مدينة سامراء والحضرة العسكرية في مركزها/ارفع صوتك
مدينة سامراء والحضرة العسكرية في مركزها/ارفع صوتك

صلاح الدين- علي عبد الأمير و هشام الجبوري:

ينوي البرلمان العراقي التصويت على مشروع قانون "سامراء عاصمة الثقافة الاسلامية"، لما تتمتع به هذه المدينة من موروث ديني وحضاري، فهي كانت عاصمة الدولة العباسية، أضافة الى انها تضم مرقدي الإمامين (علي الهادي والحسن العسكري) وهو ما يعني مئات الآلاف من الزائرين سنويا، إلا إن المدينة تفتقر إلى الكثير من الخدمات، ومن أهمها الفنادق.

 

مشروعات لم تر النور

ويتحدث مسؤولون حكوميون عن "مخطط جديد" لسامراء المدينة أضافة الى المدينة الاثرية فيها يتضمن بناء فنادق عصرية تستوعب الزائرين الذين يقصدون المدينة أضافة الى أنها ستكون الواجهة لمشروع سامراء عاصمة الثقافة الاسلامية و"نحن بانتظار إقرار القانون من قبل البرلمان أضافة إلى تخصيص الأموال اللازمة لذلك" كما يوضح رئيس لجنة الاستثمار في مجلس محافظة صلاح الدين، ضياء حميد الباز.

وكما ذريعة الوضع الأمني في العراق جاهزة لتغطية التقصير في الخدمات والفشل في الإعمار منذ العام 2003، يقول رئيس المجلس المحلي لقضاء سامراء، عمر محمد حسن، "الجانب الأمني عطّل كثيرا أنشاء مشاريع خدمية في المدينة القديمة ومنها الفنادق السياحية لاستيعاب الزوار ".

كانت موجودة؟

لكن قائمقام سامراء، محمود خلف، يقول أن فنادق سامراء كانت موجودة لغاية أحداث تفجير المرقدين   2006، الأمر الذي فرض إجراءات أمنية على المنطقة القديمة مما أدى إلى "عزلها وهجرة الزائرين لها وتركها من قبل ملاكها، وبسبب قدم تشييدها أصبحت آيلة للسقوط وتحتاج إلى هدم وبناء وهذا ما يتطلب وجود مشاريع استثمارية كبيرة تعيد فتح الفنادق المتوقفة عن العمل منذ 12 عاما".

لكن المستثمرين متخوفون من الإقدام على مشروعات كهذه " بسبب الوضع العام الذي تعيش به البلاد أضافة الى غياب الرؤيا الاستثمارية من قبل حكومة صلاح الدين فضلا عن التراشق باتهامات الفساد بين أركان تلك الحكومة.

 

أهالي سامراء: ندفع الثمن

ومن بين الإجراءات الأمنية في مركز سامراء، أغلاق السوق القديم ، وهو ما جعل عاملين وحرفيين ومنهم  أبو عبدالله، صاحب محل يستغيث قائلا "بسبب الأعمال الإرهابية التي حصلت في المدينة قبل أكثر من 9 سنوات أصبحنا شبه مشردين وسعينا لإيجاد أماكن بديلة، إلا إنها لم تكن مثل محلاتنا السابقة".

مواطن سامرائي آخر يرى إن مدينته "مشلولة اقتصاديا، بسبب الخناق التي تفرضه الحواجز الكونكريتية"، مطالبا بتخفيف حدة الإجراءات الأمنية المتبعة كي تدب الحياة في المدينة لا سيما بعد العراق رسميا انتصاره على الإرهاب  .

 

زيارة سامراء ترهقنا

وبالرغم من إن المدينة يقصدها مئات آلاف الزائرين من داخل البلاد وخارجها، غير إن مصاعب جمة تعترضهم بسبب عدم وجود فنادق لاستقبالهم، وهو ما يعني العودة إلى مدينة الكاظمية  ببغداد التي تبعد أكثر من 100 كم عن المدينة.

عزت أصفي وهو مواطن ايراني يزور الأضرحة الدينية في سامراء قال لموقعنا "لو كان هناك فنادق في المدينة لكان عدد الزائرين أكبر وهذا ما يجلب لها مردودا أكبر"، أما المواطن البحريني رضا الحسيني، فقال "سامراء مدينة مميزة تجعلك تنتقل إلى عالم آخر لكنها فقدت رونقها بعد العام 2006 مما جعلها تفتقد للكثير من المرافق الخدمية ومنها الفنادق وهذا ما جعلنا نضطر للمبيت في بغداد".

مرهق هذا الطريق

و لا تبدو الشكوى من غياب الفنادق، وقفا على الزائرين الأجانب، فالبصري محمد الشمري يشكو السفر من مدينته إلى سامراء في نحو يزيد على عشر ساعات و"هذا ما يجعل الزائر يصل مرهقا فهو يحتاج إلى فندق لنيل قسط من الراحة قبل التوجه إلى الضريح".

 

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.