منفذ الشلامجة الحدودي بين العراق وإيران
منفذ الشلامجة الحدودي/وكالة الصحافة الفرنسية

البصرة- مشعل العبيد:

دخل آلاف العراقيين إلى محافظتي عبادان والمحمرة (خرمشهر) الإيرانيتين بعد قرار إيراني بالغاء التأشيرة لهاتين المحافظتين المحاذيتين للبصرة، فيما أعلن القنصل الايراني أحمد سياهبوش إن حكومته بانتظار قرار عراقي مماثل.

وما إن بدأ تطبيق القرار في العاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٧ بدأت الأعداد بمستويات عدة يحددها رئيس لجنة المنافذ الحدودية في مجلس محافظة البصرة مرتضى الشحماني:

الأول يكون في الأيام الاعتيادية من تسعمئة إلى ألف وخمسمئة مسافر عراقي يخرجون يوميا إلى عبادان والمحمرة.

الثاني فيكون خلال أيام العطل وفيه يصل عدد المسافرين من ألف وخمسمئة إلى أربعة آلاف مسافر عبر منفذ الشلامجة.

الثالث وفيه يسافر من 700 إلى 800 مسافر في اليوم الواحد بسبب الامتحانات الخاصة بالطلبة في كل المراحل، فأغلب من يسافر بعد تطبيق القرار هم من فئة الشباب.

 

ايران تنتعش

وترجمت مؤخرا هذه المستويات الثلاثة لسفر العراقيين إلى إيران من خلال حركة كبيرة شهدتها الأسواق في  مدينة المحمرة (خرمشهر)، كما يقول علي عبد الوهاب، وهو رجل من عرب المدينة الإيرانية وفي العقد الخامس من عمره، مؤكدا إن محل الحلويات الذي يعمل به قام بتشغيل عاملين لوجبة ليلية ثالثة بعد توافد العراقيين إلى مدينته.

ويؤكد ان استمرار هذا القرار سيعود بمنافع كبيرة لأسواق المدينتين الايرانيتين (المحمرة وعبادان) وسيحرك سوق العمل الراكد فيها خصوصا انهما ليستا مدينتين سياحيتين مثل بعض المدن الإيرانية الأخرى.

 

"وناسة" بعيدا عن دخان النفط والعشائر

"التسوق غايتنا الأولى و "الوناسة"  وتغيير مزاجنا بعيدا عن مدينة النفط والدخان والخدمات غير الجيدة" حسب ما يقول مصطفى حمود لموقعنا، مضيفا "لن نصرف كثيرا من الأموال لوجود أقارب لنا هناك نسكن عندهم وهم يأخذوننا إلى أماكن جميلة قلما نجدها في مدينتنا التي ماتت من الملح والتلوث والمشاكل العشائرية وغير ذلك".

وفضلا عن تلك الأسباب فالطريق بين البصرة والمحمرة لا تتجاوز ثلاثة أرباع الساعة مع تأخير بسيط في المنفذ الحدودي بسبب الاجراءات الاعتيادية حسب قول الشاب البصري عبد الله حسن، والذي وصف لنا حركة السفر إلى تلك المدينتين الإيرانيتين بـ"المذهلة والتي سهّلت الذهاب إلى الأسواق ومراجعة الأطباء وزيارة أماكن جديدة بعيدا عن ازدحام البصرة وجوّها المغبر..

ولسائق التكسي علاء القطراني الذي يسكن في قضاء شط العرب شرق البصرة، سبب لسعادته فقد تحرك عمله بين مركز البصرة ومنفد الحدود بالشلامجة ، فحركة النقل مستمرة وعلى مدار الساعة بين مناطق البصرة والحدود وهذه تزيد من دخله اليومي.

فكرة ذكية ..

"ما فعلته إيران فكرة ذكية لتنمية مدينتي المحمرة وعبادان" بما ستعود به زيارات العراقيين من منافع اقتصادية خصوصا إن آلافا منهم اصبحوا ينفقون أموالهم في أسواق المدينتين ومتنزهاتهما وعيادات الاطباء والمراكز التجارية والأماكن الترفيهية فيهما.

ويقول المحامي علي حسن " تخيّل لو ان دول الجوار الأخرى تفتح حدودها بطريقة مشابهة لما فعلته إيران، فأي تبعات اقتصادية كارثية ستكون على العراق وأي خطأ اقتصادي فادح سينعكس سلبا على الحركة في أسواق البصرة تحديدا".

وهناك من يرى تأثيرات "إيجابية" للخطوة الايرانية على الجانب العراقي فضلا عن "السلبية" بحسب التدريسي والباحث في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة البصرة وائل قاسم:

التأثيرات السلبية:

أولا: على الميزان التجاري الذي يميل لصالح الجانب الإيراني لوجود ضعف بإنتاج السلع وفي الجودة، فسيصبح هناك ركود لبعض السلع المنتجة في العراق مقارنة مع ايران من ناحية السعر والجودة بالإضافة الى الخدمات بجميع أنواعها.

ثانيا: على الميزان النقدي والمتمثل بسعر صرف العملة حيث سيكون لصالح ايران باعتبار انه سيكون هناك تسريب للعملة الصعبة إلى المدن الايرانية.

التأثيرات الايجابية:

سيكون للمستهلك العراقي أو البصري فرصة في الحصول على سلع وخدمات منافسة للمحلية وفيها معايير جودة والتكلفة تكون أقل من فرق تصريف العملة.

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.