الكولونيل ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف ضد داعش/تنشر باذن خاص
الكولونيل ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف ضد داعش/تنشر باذن خاص

الاعتداء الذي ضرب ساحة الطيران في العاصمة بغداد والذي راح ضحيته 26 شخصاً وأصاب 91 آخرين، أتى بعد شهور قليلة من إعلان "النصر على الإرهاب" الذي أعلنه رئيس الوزراء حيدر العبادي.

فماذا يفعل هذا البلد الذي حارب تنظيم داعش على مدى السنوات الثلاث الماضية إذن لتحقيق الاستقرار الأمني لمواطنيه؟ ومن يساعده في ذلك؟

المتحدث باسم التحالف الدولي ضد داعش، الكولونيل راين ديلون، الذي ساند القوات العراقية في معركتها ضد التنظيم المتشدد، يوضح لـ(ارفع صوتك) الدور الذي يلعبه التحالف لدعم الاستقرار في العراق في فترة ما بعد داعش... من خلال هذا الحوار التالي:

استفاقت بغداد، الأحد، على تفجير انتحاري مزدوج أصيب فيه عشرات الأشخاص ـ ولم يمض إلا بضعة شهور على تحرير البلاد من داعش، هل تعتقد أن خلايا التنظيم النائمة قد نشطت مجدداً؟

بداية، نحن نستنكر الاعتداء السافر الذي وقع في بغداد في الأمس، ونتقدم بالتعازي لأهالي الضحايا. ولكن هذا الاعتداء يُظهر أن خطر الإرهاب ما يزال قائماً حتى بعد تحرير المناطق من تنظيم داعش الذي لم يعد مسيطراً على أراضٍ شاسعة كما في السابق. حدث هذا، مع أن القوات الأمنية العراقية تواصل العمليات العسكرية وتبحث بضراوة عن الجيوب المتبقية لداعش، فعثرت مرات عدة على أكوام لأسلحة متفجرة وأحزمة ناسفة في كافة أنحاء البلاد، وعلى الأخص في نينوى والأنبار وبغداد.

في 2014 القوات العراقية لم تكن على استعداد وتدريب كبيرين للتصدي للإرهاب. فكان الطريق مفتوحاً أمام الدواعش ليتوسعوا في سيطرتهم على مناطق شاسعة. ما هو الدور الذي ستقومون به لتمكين القوات العراقية بحيث لا يتكرر ما حدث في 2014 في المستقبل؟ خاصة بعد أن أعلنتم أنكم ستقومون بتخفيض عدد القوات الأميركية في العراق خلال الشهور المقبلة؟

في 2014 كانت القوات العراقية متخصصة أكثر بمقاومة الشغب أو التمرد، فعندما ظهر داعش كقوة قتالة تقليدية بمدرعات وذخيرة لم يكن العراقيون على استعداد لمواجهتهم. أما الآن فقد تغيير الوضع إذ اكتسبت القوات العراقية الدراية الكاملة في القتال خاصة بعد معارك الموصل، ما منحهم الثقة بقدراتهم.  

الآن ومع انخفاض وتيرة المعارك الكبيرة ضد الإرهاب، لم يعد هناك داعٍ لوجود قوات عسكرية.. بالتالي سنقوم بتخفيض عدد القوات في العراق لتقتصر على وجود استشاريين- ولا يمكنني أن أصرح عن عدد الاستشاريين الآن، لأننا مستمرون بالتنسيق مع المعنيين في الحكومة العراقية لنحدد الاحتياجات اللازمة في المستقبل ولنحدد أيضاً الدور الذي يمكن أن نلعبه لمساعدتهم. نقاشاتنا لم تخلص إلى نتائج بعد لكن شركاءنا في قوات التحالف هم أيضأ معنية بأمور تدريب وتمكين القوات العراقية أيضاً وستواصل عملها.

وأود أن أركز هنا على انعكاسات ما قامت به قوات التحالف على مشهد الاستقرار الأمني في البلاد على المدى الطويل. فقد وفرنا مختلف أنواع العتاد والتدريب لفائدة 129 ألف عنصر من كل أطياف القوات الأمنية العراقية منذ بداية عمليات التحالف في العراق، حيث شمل التدريب قوات الشرطة والجيش والقوات المسلحة وحرس الحدود وقوات الحشد العشائري وقوات البشمركة وبشكل متواصل حتى الساعة.

ماذا يفعل التحالف لضبط الأوضاع في المناطق الحدودية مع سورية غرب العراق حيث تتواجد قوات الحشد الشعبي؟

نحن نعمل في العراق من خلال القوات الأمنية العراقية والحكومة العراقية. لكن هناك مكونات لا يمكننا التعامل معها. وأخص بالذكر تلك الفصائل التي يشتبه بعلاقتها بانتهاكات حقوق الإنسان أو علاقتها بأي نوع من المنظمات الإرهابية أو حتى حكومة إيران. لذا نلتزم بقانون يمنعنا من تدريب جماعات يتطلب العمل معها تدقيقاً أمنياً مكثفاً (لأنه مشكوك بولائها).

بالتالي، لا يمكنني القول إننا نقوم بتدريب العراقيين في المنطقة الحدودية مع سورية بهدف درء خطر الإرهاب وضبط الحدود، لأن العراقيين مدربون فعلاً وهم على كفاءة عالية في الوقت الحالي إذ أثبتوا قدرتهم على خوض كبرى المعارك لوحدهم. وبعد التجربة التي اكتسبوها في معارك الموصل انتقلوا إلى الحويجة وتلعفر غرب الأنبار.

القوات العراقية هي من قام بالتخطيط وإدارة كل شيء، قمنا نحن فقط بمساعدتهم بكل ما كان ينقصهم، وإمكانياتهم آخذة بالتحسن مع الوقت. وأخص بالذكر أن القوات العراقية هي من قام بكامل المهمات والقتال ضد داعش من البداية للنهاية.

وماذا عن المناطق التي تحررت من داعش، هل تقومون بتقديم دعم أمني معين لمساعدة النازحين على العودة؟ حيث أنهم يتخوفون من وجود خلايا إرهابية نائمة.

 نقدم للقوات العراقية الدعم فقط وهي المعنية بضبط الأوضاع في المناطق المحررة. ونلمس تحسناً في هذا الشأن، حيث أعلنت منظمة الهجرة الدولية في تقرير أخير أن عدد العائدين ولأول مرة قد فاق عدد النازحين وهذه إشارة إلى أن النازحين يجدون طريقهم للعودة إلى ديارهم. حيث بلغني منذ يومين أن محافظ الأنبار قد أعلن أن 85 في المئة من نازحي المحافظة قد عادوا منازلهم. ومن جانبنا سنقوم بتقديم الدعم الاستخباراتي لشركائنا لنساعدهم في تحديد مواقع الخطر كي لا يتكرر مستقبلاً ما حدث في بغداد بالأمس.

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.