشة عمل (الصورة من صفحة Narratio على فيسبوك)
أحمد بدر خلال ورشة عمل (الصورة من صفحة Narratio على فيسبوك)

المصدر: موقع الحرة

قبل أكثر من 10 سنوات، تعرض منزل أحمد بدر في بغداد لهجوم مسلح. عندها، قررت عائلة الطفل الذي لم يكن قد تجاوز الثامنة من عمره مغادرة العراق. والآن، بعدما استقرت الأسرة في الولايات المتحدة، قرر أحمد مساعدة الشباب بطريقته الخاصة.

غادرت أسرة أحمد بدر الذي أصبح الآن بعمر 19 عاما العراق عام 2006 إلى سورية بحثا عن الأمان. لكن رغم توافر الأمن بسورية في ذلك الوقت، واجهت الأسرة صعوبات اقتصادية.

كان والد أحمد يعمل مهندسا مدنيا، وكان يعود إلى موطنه الأصلي من حين إلى آخر لمتابعة بعض أعماله ولزيارة العائلة الكبيرة التي ظل عدد من أفرادها داخل العراق.

في إحدى المرات التي قصد فيها العراق، نصحه سائق الحافلة التي تقله من سورية بالتقدم إلى أحد برامج إعادة التوطين التابعة للأمم المتحدة. أخذ والد أحمد بالنصيحة، وبعد شهور من إجراء المقابلات، وبينما كان أحمد في منزل العائلة بسورية، فجأة وجد أمه تصرخ قائلة "أصبح لدينا تذاكر للولايات المتحدة". انتقل أفراد العائلة إلى أميركا كلاجئين.

استقر المقام بأحمد هناك بعد أن قضت أسرته حوالي عامين ونصف العام في سورية، وفي بلاد العام سام، تمكن أحمد من التأقلم مع الحياة الجديدة، دون أن ينسى هويته.

لم تغب عن ذهن المراهق العراقي حادثة تفجير منزله، وخلال المرحلة الثانوية، قرر مشاركة قصته مع الآخرين من خلال مدونة شخصية أنشأها. وجد أحمد اهتماما بقصته، وساهم انتشارها في "تغيير الصور النمطية والاتجاهات السلبية" حول اللاجئين، حسب روايته.

عند هذه النقطة كانت كتاباته فقط عن نفسه وعن قصة اللجوء. ولكنه سأل نفسه: لماذا لا أساعد الآخرين من خلال الكتابة؟

لتحقيق هذا الغرض أنشأ أحمد موقع narratio وهو عبارة عن منتدى عام يهدف إلى "تمكين الشباب" من خلال الكتابة. أراد الشاب العراقي مساعدة الآخرين بإتاحة مجال عام لهم للتعبير عن أنفسهم من خلال الأعمال الإبداعية مثل سرد القصص والصور والشعر.

ليس هذا فحسب. ينظم أحمد أيضا أيضا ورش عمل لتعليم الشباب كيفية التعبير عن أنفسهم من خلال الكتابة.

لمشاهدة مجموعة من الصور عن ورش العمل التي نظمها أحمد بدر، اضغط هذا الرابط

يؤمن العراقي الشاب، الذي يدرس في السنة الأولى بجامعة ويسليان في ولاية كونيتيكت علم الأنثروبولوجيا، "أننا يمكن أن نتحد باختلافاتنا تماما كما نتحد بالأشياء المتشابهة". ويرى أن سرد القصص يساعد على توحيد البشر.

المدونة، بحسب أحمد الذي تحدث مؤخرا في أحد لقاءات TED talks، أصبحت تضم أكثر من 40 مساهما من أكثر من 13 دولة يشاركون بشكل دوري في محتواها من خلال سرد القصص والصور والشعر:

​​

أشار أحمد خلال اللقاء إلى صورة تظهر آثار الدمار الذي حل بمنزله عندما فجره مسلحون، وقال إن هذه الصورة بمثابة "تذكرة" له.

عندما ذهب إلى العراق قبل حوالي عامين للزيارة، شعر أحمد بالذنب حين قابل أقاربه الذين يعيشون هناك، وشعر بالمسؤولية تجاه حوالي 18 مليون عراقي عمرهم أقل من 19 عاما.

يرغب أحمد في أن يخصص لهؤلاء المساحة لمشاركة تجاربهم الشخصية، ويرى أن إسهام مدونته في ذلك "خطوة في الطريق الصحيح".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.